الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: كنت لك كأبي زرع لأم زرع

          3208- الثَّامنُ والخمسون: عن هشام بنِ عروةَ عن أخيه عبد الله بن عروةَ عن عائشَةَ إنَّها قالت: «جلست إحدى عشرةَ امرأةً فتعاهدْنَ وتعاقدْنَ ألَّا يَكتُمْنَ من أخبار أزواجِهنَّ شيئاً:
          قالت الأولى: زوجِي لحمُ جملٍ غَثٍّ على رأسِ جبل(1)، لا سَهلٌٍ(2) فيُرتُقى، ولا سمينٌ فيُنتقَل. وفي رواية البخاريِّ: فيُنْتَقى(3).
          قالت الثَّانيةُ: زوجي لا أبُثُّ خبرَه، إنِّي أخاف ألا أذَرَه، إن أذكرْهُ أذْكُرْ عُجَرَه وبُجَرَه(4). /
          قالت الثَّالثةُ: زوجي العَشَنَّقُ(5)، إن أنْطِق أُطلَّق، وإن أسكُت أُعَلَّق.
          قالت الرَّابعةُ: زوجي كلَيلِ تِهامَة، لا حرٌّ ولا قُرٌّ، ولا مخافةَ(6) ولا سآمةَ(7).
          قالت الخامسةُ: زوجي إن دخلَ فَهِد(8)، وإنْ خرج أَسِد(9)، ولا يسألُ عما عَهِد. /
          قالت السَّادسةُ: زوجي إن أكل لَفَّ، وإن شرِب اشتَفَّ(10)، وإن اضطجعَ التَفَّ، ولا يُولِج الكفَّ ليَعلم البثَّ(11).
          قالت السَّابعةُ: زوجي غَيايَاءُ(12) _أو عَيايَاء_ طَباقا(13) _الرَّاوي شكَّ_ كلُّ داء له داءٌ، شَجَّكِ أو فَلَّكِ أو جمعَ كُلَّاً لك.
          قالت الثَّامنةُ: زوجي الرِّيحُ ريحُ زَرْنَب(14)، والمَسُّ مَسُّ أرنبٍ(15). /
          قالت التَّاسعةُ: زوجي رفيعُ العِماد(16)، طويلُ النجادِ(17)، عظيمُ الرماد(18)، قريبُ البيت من النَّادي(19).
          قالت العاشرةُ: زوجي مالك، وما مالكٌ(20) ؟ مالكٌ خيرٌ من ذلك، له إبلٌ كثيراتُ المبارك، قليلاتُ المسارح(21)، إذا سمعنَ صوتَ المِزهَرِ أيقنَّ أنهنَّ هوالكُ(22). /
          قالت الحاديةَ عشرةَ: زوجي أبو زَرعٍ، فما أبو زرع؟ أَناسَ من حُليٍّ أُذُنَيَّ(23)، وملأ من شحم عَضُدَيَّ(24)، وبَجَّحَني فبَجَحتْ إليَّ نفسي(25)، وجدني في أهل غُنيمةٍ بشقٍّ(26)، فجعلني في أهل صَهيل وأَطيط(27)، ودائِسٍ ومُنَقٍّ(28)، فعنده أقول فلا أُقَبَّح(29)، وأرقُد فأَتصبَّح(30)، وأشربُ فأَتقَنَّح، _وللبخاري: فأتقَمَّح(31)_ أمُّ أبي / زرع، فما أمُّ أبي زرع؟ عُكومُها رَداحٌ(32)، وبيتُها فَساح. ابنُ أبي زرع، فما ابنُ أبي زرع؟ مَضجَـِعُه كمَسَلِّ شَطْبةٍ(33)، ويشبعه ذراعُ الجَفرة(34). بنتُ أبي زرع، وما ابنةُ أبي زرع؟ طَوعُ أبيها، وطَوع أمِّها، ومِلءُ كسائِها(35)، وغَيظُ جارتِها(36). جاريةُ أبي زرع، فما جاريةُ أبي زرع؟ لا تبُثُّ حديثَنا تبثِيثاً(37)، ولا تُنَقِّث مِيرتَنا تَنْقيثاً(38)، / ولا تملأ بيتَنا تعشيشاً.
