غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

الحكم بن عمرو

          289 # الحَكَمُ بنُ عَمْرو، الغِفَاريُّ، الصَّحابيُّ، هو أخو رافع بن عَمْرو.
          غلب عليهما هذا النَّسب إلى غِفَار، قال ابن الأثير(1) : وأهل العلم بالنَّسب يَمنَعون ذلك. هو: الحَكَمُ بن عَمْرو بن مُجَدَّع _بضمِّ الميم، وفتح الجيم، وشدَّة المهملة، آخرها مهملة_ من ولد مُلَيْلٍ(2) ، أخي غِفَار.
          قال الكَلاَباذيُّ(3) : يقال له: الحكم الأَقرع، وله أخٌ آخَر _غير رافع_ اسمه: عَطِيَّةُ بن عَمْرو، وكان مع الحَكَم بخُراسان في عسكره لمَّا كان الحَكَمُ والياً عليه(4) .
          قال: وأمُّه أُمامةُ(5) بنت عبد الملك بن الأَشَلِّ. سمع النَّبيَّ صلعم. وروى عنه أبو الشَّعْثَاء جابر(6) بن زيد، روى عنه البخاريُّ بالواسطة، في الذَّبائح [خ¦5529] ، وغيرها.
          قال ابن الأثير: صَحِبَ الحكمُ النَّبيَّ صلعم، حتَّى توفِّي النَّبيُّ صلعم، ثمَّ سكن البصرةَ، واستعمله زيادُ بن أبيه على خُراسان من غير قصدٍ منه لولايةٍ، إنَّما أَرسَلَ زيادٌ يَستدعي الحَكَمَ، فمضى الرَّسولُ غَلَطَاً منه، وأحضر(7) الحَكَمَ بنَ عَمْرو، / فلمَّا رآه زياد، قال: هذا رجلٌ من أصحاب النَّبيِّ صلعم. فاستعمله عليها، وغزا الكفَّار، فغَنِم غنائمَ كثيرةً، فكتب إليه زيادٌ: إنَّ أميرَ المؤمنين _يعني معاوية_ كتب أنْ: يَصطَفِي لي الصَّفْراء، فلا تقسم في النَّاس ذهباً ولا فضَّة. فكتب إليه الحَكَمُ: بلَغَني ما ذكرتَ من كتاب أمير المؤمنين، وإنَّه واللهِ لو أنَّ السَّماء والأرض كانتا رَتقاً على عبدٍ، ثمَّ اتَّقى الله ╡، جَعَل له مَخرجاً، والسَّلام. وقسم الفيءَ بين النَّاس، وقال الحكم: اللَّهمَّ إن كان لي عندك خيرٌ، فاقبِضْني إليكَ. فمات بخُراسان، أو بمَرْو، سنة خمسين، واستخلَفَ _لمَّا حضرته الوفاةُ_ أنسَ بن أبي إياس(8) .
          روى الحَكَمُ بن عَمْرو: أنَّ النَّبيَّ صلعم نَهَى عن فَضْل طَهُور المرأة(9) .
          وعن الحَسَن: أنَّ زيادً استعمَل الحَكَمَ بن عَمْرو الغِفَارِيَّ على البصرة، فلَقِيه عِمْرانُ بنُ الحُصَيْن في دار الإمارة بين النَّاس، فقال: أَتَدري فيمَ جِئتُك؟ أتذكُر أنَّ رسول الله صلعم لمَّا بلغه الذي قال له أمِيرُه: قُم فَقَعْ في النَّار. فقام الرَّجل ليقعَ فيها، فأُدرِك، فأَمسَك، فقال النَّبيُّ صلعم: «لو وَقَع فيها لدَخلَ النَّار». ثمَّ قال: «لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق»؟ قال: بلى. قال: إنَّما أردتُ أن أذكِّرَك الحديثَ(10) .
          وقد رُوِيَ أنَّ عِمْرانَ قال للحكم لمَّا وُلِّي خُراسانَ ذلك(11) .
          قال ابن الأثير(12) : وهو الصَّحيح؛ فإنَّ الحَكَمَ لم يَلِ البصرة لزيادٍ قطُّ.
          قال: وقد رُويَ أنَّ الحَكَمَ قال هذا الحديثَ لعِمْرانَ، والأوَّل أصحُّ وأكثر.
          قال: ورَوَى عنه الحَسَنُ، وابنُ سِيرين، وعبدُ الله بن الصَّامِت ابنُ أخي أبي ذَرٍّ، وَدُلَجَةُ(13) بن قَيس، وأبو حاجب، وغيرهم.
          قلت(14) : هؤلاء المذكورون كلُّهم من رجاله خارج الصَّحيح.
          قال الكَلاَباذيُّ أبو نَصر(15) : مات بعد بُرَيدةَ بمرو، في ولاية يزيد بن معاوية، وقال محمَّد بن سعد، كاتبُ الواقديِّ(16) : مات بخُراسان، في ولاية زيادٍ، سنة خمسين. وقد مَرَّ.


[1] أسد الغابة 2/51، وفيه: (من ولد نُعَيْلَةَ بن مُلَيلٍ، أخي غِفَار بن مُلَيلٍ)، وهو الصَّواب.
[2] في (ن) تصحيفاً: (صليك).
[3] الهداية والإرشاد:1/196، وقوله في آخر النصِّ: (وغيرها) ليس فيه، وهو الصَّواب؛ فليس للحَكم ☺ في الصَّحيح غير حديث واحدٍ في موضع واحد.
[4] في غير (ن): (عليها).
[5] في (ن) تصحيفاً: (أمانة).
[6] في غير (ن): (أبو الشَّعثاء وجابر)، وهو سبق قلم.
[7] في (س): (وأخص).
[8] كذا في الأصول وفي أسد الغابة: (أنس بن أبي أُناس).
[9] المسند (20657)، وأبو داود (82)، والتِّرمذي (64)، والنَّسائي (343)، وابن ماجه(373).
[10] المسند (20659)، والمعجم الكبير:3/ 211 برقم (3159)، والمستدرك:3/ 501 برقم (5870)، وعندهم: (استعمله على جيش).
[11] المسند (20653، 20654، 20656).
[12] أسد الغابة:2/52- 53.
[13] في الأصول جميعها: (وولجة) والمثبت من اسد الغابة.
[14] في (ن) تصحيفاً: (فكتب). وجاء فيها وفي (س): (هذا) بدل (هؤلاء).
[15] الهداية والإرشاد:1/196.
[16] الطبقات الكبرى:7/29، وفيها: في خلافة معاوية بن أبي سفيان.