غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

الحسن بن أبي الحسن

          264 # الحَسَنُ بنُ أبي الحَسَن _واسمه: يَسَار، بتقديم التَّحتيَّة على المهملة_ التَّابعيُّ، الأنصاريُّ، الشَّهير بالبصريِّ.
          ثقة، فقيه، فاضل، مشهور، وكان يُرسِل كثيراً، [قيل: كان يُدلِّس] . روى البَزَّارُ: كان يَروِي عن جماعةٍ لم يَسمع منهم، فيتجوَّز ويقول: حدَّثَنا وخَطَبنا، يعني قومَه الذين حُدِّثوا وخُطِبوا بالبصرة.
          وبالجملة: هو سيِّد الزُهَّاد، والعُبَّاد، والعلماء، والفصحاء، رَأْسُ الطَّبقة الثَّانية.
          مولى زيد بن ثابت، ويقال: مولى جابر بن عبد الله. وقيل: مولى امرأة من بني سَلِمَةَ.
          وكان أبو الحسن مولى أبي اليَسَر _بفتحتين في التَّحتيَّة المثنَّاة [والمهملة_ ابن عمرٍو الأنصاريِّ] ، وكانت أمُّ الحَسَن مولاةَ أمِّ سَلَمَة، واسمها خَيْرَة، وكانت خَيْرَةُ ربَّما غابت لبعض شأنها، فيَبكي الحسنُ، فتُعطيه أمُّ سلمة أمُّ المؤمنين ثَدْيَها؛ تعلِّله بذلك إلى أن تجيءَ أمُّه، فيدرُّ عليها ثديُها بقدرة الله، فيشرب منه، فيَرَون أنَّ تلك الحكمةَ والفصاحةَ من بَرَكة ذلك اللَّبَن.
          وللحسن أَخَوان: سعيد وعَمَّار، ابنا أبي الحسن، وكان عَمَّار من البَكَّائين، حتَّى صار في وجهِه خَدَّان(1) من البكاء.
          وكان الحسن من سادات التَّابعين وكبرائهم، / جمع كلَّ فنٍّ، من علم وزهد وورع وعبادة.
          ونشأ بوادي القُرى، وكان من أجمل أهل البصرة، حتَّى سقط عن دابَّته، فحدَث بأنفِه ما حدَث، وحكى الأصمعيُّ، عن أبيه أنَّه قال: ما رأيتُ أعرضَ زَنْداً من الحسن، كان عرضُه شِبراً.
          وكلامه كلُّه حِكْمَة(2) ، فمن كلامه: ما رأيتُ يقيناً لا شكَّ فيه أَشبهَ بشكٍّ لا يقينَ فيه إلَّا الموت. وكان يقول: إذا شَرِب القلبُ حُبَّ الدُّنيا، لم تَنْجَعْ فيه المواعظ، كالجسد إذا استحكَم فيه الدَّاءُ، لم يؤثِّر فيه الدَّواء.
          وسأل رجلاً: كيف أَصبَحَتْ(3) حالُك؟ قال الرَّجل: بخير. فقال: هل جَاوزتَ الصِّراط؟ قال: لا. قال: فما أَعلَمُ أحداً بخير إلَّا الذي جازَ الصِّراطَ.
          ورأى قوماً يضحَكون يومَ العيد، فقال: إنَّ الله جعل شهرَ رمضان مِضْمَاراً _يعني مَيداناً_ لخَلْقِه يَستَبِقون فيه لطاعَته، فسَبَق أقوامٌ ففَازوا، وتخلَّف أقوامٌ فخَابوا، فالعَجَبُ كلُّ العَجَب للضَّاحك اللَّاعب في اليوم الذي فازَ فيه المُسارِعون، وخاب فيه المُبْطِلون، أَمَا واللهِ، لو كُشِفَ الغِطاء، لاشتَغَل المُحسنُ بإحسانِه، والمُسيء بإساءته.
          قال حجَّة الإسلام الغزاليُّ(4) : يعني: سرور المقبولِ يشْغَله(5) عن اللِّعب، وحسرةُ المردود تسدُّ بابَ الضَّحك.
          قال الحسن: ما نعلَم عملاً أشدَّ من مُكابدة اللَّيل، ونفقة هذا المال. وقيل له: ما بال المتهجِّدين أحسنُ النَّاس وجوهاً؟ فقال: لأنَّهم خَلَوا بالرَّحمن، فألبسهم نوراً. وقال له رجل: يا أبا سعيد، إنِّي أَبِيت مُعافًى، وأُحِبُّ قيامَ الليل، وأُعِدُّ طَهوري، فما لي لا أقوم؟ قال: ذنوبُك قيَّدَتْك.