          قالت: خرج أبو زرع والأوطابُ تُمخَضُ(39)، فلقي امرأةً معها وَلَدانِ لها كالفهْدَين يلعبان من تحت خَصِرها برُمَّانتَين(40)، فطَّلَقني ونكحَها، فنَكحتُ بعده رجلاً سَريَّاً(41)، ركب شَريَّاً(42)، وأخذ خَطِّيَّاً(43)، وأراح عليَّ نَعَماً ثَرِيَّاً(44)، وأعطاني من كل رائحة زَوجاً(45)، وقال: كُلي أمَّ زرع ومِيري أهلك، فلو جمعتُ كل شيءٍ أعطانِي ما بلغ أصغرَ آنيةِ أبي زرع. /
          قالت عائشةُ: قال لي رسول الله: كنتُ لك كأبي زرعٍ لأمِّ زرع». [خ¦5189]
          وفي رواية سعيدِ بن سَلمةَ بن أبي الحسام عن هشام بن عروةَ نحوُه، غيرَ أنَّه قال: «عَيَايَاءُ طَباقاءُ» ولم يشك، وقال: «وصِفرُ رِدائها(46)، وخيرُ(47) نسائِها، وعَقرُ جارتها» وقال: «وأعطاني من كل ذابِحة زوجاً».
          قال أبو مسعود الدمشقيُّ: سعيدُ بن سلمة هذا لا أعلمُ له في «الصحيح» غيرَ هذا الحديثِ.


[1] زوجي لحمُ جَمَل غَثٍّ: أي؛ مَهْزول، على رأسِ جَبَل: تَصِف قِلَّةَ خَيرِه وبُعده مع القِلَّة، كالشيء التافه في قلة الجبل الصعب، لا يُنال إلا بالمشقة في الصعود إليه وتَكَلُّفِ الانحدارِ به، يُبيِّنُ ذلك قولها: لا سهلٌ فيُرتقى تعني: الجبلَ.(ابن الصلاح نحوه).
[2] كتب فوقها في (ابن الصلاح): (سع).
[3] ولا سمِينٌ فيُنْتَقَى: يعني اللحمُ ليس له نِقْي وهو المخ، وقلةُ المخِ دليلٌ على الهُزال.ومن رواه فيُنْتَقَلَ، أي: لهُزاله لا ينقُلُه الناسُ إلى منازلهم للأكل، بل يزهدون فيه ويرغبون عنه، ولا يتكلفون المشقة فيه.(ابن الصلاح نحوه).
[4] وقول الأخرى: أذكر عُجَرَه وبُجَرَه: العُجَرُ العُرُوقُ المعَقَّدَةُ في الجسد، حتى تَراها باديةً من الجسد ظاهرةً، والبُجَر نحوُها، إلا أنَّها في البطن خاصةً، واحدُها بُجْرَة، وهو كالانتفاخُ، ومنه يقال: رجل أبْجَرُ إذا كان عظيم البطن أو ثاني السرة، والجمعُ بُجَرٌ، ومنه قولُه: «إليك أشكو عُجَرِي وبُجَرِي»، أي هُمُومي وأحزاني، والمرادُ أنَّها ذكرتْ عُيُوبَه وأسرارَه التي تشتكيها منه واسْتَكثَرتْها.(ابن الصلاح نحوه).
[5] وقول الأخرى: زوجي العَشَنَّق: أي؛ إنه طويلٌ ليس عنده أكثرُ من طوله بلا منفعةٍ، فإن ذكرتُ ما فيه طَلَّقَني، وإن سَكتُّ تركني مُعَلَّقةً، لا أيِّماً ولا ذاتَ بعلٍ، ضائعةً، قال تعالى: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء:129] .(ابن الصلاح).
