غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

الحر بن قيس

          230 # الحُرُّ بنُ قَيْس.
          ممَّن تكرَّر ذِكرُه في البخاريِّ [خ¦74] ، وإن لم يكن من شيوخه، فأحببتُ ذِكرَه.
          وهو فَزَارِيٌّ، وهو أحد الوفد الذين قدموا على رسول الله صلعم مَرْجِعَهُ من تَبوك، وهو الذي خالَفَ ابنَ عبَّاس في صاحب موسى.
          وكان الحُرُّ من جلساء عمر، ومن الذين يُدْنِيهم عُمر، وكان القُرَّاءُ أصحابَ مجلس عمر ومشورته، كُهُولاً كانوا أو شبَّاناً، فقَدِم على الحُرِّ عمُّه عُيَينةُ بنُ حِصْن الفَزَاريُّ، وكان من العرب الجُفاة، وقال لابن أخيه: أَرَى لك وجهاً عند هذا الأمير _يعني عُمرَ ☺_ فاستَأْذِنْ لي. قال: أخاف أن تتكلَّم بما لا يحتمل(1) . قال: كلَّا. فاستأذن الحُرُّ لعُيينة، فأذن له عمر، فلمَّا دخل، قال: هِيْ يا ابنَ الخطَّاب! لا تُعطينا الجَزْلَ، ولا تحكم بيننا بالعَدل. فغضب عمرُ حتَّى هَمَّ أن يوقع به، فقال الحُرُّ: يا أميرَ المؤمنين! إنَّ الله تعالى قال: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } [الأعراف:199] ، وهذا من الجاهلين. فوالله ما جاوزها عمرُ حين تلا، وكان وقَّافاً عند كتاب الله.
          قال ابن الأثير(2) : كان للحُرِّ ابنٌ شِيْعِيٌّ، وابنة حَرُورِيَّة، وامرأة معتزلة(3) ، وأخت مُرْجِئَة، فقال لهم الحرُّ: أنا وأنتم كما قال الله تعالى: { وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا } [الجن:11] ، أَيْ: أهواء مختلفة.


[1] في غير (ن): (يحتمله).
[2] أسد الغابة:1/578.
[3] كذا في جميع النسخ والجادَّة (معتزليَّة).