          قلت: ويدلُّ لصدق قول الحَسَن: إنَّهم أُلبِسوا نوراً. قولُ بعضهم: مَن قام باللَّيل حَسُنَ وجهُه بالنَّهار. وقد قال الله تعالى: { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ } [الفتح:29] . وما أحسنَ قولَ بعضهم _من البحر الوافر_:
أَتَاكَ العارِفون بكلِّ معنًى                     أَصابوا البابَ مفتوحاً عبورا
إذا ما اللَّيلُ أَغْلَقَ كلَّ بابٍ                     وأَسبلَتِ المُلوكُ لها سُتُورا
تجلَّى ذو الجَلالِ لكلِّ داع                     يُلَبِّيهم ويُعطيهم سُرورا
          قال ابن خَلِّكان(6) : رأى الحسن البصريُّ رجلاً وَسيمًا حسنَ الهيئة، فسأل عنه، فقيل: إنَّه يَتَمَسْخَرُ للمُلوك، ويَحْبُونه. فقال: لله دَرُّه(7) ! ما رأيتُ أحداً أطلبَ للدُّنيا بما يُشبِهها إلَّا هذا.
          وكان في جنازة، وفيها نوائح، ومعه رجل، فهمَّ الرَّجل بالانصراف، فقال [له] الحسن: إن كنتَ كلَّما رأيتَ قبيحاً، تركتَ له حَسَناً، / أَسْرَعَ ذلك في دِينك.
          قال الكِرْمانيُّ(8) : قال الحسن: غَزَونا خُراسانَ ومَعنا ثلاثُ مئةٍ من أصحاب رسول الله صلعم. وكان كثيرَ العلم، فصيحاً، قدم مكَّة فأَجلسوه على سَرِيْرٍ(9) ، واجتَمع عليه النَّاس، فحدَّثهم، فقالوا: لم نَرَ مثلَه قطُّ.
          وكان فيمَن أتاه مُجاهد(10) ، وعَطاء، وطاووس، وعَمْرو بن شُعيب.
          قال أيُّوب: كان الرَّجل يجلس إلى الحسن ثلاث سنين، فلا يسأله عن شيءٍ؛ هيبةً له.
          قال الرَّبيع بن أنس: اختلفتُ إلى الحسن البصريِّ عشر سنين، أو ما شاء الله، فما من يوم إلَّا وأَسمعُ منه ما لم أَسمع منه قَبلَ ذلك.
          قال ابن سعد: كان الحسن جامعاً، عالماً، رفيعاً، [فقيهاً، ثقةً، مأموناً، عابداً ناسكاً] ، فصيحاً، [جميلاً] وَسيمًا، كثيرَ العلم.
          قال حُمَيْد، ويونسُ بن عُبيد: رأَينا الفقهاءَ، فما رأَينا فيهم أَجْمَعَ من الحَسَن.
          قال أبو قَتَادة: الزَمُوا الحَسَن، فما رأيتُ رجلاً أشبهَ رأْياً بعمر بن الخطَّاب منه.
          [قال الكِرْمانيُّ(11) : يُحكى أنَّ رجلاً من البصرة قدم مكَّة حاجًّا، فجلس في مجلس عطاء بن أبي رباح، فقال: سمعت الحسن يقول: من كان فيه ثلاث خصال لم أتحرَّج أنْ أقول إنَّه منافق. فقال له عطاء: إذا رجعت إلى الحسن فقل له: إنَّ عطاء يُقرِئُك السَّلام ويقول لك: ما تقول في بني يعقوب إذ حدَّثوا فكذبوا، ووعدوا فأخلفوا، وائْتُمِنوا فخانوا، أكانوا منافقين؟! فلمَّا قال هذا للحسن، سُرَّ الحسن به، وقال: جزاك الله خيراً. ثمَّ قال لأصحابه: إذا سمعتم منِّي حديثاً فاصنعوا(12) مثل ما صنع أخوكم، حدِّثوا به العلماء، فما كان منه صواباً فحَسَن، وإن كان غير ذلك فرُدُّوا عليَّ جوابه.