[6] استشكلها في (ابن الصلاح)، وأشار إلى رواية أبي عُبيد بالرفع والتنوين على الابتداء وإضمار الخبر.انظر «فتح الباري» 9261.
[7] وقولُ الأخرى: «زَوجِي كَلَيلِ تِهَامَةَ»، ضَربتْ ذلك مثلاً؛ أي: ليس عندَه أذًى ولا مَكرُوهٌ؛ لأنَّ الحَرَّ والبَردَ كلاهما فيه أذى إذا اشتدَّ، وقولُها: «ولا مَخافَةَ» أي: ليس عندَه غائلةٌ ولاشرٌّ أخافه، «ولا سآمَةَ» تقول: لا يَسْأمُنِي فيُقِل صُحبَتِي، أي: هو معتدلُ الأمور.(ابن الصلاح).
[8] وقول الأخرى: «إن دخَلَ فَهِد»: تَصِفُه بكثرة النوم والغفلة في المنزل، على وجه المدحِ له، والفهْدُ موصوفٌ بكثرة النوم، وفي المثل أَنْومُ من فهدٍ، والذي أرادتْ أنَّه لا يتفقدُ ما يذهبُ من ماله، ولا يلتفت إلى معايب البيت وما فيه، كأنَّه سَاهٍ عن ذلك، غير متفقدٍ له؛ وبيانُ ذلك في قولها: «لا يسألُ عمَّا عهِد» يعني عن ما كان يَعهدُه قبل ذلك عندها، ويقال: فهِدَ الرجلُ، إذا غَفَل عن الأمور، شُبِّه بالفهد.(ابن الصلاح نحوه).
[9] وإن خرج أَسِد: تَصِفُه بالشجاعة إذا خرج إلى الناس ومشاهدة الحرب ولقاء العدو؛ أَسِدَ في ذلك أي صار أسداً، أو قام مَقَام الأسد في حمايته وشجاعته، يقال: أَسِد الرجلُ واسْتأسَد بمعنًى واحدٍ.(ابن الصلاح نحوه).
[10] وقول الأخرى: «إن أكلَ لَفَّ وإنْ شرِبَ اشْتَفَّ»: فإنَّ اللَّفَّ في الأكل الإكثارُ من المطعم مع التخليط من صنوفه، حتى لا يَبقى منه شيءٌ، والاشْتفافُ في المشْربِ اسْتقصاءُ ما في الإناء (ابن الصلاح نحوه).
[11] وقولُها: لا يُولِجُ الكَفَّ: لعله كان بجسَدِها عيبٌ أوداءٌ تكترثُ منه وتستره، لأنَّ البَثَّ هو الحزنُ تقولُ: فهو لا يُدخِل كَفَّهُ في ثيابها ليبحثَ ذلك العيبَ فيَشُقَ عليها، تصفُه بالتكرُّمِ والتغافلِ، وتركِ المباحثة.(ابن الصلاح نحوه).
[12] وقول الأخرى: زوجي عَيَايَاء أو غَيَايَاء: شَكَّ الراوي، قالوا: والصحيحُ بالعين المهملة، والعَيَايَاءُ: هو العِنِّينُ الذي يُعْيِيْه مُباضعةُ النساء، وكذلك هو في الإبل الذي لا يَضربُ ولا يُلقِح.(ابن الصلاح نحوه).
[13] الطَّبَاقَاء: الغَبِيُّ الأحمق، قال ابنُ الأعرابي: هو المُطْبَقُ عليه حمقاً، (وكلُّ داءٍ له داءٌ) أي هو فيه لا يخلو منه، وحسبُكَ من حمقه أنَّها لا تأمنُ أن يَشُجَّها؛ والشَّجُّ شَجُّ الرأس وهو الشَّقُّ فيه، أو يفلَّها؛ والفَلُّ نحو الشجِّ وهو تأثيرٌ في الجسد، ومنه فلول السيف وهي تأثيراتٌ فيه وانثلامٌ في حدِّه وواحد الفلول فلّ.(ابن الصلاح نحوه).
