تعليقة على صحيح البخاري

باب من قال: خذها وأنا ابن فلان

          ░167▒ (بابُ مَنْ قَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ فُلَانٍ).
          معنى (خُذْهَا): الرَّمية، وهي كلمة يقولها الرَّامي عندما يصيب؛ فرحًا، ولا بأس بالافتخار عند الرَّمي، والانتماء للقبائل، ألا ترى لمَّا غشيه المشركون(1) ؛ نزل فجعل يقول: «أنا النَّبيُّ لا كذب...» إلى آخره، وقد أعلم نفسه حمزة بن عبد المطَّلب يوم بدر بريشة نعامة، وأعلم نفسه أبو دجانة بعصابة بمحضر [رسول الله صلعم] ، وكان الزُّبير يوم بدر متعمِّمًا بعمامة صفراء، فنزلت الملائكة متعمِّمين بعمائمَ صفرٍ، في قوله تعالى: {بِخَمْسَةِ(2) آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:125] : أنَّهم أتوا محمَّدًا مسوِّمين بالصُّوف، فسوَّم محمَّد وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصُّوف، وكره آخرون التَّسويم والإعلام في الحرب وقالوا: فعل ذلك من الشُّهرة، فلا ينبغي للمسلم أن يشهر نفسه في خيرٍ ولا شرٍّ، وإن فعل الإنسان شيئًا لله تعالى؛ أن يخفيه عن النَّاس، فإنَّ الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السَّماء، والصَّحيح: لا بأس بالتَّسويم والإعلام في الحرب إذا أراد بذلك أن يشجِّع النَّاس.


[1] في (أ): (غشية المشركين).
[2] في النسختين: (في خمسة)، والمثبت موافق للتلاوة.