الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أَحَابِستُنا هي؟

          3152- الثَّاني: عن عبد الرحمن بنِ القاسمِ عن أبيه عن عائشَةَ: «أنَّ صفيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ زوجَ النَّبيِّ حاضَت، فذُكر ذلك لرسول الله فقال: أَحَابِستُنا هي؟ قالوا: إنَّها قد أفاضَتْ، قال: فلا إذنْ». [خ¦1757]
          ولمسلم في حديث اللَّيثِ وسفيانَ وأيُّوبَ عن عبد الرحمن عن أبيه عنها بمعنى حديثٍ قبلَه، فيه: أنَّ عائشةَ قالت: «حاضَت صفيَّةُ بنتُ حُيَيِّ بعد ما أفاضَت، قالت عائشة: فذُكِرتْ حَيضتُها لرسول الله، فقال رسول الله: أحابِستُنا هي؟! قالت: فقلت: يا رسولَ الله؛ إنَّها قد كانت أفاضَتْ / وطافَت بالبيت ثم حاضَت بعد الإفاضةِ، فقال رسول الله: فلْتَنْفِرْ».
          وأخرجاه من حديثِ الزُّهريِّ عن أبي سلمةَ وعروةَ أنَّ عائشةَ قالت: حاضَت صفيةُ بعد ما أفاضَت... وذكرَ مثلَه. [خ¦4401]
          وفي حديث يونسَ عن الزهريِّ: طَمِثَتْ(1) صفيةُ بنتُ حُيَيٍّ في حجة الوداع بعدما أفاضت طاهراً.
          وأخرجاه أيضاً من حديث الأسودِ بنِ يزيدَ بن قيسٍ النَّخَعيِّ عن عائشَةَ قالت: «لمَّا أراد النَّبي أن يَنْفِرَ(2) رأى صفيةَ على باب خِبَائِها كئيبةً(3) حزينةً لأنها حاضت، فقال: عَقْرَى حَلْقَى!(4) _لغةٌ لقُريشٍ_ إنَّك لَحابِسَتُنا، ثم / قال: كنتِ أفَضتِ يومَ النَّحرِ؟ يعني الطَّوافَ، قالت: نعم، قال: فانْفِرِي إذنْ». [خ¦5329]
          وفي رواية حفصِ بن غياثٍ عن الأعمشِ أنَّ عائشةَ قالت: «حاضت صفيةُ ليلةَ النَّفْر فقالت: ما أُرَانِي إلَّا حابستُكم، فقال النَّبيُّ: عَقْرَى حَلْقَى، أطافت يومَ النَّحر؟! قيل: نعم، قال: فانْفِرِي». [خ¦1772]
          وفي حديث مُحاضِر بن المُوَرِّع نحوُه وزيادةٌ، وأوَّلُ حديثِه: «خرَجنا مع رسول الله لا نذكرُ إلَّا الحجَّ، فلما قدِمنا أمرَنا أن نَحِلَّ، فلما كانت ليلةُ النفْرِ حاضَت صفيَّةُ، فقال النَّبيُّ: حَلْقَى(5) عَقْرَى! ما أُراها إلَّا حابِسَتنا، ثم قال: كنتِ طُفت يومَ النَّحر؟ قالت: نعم، قال: فانْفِرِي. قلت: يا رسول الله؛ لم أكنْ أحلَلْتُ، قال: فاعتمري من التَّنعيم. فخرَج معها أخوها، فلقيناه مُدَّلِجاً، فقال: موعِدُكِ(6) مكانَ كذا وكذا». [خ¦1772]
          وأخرجاه من حديث أبي بكر بن محمَّد بنِ عَمرِو بن حَزْم عن عَمرَةَ بنتِ عبد الرحمن عن عائشَةَ إنَّها قالت لرسول الله: «يا رسولَ الله؛ إنَّ صفيةَ بنتَ حُييٍّ قد حاضت، فقال رسول الله: لعلها تحبِسُنا، ألم تكُن طافت معكُنَّ بالبيت؟ قالوا: بلى، قال: فاخْرُجْنَ». [خ¦328]