          ثمَّ نقل الكِرْمانيُّ جواب الإشكال عن الحديث عن ابن عمر وابن عبَّاس من أنَّهما سألا رسول الله صلعم، فقال: «ما لكم ولهنَّ؟» أمَّا قولي: إذا حدَّث كذب فذلك فيما أنزل الله { وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } [المنافقون:1] ، وأمَّا: إذا وعد أخلف، فذلك في قوله تعالى: { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ } [التوبة:77] ، وأمَّا: إذا ائْتُمِن خان، فذلك فيما أنزل الله تعالى: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ } الآية [الأحزاب:72] ، وأنتم بَرَاء من ذلك]

          أَجْمَعَ الأمَّةُ على جَلَاله، وعِظَم قَدْره، علماً، ودِيناً، ودعاءً إلى الخير.
          حُكي(13) أنه صلَّى مرَّةً خلفَ حَبيبٍ العَجَمِيِّ _وكان من الأولياء، كان يُصلِّي، كما قال القُشَيريُّ(14) ، الصَّلاةَ بمكَّة وهو قاطِنٌ بالبصرة_ وكان حَبيبٌ فيه لُكْنَةُ العَجَم، فسمعَه الحَسَنُ يقرأ القرآنَ، وليس فصاحته كفصاحته، فانفرد وصلَّى وحده، فنُودي أن: يا حَسَن، كانتَ لك عندنا صلاةٌ بواسطة الحَبيب، أمَا(15) تعلَم أنَّ الحَبيبَ حبيبٌ، نحن إنَّما ننظر إلى القلوب، لا إلى الألسُن. فجعل الحَسَنُ بعد ذلك يتحسَّر على ما فاتَه.
          قيل: إنَّ الحَسَنَ البصريَّ أيضاً كان ممَّن يصلِّي الصَّلوات بمكَّة.
          وكان أبوه من سَبْي مَيْسَانَ _بفتح الميم، وسكون المثنَّاة التَّحتيَّة، وفتح المهملة_ بلدةٌ بأسفل البصرة.
          ومولد الحسن لسنتين بَقِيتا من خلافة عمر ☺، سنة إحدى وعشرين.
          قيل: وُلد (أوَّلاً) على الرِّقِّ، وكان أوَّلاً كاتباً للرَّبيع بن زياد الحارثيِّ، والي خُراسان من جهة عبد الله بن عامر، في عهد معاوية، وخرج من المدينة عام صِفِّين، واحتلَم قبلَه بسنةٍ، قاله الكَلَاباذيُّ(16) ، وقال _نقلاً عن شُعبة_: إنَّه لم يَسمع الحسنُ من سَمُرَةَ بنِ جُنْدُب.
          وكان أَحبَّ النَّاس إليه ابنُ سِيْرِين، وكذلك هو، كان أحبَّ النَّاسِ إليه الحَسَنُ، فوقع أخيراً بينهما، حتَّى ما(17) شهد ابنُ سِيرين جنازةَ الحسن، ومات ابنُ سِيْرِيْنَ(18) بعدَه بمئة يوم، كما سيجيء.
          وكان شديداً على الجبابرة، حليماً على أهل الله.
          روى حجَّة الإسلام الغزاليُّ(19) : أنَّ الحجَّاج بن يوسف دعا بفقهاء البصرة وفقهاء الكوفة، فدخلوا عليه، ودخل الحسن في آخِر مَن دخل، فقال الحَجَّاج: مرحباً بأبي سعيد، إِليَّ إليَّ. ثمَّ دعا بكرسيٍّ، فوُضِع إلى جَنْبِ سريره، فقعد / عليه، فجعل الحَجَّاجُ يذاكرهم ويسائلهم، إذ ذَكَر عليَّ بن أبي طالب، فنال منه، ونال القوم معه؛ مُعاوَنةً له(20) ، وفَرَقَاً من شرِّه، والحسن ساكت، عاضٌّ على إبهامه، فقال الحَجَّاج: يا أبا سعيد، ما لي أراكَ ساكتاً؟ فقال: ما عَسَى أن أقول؟ فقال: أَخبرني برأيك في أبي تُراب. يعني عليًّا، قال: سمعتُ الله تعالى يقول: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ } إلى قوله { رَّحِيمٌ } [البقرة:143] ، فعليٌّ ممَّن جعله الله تعالى من أهل الإيمان، فأقول: ابنُ عمِّ رسول الله صلعم، وخَتَنُه على ابنته، وأحبُّ النَّاس إليه، وصاحبُ سَوابقَ مباركاتٍ، سَبَقَتْ له من الله تعالى، لن تستطيع أنتَ ولا أحدٌ من النَّاس أن يُحصيَها عليه، ولا يحول بينها وبينه، وأقول: إنَّه لِعَليٍّ هنَّاتٌ، وإنَّ الله حَسيبُه، واللَّهِ ما أَجِد فيه قولاً أعدلَ من هذا. فتغيَّر وجه الحَجَّاج، وقام عن السَّرير مغضَباً، ودخل بيتاً خلفَه، وخرجوا. قال عامر الشَّعْبِيُّ: فأخذتُ بيد الحَسَن، فقلت: يا أبا سعيد، أغضبتَ، وأوغرتَ صدره. قال: إِليكَ عنِّي يا عامر، يقول النَّاس: عامر الشَّعْبِيُّ عالمُ أهل الكوفة. أتيتَ شيطاناً من شياطين الإنس تكلِّمه بهواه، فتعاونه في رأيه(21) ، ويلك يا عامر! هلَّا اتَّقيت إذ سُئلت، فصَدَقْتَ، أو سَكتَّ فَسَلِمْتَ؟ قال عامر: قد قلتُها، وأنا أعلَم بما فيها. قال الحسن: فذاكَ أعظَمُ في الحُجَّة عليك، وأشدُّ في التَّبِعة.
