تعليقة على صحيح البخاري

باب السمع والطاعة للإمام

          ░108▒ (بابُ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلإِمَامِ ما لم يأمُرْ بِمَعْصِيَةٍ(1))؛ الحديث.
          وذلك أنَّه ╕ بعث علقمة بن مجزِّز المدلجيَّ في ثلاث مئة إلى الحبشة، فأمَّر عليهم عبد الله بن حذافة على بعض الجيش، فأجَّج نارًا وأرادهم على الوثوب فيها، فلمَّا بلغ ذلك رسول الله صلعم ؛ قال: «من أمركم بمعصية؛ فلا تطيعوه»، وكان في صفر بعد فتح مكَّة، فالإجماع قائم على وجوب(2) طاعة الإمام في غير معصية، وتحريمها في(3) معصية، وبه نطقت الأحاديث، وفيه: دليل أنَّ يمين المُكرَه غير لازمة، خلافًا لأبي حنيفة، وقد اختلف النَّاس فيما يأمر به الولاة من العقوبات: هل يسع المأمور فعل ذلك من غير ثبْت أو علم يكون عنده بوجوبها عليه؟ فقال مالك: إذا كان الإمام عدلًا؛ لم يسع مخالفته، وإن كان ظالمًا وثبت الفعل؛ جاز له ذلك، قال أبو حنيفة وصاحباه(4) : إنَّهم قالوا: ما أمر به الولاة(5) من ذلك غيرهم؛ يسعهم فعلهم، فيما كان ولايتهم إليه، قال محمَّد: لا يسع المأمور أن يفعله حتَّى يكون الأمر عدلًا، وحتَّى يشهد بذلك عدل سواه، إلَّا في الزنى، فلا يفعله حتَّى يشهد معه ثلاثة سواه.


[1] كذا في النسختين، وهي رواية أبي ذرٍّ الهروي عن الكشميهني، و(ما لم يأمُرْ بِمَعْصِيَةٍ): ليس في رواية «اليونينيَّة».
[2] زيد في (ب): (الإجماع)، ولعلَّه تكرار.
[3] (في): ليس في (ب).
[4] في النسختين: (وصاحبيه).
[5] في (أ): (للولاة).