[14] والريحُ رِيحُ زَرْنَبٍ: فهو نوع من أنواع الطِّيبِ معروفٌ، تعني أنَّ ذِكرَه جميلٌ، واختيارَه مُسْتحسنٌ، ويَحتمِل أن تُريدَ طِيبَ ريحِ جَسَدِه، وكثرةَ استعمالِه الطِّيبَ في ثيابه، حتى يظهرَ ذلك منه عند لقائِه.(ابن الصلاح نحوه).
[15] وقول الأخرى: المسُّ مَسُّ أَرْنَب: وصَفَتْه بحُسن الخُلق ولينِ الجانب، تَشبيهاً بمس الأَرْنَبِ ولِينِ وَبَرِها.(ابن الصلاح نحوه).
[16] وقولُ الأخرى: رفيعُ العِمَاد: تَصفُه بالشرف وعُمُوِّ القَدرِ، وأصلُ العِمادِ عمادُ البيتِ، وهذا مَثَلٌ، وصَفتْه بارتفاع الحَسَب.(ابن الصلاح نحوه).
[17] طويلُ النَّجَاد: تصفُهُ بامتداد القامة، والنِّجادُ حَمَائلُ السَّيف، يُكَنِي بطول النجاد عن طول المَسْرُوج.(ابن الصلاح نحوه).
[18] وقولها: عظيم الرماد: وصَفَتْه بكثرة الضيافةِ من لحومِ الإبلِ وغيرِها، وإذا نَحَر وذَبَح عظُمتْ نارُه وكثُرت وَقُودُه، فيكونُ الرمادُ في الكثرةِ على قَدْر ذلك.(ابن الصلاح نحوه).
[19] وقولُها: قَريبُ البيتِ من النَّادِي: أي ينزِلُ بين الناسِ، وقريباً من أنديتِهم، _ وهي مجالسُهم _ لِيَعلمُوا مكانَه ويَسهُلَ عليهم قَصْدُهُ واستضافتُه، ولا يَبعُد عنهم، ولا يَستخفي منهم، وهذا من الكرم المحض.(ابن الصلاح نحوه).
[20] وقول الأخرى: مالِكٌ وما مالِكٌ: تعظيماً لأمرِه، وتفخيماً لشأنه، وأنه خيرٌ مما ذكرتْه به من الثناء عليه.(ابن الصلاح).
[21] له إبِلٌ قليلاتُ المَسَارِح: تقول إنه لا يُوجِّهُهنَّ يَسْرَحنَ نهاراً إلا قليلاً، ولكنَّهُنَّ يُكثِرْنَ البُروكَ بفِنائه عُدَّةً لورود الأضيافِ، فإن نزل به ضيفٌ لم تكن الإبلُ غائبةً عنه، ولكنَّها قريبةٌ منه، فيُبادِر إلى من نزل به بالقِرَى، من ألبانِها ولحُومِها.(ابن الصلاح نحوه).
[22] إذا سمعنَ صوتَ المزهر أيقنَّ أنهنَّ هوالكُ: أرادتْ أنَّ زوجَهَا من عادتِه إذا نزلَ به الضيفانُ أن يَنْحَر لهم، ويَسقيَهُم، ويأتيَهم بالمعازف والملاهي إكراماً لهم، فقد صارتِ الإبلُ إذا سمعت ذلك الصَّوتَ أَيقَنَّ بنحره لهُنَّ لأضيافه، ولذلك قالت: أيْقَنَّ أنَّهُنَّ هوالِكُ.(ابن الصلاح نحوه).
[23] وقولُ الآخِرةِ في تفخيمِ زوجِها أيضاً: زَوجي أبو زَرْعٍ وما أبو زَرْعٍ أَنَاسَ من حُلِيٍّ أُذُنيّ: تريد أنه حلَّاني قُرْطه، وشُنُوفاً تَنُوس بأذُني وتتعلق، والنَّوس الحركةُ من المعاليق ونحوِها.(ابن الصلاح نحوه).