          وأخرجه البخاريُّ من حديث أبي داود عبد الرحمن بن هُرمُزَ الأعرجِ عن أبي سلمةَ بن عبد الرحمن أنَّ عائشة قالت: «حججنا مع رسول الله، فأفضنا يوم النَّحر، فحاضَت صفيَّةُ، فأراد النَّبي منها ما يريد الرجلُ من / أهله، فقلت: يا رسول الله، إنَّها حائض، قال: حابِسَتُنا هي؟ قالوا: يا رسول الله؛ أفاضَت يوم النَّحر، قال: اخرجوا». [خ¦1733]
          وأخرج مسلمٌ هذا المعنى بعينه من حديثِ محمَّد بن إبراهيمَ بن الحارثِ بن خالدٍ التَّيمي عن أبي سلمةَ عن عائشَةَ: «أنَّ رسول الله أراد من صفيَّةَ بعضَ ما يريدُ الرجلُ من أهلِه، فقالوا: إنَّها حائضٌ يا رسول الله؛ قال: وإنَّها لحابِسَتُنا. قالوا: يا رسولَ الله؛ إنَّها قد زارَت يومَ النَّحر، قال: فلْتَنِفِرْ معكم».
          فهذا متَّفقٌ عليه من تَرجمَتين.
          وأخرجه مسلمٌ وحدَه من حديث أفلحَ بنِ حُميد بن نافع عن القاسم بن محمَّد عن عائشَةَ قالت: كنَّا نتخوَّف أنْ تحيض صفيَّةُ قبل أن تُفِيض، قالت: فجاء رسول الله فقال: «أحابِسَتُنا صفيَّة؟ قلنا: قد أفاضَت، قال: فلا إذنْ».


[1] الطَّمْث: الحيض، يقال: طمِثت المرأة وطمَثت، وطمَثَ الرجلُ المرأةَ لا غير، وقيل: الطَّمْث المس، وذلك في كل شيء، قال ابن عرفة: ويقال: بعير لم يُطمَث أي لم يمسسه حبلٌ ولا رحل.(ابن الصلاح نحوه).
[2] النَّفْر من منى: الرجوع والانصراف، ويقال: إنَّ النَّفْر على أربعة أوجه: نفَرَ من الشيء ينفُر إذا انزعج منه وفرَّ، ونفَرَ بمعنى ورِم، يقال: نفرَت عينُه إذا ورمَتْ، ونفَرَ من حجِّه أي دفع وانطلق، ويكون بمعنى الغلبة، يقال: نافرتُه فنفَرْتُه أي غلبتُه.(ابن الصلاح نحوه).
[3] الكآبَة: الانكسار من الحزن، رجل كئيب وامرأة كئيبة، ويقال: كأْبة وكآبة مثل رأْفة ورآفَة.(ابن الصلاح نحوه).
[4] عَقْرَى حَلْقَى: فمعنى عقْرَى عقرها الله، وحلْقَى أي أصابها بوجع في حلقها، ظاهره الدعاء عليها وليس بدعاءٍ في الحقيقة، وهذا من مذهبهم معروف؛ قاله ابن الأنباري، وقال أبو عُبيد: صوابه عَقراً حلقاً على المصدر، يريد عقرها الله عقراً، وحلقها حلقاً، وقيل: إن عقرى حلقى أصوب؛ لأن المعنى جعلها الله عقرى حلقى، الألفُ ألف التأنيث بمنزلة غضبى وسكرى.(ابن الصلاح نحوه).
[5] صححها في (ابن الصلاح).
[6] في (ت): (فلقينا مُدَّلِجاً، فقال: موعِدُنا)، وما أثبتناه موافق لما في البخاري.