          قلت: وستسمع في ترجمة الشَّعْبِيِّ [عامر] مثلَ هذه الحكاية مع عُمر بن هُبَيْرة.
          قال أبو حامد الغزاليُّ(22) : بعث الحَجَّاجُ إلى الحسن، فدخل عليه، فقال: أنتَ الذي تقول: قتلَهم الله؛ قتلَوا عِبادَ الله على الدِّينار والدِّرهم؟ قال: نعم. قال: ما حَمَلك على هذا؟ قال: ما أخذَ الله على العلماء من المواثيق: { لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } [آل عمران:187] . فقال: يا حسن، أَمسِكْ لسانَك، وإيَّاك أن يبلُغَني ما أكرَه، فأُفرِّق بين رأسك وجسدك.
          قال الزَّمَخشريُّ في كشَّافه _في قوله تعالى: { وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ } [الحجرات: 11] من سورة الحجرات [خ¦11](23) _: عن الحَسَن، في ذكر الحَجَّاج: أَخرَج إلينا بَنَاناً قصيرةً، قَلَّما(24) عَرَقت فيها الأَعنَّة في سبيل الله، ثمَّ جعل يُطَبْطِبُ شُعَيراتٍ له _يعني شاربَه_ ويقول: يا أبا سعيد، [يا أبا سعيد] .
          ولمَّا مات الحجَّاجُ قال الحَسَن: اللَّهمَّ، أنت أَمتَّه، فاقطع سُنَّته؛ فإنَّه أتانا أُخَيْفِشَ أُعَيْمِشَ، يخطُر في مِشْيته، ويصعد المنبر حتَّى تفوته الصَّلاة، / لا مِن الله يتَّقي، ولا من النَّاس يستحي، فوقَه الله، وتحتَه مئة ألف أو يزيدون، لا يقول له قائل: الصَّلاةَ أيُّها الرجل! الصَّلاةَ أيُّها الرَّجلُ!(25) هيهات هيهات، دون ذلك السَّيف والسَّوط.
          قال ابن خَلِّكان _في ترجمة الحجَّاج_(26) : إنَّه لمَّا مرض، شَكَى ما يجِده إلى الحسن البصريِّ، فقال له: قد نهيتُك أن(27) تتعرَّض إلى الصَّالحين، فلجَجْتَ. فقال له: يا حسن، لا أسألك أن تسألَ الله أن يفرِّج عنِّي، ولكنِّي(28) أسألُك أن تسألَه أن يعجِّل قَبضَ روحي، ولا يطيلَ عذابي. فبكى الحسن بكاءً شديداً.
          وكان بكَّاءً ☺ تسبق عبرتُه كلامه.
          قيل ليونس بن عُبيد: أتَعرف أحداً يعمل بعمل الحسن البصريِّ؟ فقال: واللهِ ما أعرف أحداً يقول بقولِه، فكيف يعمل بعمله؟! ثمَّ وصَفه، فقال: كان إذا أَقبَل، فكأنَّه أقبَل من دَفْن حَميمٍ، وإذا جلس، فكأنَّه أسيرٌ أُمِرَ بضَرب عُنقِه، وإذا ذُكرت النَّار، فكأنَّها لم تُخلَق إلَّا له.