[24] وملأ من شحم عَضُدَيَّ: أرادت به الجسد كلَّه، أي أسمَننِي بإحسانه إليَّ، وإذا سمنت العَضُد سمِن سائرُ الجسد.(ابن الصلاح نحوه).
[25] وقولها: وبَجَحنِي فبَجَحتْ إليَّ نفسي: وتَبين موقعة مني.(ابن الصلاح نحوه).
[26] وجدني في أهل غُنَيمَة بشقٍّ: بفتح الشين موضع، والمحدثون يكسرونها، والشِّق الناحيةُ، والشِّق المشقة، قال تعالى: {إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ} [النحل:7] أرادت أن أهلها كانوا أصحاب غنم، ليسوا بأصحاب خيل ولا إبل.(ابن الصلاح نحوه).
[27] فجعلني في أهلِ صَهيل وأطِيط: فالصَّهيل أصواتُ الخيل، والأطيطُ أصواتُ الإبل.(ابن الصلاح نحوه).
[28] ودائسٍ ومُنَقٍّ: قيل: الدائسُ للطعام، يعني أنهم أهلُ زرع، والمُنَقِّي الذي يُنقِّي الطعام، ويراعي تنظيفه.(ابن الصلاح نحوه).
[29] فعنده أقول فلا أُقبَّح: أي: يُقبَل قولي ولا يرد.(ابن الصلاح).
[30] وأرقُد فأتَصبَّح: تعني أنها تستوفي عنده نومَها، ولا يُكرهها على الانتباه والسير في مهمة أو عمل.(ابن الصلاح نحوه).
[31] وأشرب فأتَقمَّح: أي: أَروَى حتى أدعَ الشرابَ من شدة الرِّي، يقال: ناقة قامِح، وإبل قِماح، ولم تقل هذا إلا من عِزَّة الماء عندهم، وكلُّ رافعٍ رأسَه فهو مُقمَح، قال تعالى: {فَهُم مُّقْمَحُونَ} [يس:8] والإبل لا ترفع رؤسها عند الورود إلا بعد تَناهيها في الشُّرب والاستغناء عن العودة، فإن بقيت لها إرادةٌ في الشرب عادت ولم تتمادى على الرفع، ومن رواه بالنون فمعناه: أن تَشرب فوق الرِّي فتزداد، يقال: قَنَحتُ من الشراب أقنحُ قَنْحاً، إذا تكارَهتَ على الشرب بعد الرِّي وبلوغ الغاية.(ابن الصلاح نحوه).
[32] العكومُ جمع عُكْم، وهي الأحمال والغرائرُ التي فيها ضروبُ الأمتعة، والرَّداح: العظيمة الكثيرة الحشو.(ابن الصلاح نحوه).
[33] مَضجعُه كمَسَل شَطْبة: وأصل الشطبة ما شُطب من جريد النخل، وهو سَعَفه، وجمعها شُطُب، وذلك أنه يُشقَّق منه قضبان دقاق تنسج منه الحصر، يقال للمرأة التي تفعل ذلك شاطبة، وجمعها شواطب؛ إنه ضرْب اللحم أي خفيف الجسم دقيق الخصر شبَّهته بتلك الشطبة، وقيل أرادت بمَسَلِّ الشطبة سيفاً سُلَّ من غمده شبَّهتْه به.(ابن الصلاح نحوه).
[34] تكفيه ذراعُ الجَفْرة: والجفرة الأنثى من أولاد الغنم، والذكر جَفْر، والعربُ تمدح الرجل بقلة الأكل والشرب، قال شاعرهم:
~تكفيه فِلْذةُ كِبْدٍ إن ألمَّ بها من العَشاء ويَروي شُربَه الغُمرُ
وإذا أتى على أولاد العنْز أربعةُ أشهر وفُصِل عن أمِّه وأخذ في الرعي، قيل له جَفْرٌ، ويقال: استجْفَر الصبيُّ، إذا قوى على الأكل، فهو جفْرٌ.(ابن الصلاح نحوه).
