غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

الحسن بن الربيع

          248 # الحَسَنُ بنُ الرَّبيع، أبو علي البُورَانِيُّ _بضمِّ الموحَّدة(1)_ البَجَلِيُّ _بفتح الموحَّدة والجيم_ أبو عليٍّ الكوفيُّ.
          ثقة.
          (سمع): أبا الأَحْوص سلاَّم بن سُلَيم.
          روى عنه: البخاريُّ، من غير واسطة، في بَدء الخَلق مرَّتين [خ¦3208] [خ¦3291] ، وفي تفسير { إِذَا جَاء نَصْرُ اللهِ }[خ¦4967]، وفي النِّكاح [خ¦5175] .
          مات سنة عشرين(2) أو إحدى وعشرين _في شهر رمضان_ ومئتين.
          قال الحَسَنُ بنُ الرَّبيع: قدمتُ بغداد، فلمَّا خرجتُ شيَّعني أصحابُ الحديث، فلمَّا برزتُ إلى خارج، قالوا لي: قِفْ، فإنَّ أحمد ابن حنبل (يجيء). فوقفت، فجاء أحمد، فأخرج ألواحَهُ، وقال: يا أبا عليٍّ، أَمْلِ(3) عَليَّ وفاةَ عبدِ الله بن المبارَّك. فقلت: مات سنة إحدى وثمانين. فقيل لأحمد: ما تريد؟ قال: أُرِيْهِ الكذَّابين.
          قلت: مرادُه أنَّ الحسنَ ثبتٌ ثقةٌ(4) ، مثل أحمد يأخُذُ عنه، ويَرُدُّ به على الكذَّابين.
          قال أبو حاتم: هو ثقة، وكنتُ أحسب أنَّه مكسور العُنُقِ، لا يرتفع رأسُه، حتَّى قيل [لي] : إنَّه لا ينظر إلى السَّماء.
          قلت(5) : وكم أناسٍ ما رفعوا رؤوسهم إلى السَّماء، منهم: عَطَاءُ السُّلَمِيُّ، فإنَّه _كما قال الغزاليُّ في إحيائه(6)_: ما رفع رأسَه إلى السَّماء أربعين سنةً، وحانت منه التفاتةٌ، فوقع مغشيًّا عليه، ظهر فيه انفتاق.
          قال الزَّمخشَريُّ _في كشَّافه، في آخر سورة آل عمران، وفي النَّصائح الصِّغار(7)_: املأْ(8) عينَيك من زينة هذه الكواكب، وأَجِلْهُمَا في جملة هذه العجائب، متفكِّراً في قدرة مقدِّرها، متدبِّراً / حِكَمَ مُدَبِّرها، قبل أن يسافر بك القَدَرُ، ويُحال بينك وبين النَّظر.
          حُكي أنَّ الرَّجل من بني إسرائيل كان إذا عَبَدَ الله ثلاثين سنةً، أظلَّته سحابة، فَعَبَدَهَا فتىً من فتيانهم، فلم تظلَّه السَّحابة، فسأل أمَّه، فقالت: لعلَّ(9) فَرْطَةً فَرَطَتْ منك(10) في مُدَّتِك. قال: ما أذكُرْ. قالت: لعلَّك نظرتَ إلى السَّماء مرَّة، ولم تَعتَبِر. قال: لعلَّ. قالت: فما أُتِيْتَ إلَّا من ذلك. قاله الزَّمَخشَريُّ، والنَّسَفيُّ(11) .
          وصلَّى سُفيانُ الثَّوريُّ خلْفَ المقام ركعتين، ثمَّ رفع رأسَه إلى السَّماء، فلمَّا رأى الكوكب غُشي عليه، وكان يبول الدَّم من طول حزنه وفكرته(12) .
          قال النَّبيُّ صلعم: «بَينا رَجلٌ مُستَلقٍ على فراشه، إذ رفع رأسَه، فنظر إلى السَّماء، وإلى النُّجوم، فقال: أَشهَدُ أنَّ لكِ [ريًّا] خالقاً، اللَّهمَّ اغفِرْ لي. فنظر الله إليه، فغفر له». قاله جارُ الله العَلَّامة(13) .


[1] تقدَّم في (ن) هنا قول الحسن بن الربيع الأتي بعد ذكر سنة موته، وأرجأته كما في غير (ن) لأنه أليق بالسياق.
[2] سقطت (عشرين) من (س).
[3] في (ن) تصحيفاً: (أهل) وجاء فيها (أريد الكذابين) بدل أريه الكذابين.
[4] في غير (ن) (ثقة ثبت).
[5] في (ن) (وقلت).
[6] 6/122.
[7] الكشَّاف:1/452- 453.
[8] في (ن) تصحيفاً: (إلا).
[9] في (ن) تصحيفاً: (لعلي).
[10] في غير (ن) (منك فرطت).
[11] انظر الكشَّاف:1/452- 453، وتفسير النَّسفيِّ:1/ 198.
[12] في (ن): (وفطرته).
[13] الكشَّاف:1/454، والحديث أخرجه ابن أبي الدُّنيا في حُسن الظَّنِّ بالله، برقم: (106)، وإسناده ضعيف.