          قال ثابت البُنَانِيُّ: انصرفتُ من جنازة الحسن، فقلت لبنتي: واللهِ ما رأيتُ جنازةً قطُّ اجتمَعَ فيها من النَّاس مثل ما اجتمَع في جنازة الحَسَن، واللهِ إنَّه كان أهلاً لذلك. قال: فقالت بنتي: يا أَبتِ، ما ذاكَ إلَّا لسَتر الله عليه. قال ثابت: فواللهِ لصَغُرَتْ نَفْسي.
          وبالجُملة: فمناقبة كثيرةٌ ظاهرة للنَّاس في حياته ومماته، فمماته(29) كحياته، وحياتنا كالممات، يا ليت لو كان كذلك، فإنَّ الميِّت لم يَبقَ يَكسب خطيئةً، وشتَّان بين الفريقَين، ولله درُّ القائل _من البحر البسيط_(30) :
ما أَبْيَنَ البَيْنَ بينَ قَومٍ                     ظُنُّوا يَقَاظَى وهم رُقُودُ
وبَيْنَ أَيقَاظِ عَصْرِنا ذا                     فإنَّ أَيقاظَهُم هُجُودُ
بل لو يُعَدُّون في انعدامٍ                     ساغ وإنْ ضَمَّهم وُجُودُ
          حدَّث الحَسَنُ عن: أبي بَكْرَةَ، وعمر بن تغلِب(31) ، ومَعْقِل بن يَسَار، وجُنْدُب بن عبد الله، وعبد الرَّحمن بن سَمُرة، وأنس بن مالك، وسَمُرَةَ بنِ جُنْدُب. قاله الكَلاباذيُّ(32) ، ومرَّ نقلاً عنه، عن شعبة: أنَّه أنكر سماعَ الحسن من(33) سَمُرَةَ.
          روى عنه: أيُّوب السَّخْتِيَانِيُّ، ويونسُ، وابنُ عَوْنٍ، وقَتَادةُ، وجَرِيْرُ بنُ حازم، وقُرَّةُ بن خالد، وعوف، وزياد الأَعْلَم.
          روى عنه البخاريُّ في مواضع، أوَّلها: في باب المعاصي من أمر الجاهليَّة(34) ، من كتاب الإيمان [خ¦31] .
          توفِّي ☺ في رجب، سنة عشر ومئة، عن تسع وثمانين سنة.


[1] كذا في أصولنا، وفي الهداية والإرشاد:1/ 167: (جُحْرَان)، وكذلك في تهذيب الكمال:6/97.
[2] في غير (ن): (حِكَم).
[3] سقطت (أصبحت) من (ن) ومن (س) والمثبت من (ه).
[4] إحياء علوم الدين:1/236.
[5] في غير (ن): (شغله).
[6] وفيات الأعيان:2/72، وفيه: يسخر للملوك.
[7] في (ن) تصحيفاً: (در أبوه) وفيها (ما رأيت أحداً طلب الدنيا).
[8] شرح البخاريِّ:1/ 142.
[9] تصحَّف في (ه) إلى:(سرائر).
[10] في (ن): (مجاهداً).
[11] شرح صحيح البخاري:1/149. وسقط من (ن) قوله: (فجلس في مجلس عطاء بن أبي رباح) واستدركت منه.
[12] تصحَّفت في (ن) إلى:(فأصغوا).
[13] سقطت (حكي) من (س).
[14] الرِّسالة القُشيريَّة: ص583.
[15] تصحَّفت في (ن) إلى:(ما).
[16] الهداية والإرشاد:1/167.
[17] تصحَّف في (ن) إلى:(حتى مات).
[18] في (ه) (ومات الحسن)، وهو خطأ محض.
[19] إحياء علوم الدين 2/346، وفيه (يحظرها) بدل (يحصيها).
[20] في (ن):(مقاربة له).
[21] في (ن):(فتقاربه في هواه).
[22] الاحياء:2/346.
[23] الكشاف:4/369، والخفش: صغر في العين، والعمش: ضعف الرؤية.
[24] في (ن) تصحيفاً:(فلما).
[25] تكرَّرت في (ن) و(س)، وهو موافق لما في الكشَّاف.
[26] وفيات الأعيان:2/53.
[27] في غير (ن):(أن لا).
[28] في غير (ن):(ولكن).
[29] في (ن) تصحيفاً:(فممتاته).
[30] هو من مخلَّع البسيط، والأبيات في الأنساب للسمعاني 4/373، وهي لعمر بن محمد الإمامي الجرجاني.
[31] في (ن) تصحيفاً:(ثعلب).
[32] الهداية والإرشاد:1/167.
[33] في الأصول:(عن) والتصويب لضرورة السياق.
[34] في باب {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}، وهي بعد الباب المذكور.