[35] وملءُ كسائِها: أي: أنها ذاتُ لحم، فهي تملأ كساءها.(ابن الصلاح).
[36] وغيظُ جارتها: لما لهَا من الخصال التي تفوقها فيها، وتحسُدها عليها، وفي رواية أخرى: «وعَقْر جارتِها» أي: هلاكها، في معنى ما قبله من الحسد والغيظ.(ابن الصلاح).
[37] وقولها: لا تَنِثُّ حديثنا تنْثيثاً: وروي بالباء وهما متقاربان في المعنى، يقال: نثَّ الحديثَ أفشاه، وبثَّه بمعناه، أرادت أنها مأمُونة لا تفشي لنا سراً.(ابن الصلاح نحوه).
[38] ولا تُنقِّث مِيرتَنا تَنقِيثاً: تقول إنها أمينةٌ على حفظ طعامنا، لا تأخذه فتذهب به، والمِيْرةُ ما يُمتار من موضع إلى موضع، من دقيق أو غيرِه، والتنقيث الإسراعُ في السير، يقال: خرج يتنقَّث في سيره إذا أسرع.(ابن الصلاح نحوه).
[39] خرج والأوطابُ تُمخَض: الأوطاب جمع وَطَب، وهي أسقية اللبن، تمخض؛ أي يُستخرج زَبَدها بالتحريك.(ابن الصلاح نحوه).
[40] يتثنَّيان من تحت خصرها برُمَّانتَين: قيل: يعني أنها ذاتُ كَفَل عظيم، فإذا استقلت نَبَا الكَفَل بها عن الأرض، حتى يصيرَ تحتها فجوة يجري فيها الرمان، وقيل: أرادت الثديين، والأول أصح.(ابن الصلاح نحوه).
[41] السَّرِي: الذي له سَرو وجَلالة، وقيل: السرو سَخاء في مُرؤة.(ابن الصلاح نحوه).
[42] الشرِي: الفرس الذي يستشري في سيره؛ أي يلِجُّ نشاطاً، وقيل: الشرى الفرس المختار الفائق، ويقال: شَرِى البعير في سيره، إذا أسرع شرىً.(ابن الصلاح نحوه).
[43] وأخذ خَطِّيَّاً: يعني الرمحَ، سمي بذلك لأنه يأتي من ناحية من نواحي البحرين، يقال لها: الخَط، ينسب إليها، وأصلها من الهند، قيل: وإنما قيل لقرى البحرين وعُمَان: الخَطُّ؛ لأن ذلك السيف كالخط على جانب البحر بين البر والبحر، فإذا انتهت السفنُ المملؤة رماحاً إليها؛ فُرِّغت ووُضعت في تلك القرى حتى تُحمل منها، فنُسبت إليها.(ابن الصلاح نحوه).
[44] وأراح علي نعَماً ثرياً: أي؛ كثيراً، يقال: أثرى بنو فلان إذا كثُرت أموالُهم.(ابن الصلاح نحوه).
[45] وأعطاني من كلِّ رائحة زَوجاً: أي؛ من كل ما يَروح عليه من أصناف أمواله نصيباً مُضاعفاً، وفي بعض النسخ: من كل ذابحة زوجاً، فإن صح ولم يكن تصحيفاً، فقيل: يكون في معنى الأول، ويكون فاعلٌ بمعنى مفعول؛ أي من كل شيء يجوز ردُّه، من الإبل والبقر والغنم، والأول أولى.(ابن الصلاح نحوه).
[46] في رواية: صِفْرُ ردائها: أي؛ إنها ضامرةُ البطن، وكان رداؤها صفراً؛ أي خال لشدة ضمور بطنها، فالرداء ينتهي إلى البطن.(ابن الصلاح).
[47] في (ت): (خبن)، وما أثبتناه موافق لما في مسلم.