تعليقة على صحيح البخاري

باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}

          ░31▒ (باب قَوْلِ اللهِ ╡ (1) : {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ...} [النساء:95]) إلى آخر الآية والحديث.
          [أعجب ما قيل: إنَّ جبريل صعِد وهبط في مقدار ألف سنة قبل أن يجفَّ قلمٌ؛ أي: بسبب أولي الضَّرر](2) ، وهذا يحتاج أن يكون جبريل يتناول ذلك من السَّماء الدُّنيا والأمر كذلك؛ لأنَّ القرآن نزل جملة إليها ليلة القدر، ثمَّ نزل بعدُ متفرِّقًا، وهو دالٌّ على أنَّ من حبسه العذر عن الجهاد وغيره من أعمال البرِّ مع نيِّته فيه؛ فله أجر المجاهد[والعامل؛ لأنَّ نصَّ الآية على المفاضلة بين(3) المجاهد](4) والقاعد، ثمَّ استثنى من المفضولين أولي الضَّرر، وإذا استثناهم منهم؛ فقد ألحقهم بالفاضلين، وأيَّده الشَّارع بقوله: «إنَّ بالمدينة أقوامًا ما سلكنا واديًا أو شعبًا إلَّا وهم معنا حبسهم العذر»، وكذلك كلُّ من يعمل شيئًا من الطَّاعات، ثمَّ حبسه مرض أو سفر أو غيره؛ أنَّه يُكتَب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم، وكذلك من نام عن حزبه نومًا غالبًا؛ كتب له أجر حزبه، وكان نومه صدقة، وهذا معنى قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين:6] أي: غير مقطوع بزمانة أو كبر أو ضعف، فيبلغ أجر العامل إذا كان لا يستطيع العمل الذي ينويه.


[1] كذا في النسختين، وهي رواية أبي ذرٍّ الهروي، وفي «اليونينيَّة»: (تعالى).
[2] ما بين معقوفين تكرَّر في (ب).
[3] في (أ): (من).
[4] ما بين معقوفين سقط من (ب).