الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: تزوجني رسول الله وأنا بنت ست سنين

          3229- التَّاسعُ والسَّبعون: عن هشام بنِ عروةَ عن أبيه عن عائشَةَ قالت: «تزوَّجني رسول الله وأنا بنتُ ستِّ سنين، فقدِمنا المدينةَ، فنزلنا في بني / الحارثِ بن الخَزرج، فوُعِكتُ(1) فتَمرَّق(2) شعري، فوَفى جُمَيمَةً(3)، فأتَتْني أُمِّي أمُّ رُومانَ وإنِّي لفي أُرجُوحة(4) ومعي صواحبُ لي، فأتيتُها لا أدري ما تريد منِّي، فأخَذتْ بيدي حتى وقَفتْني على باب الدَّار، وإنِّي لأنهَجُ(5) حتى سكن بعضُ نفَسي، ثم أخذتْ شيئاً من ماءٍ فمسحتْ به وجهي ورأسِي، ثم أدخلتْني الدَّارَ، فإذا نسوةٌ من الأنصار في البيت، فقُلن: على الخير والبركةِ وعلى خير طائرٍ، فأسلمتْني إليهِنَّ، فأصلحْنَ من شأني، فلم يَرُعْني إلَّا رسول الله فأسلَمنَني إليه وأنا يومئذٍ بنتُ تسعِ سنينَ». [خ¦3894]
          وفي حديث أبي كُريبٍ وغيرِه عن أبي أسامةَ نحوُه، إلا أنَّ فيه: «فأخذتْ بيدي فأوقفتْني على البابِ فقلتُ: هَهْ هَهْ(6)، حتى ذهب نفَسي».
          وفيه: «فغسلنَ رأسِي وأصلحنَني، فلم يَرُعْني إلَّا ورسول الله فأسلمنَني إليه».
          وفي حديث محمَّدِ بن يوسفَ عن سفيانَ الثَّوريِّ عن هشام عن أبيه عنها: / «أنَّ النَّبيَّ تزوَّجها وهي بنتُ ستِّ سنينَ، وأُدخلتْ عليه وهي بنتُ تسعٍ، ومكثتْ عنده تسعاً». [خ¦5133]
          وفي حديث قَبيصةَ عن سفيانَ عن هشام عن أبيه قال: «تزوَّج النَّبيُّ عائشةَ وهي بنتُ ستٍّ، وبنى بها وهي بنتُ تسعٍ، ومكثتْ عنده تسعاً». من قولِ عروةَ، ولم يقل: عن عائشَةَ. [خ¦5158]
          وفي حديث عُبيد بنِ إسماعيلَ عن أبي أسامةَ عن هشام عن أبيه قال: «توفِّيتْ خديجةُ قبل مَخرَج النَّبيِّ إلى المدينة بثلاث سنينَ، فلبِث سنتَينِ أو قريباً من ذلك، ونكَح عائشةَ وهي بنتُ ستِّ سنينَ، وبنى بها وهي بنتُ تسعِ سنينَ». وهذا أيضاً موقوفٌ على عروةَ. [خ¦3896]
          وأخرجه مسلمٌ من حديث الزُّهريِّ عن عُروَةَ عن عائشَةَ: «أنَّ النَّبيَّ تزوَّجها وهي بنتُ
          سبعِ سنينَ، وزُفَّت(7) إليه وهي بنتُ تسعِ سنينَ ولُعَبُها معها، ومات عنها وهي بنتُ ثمانِ عشْرةَ».
          ومن حديث الأسودِ بنِ يزيدَ عن عائشَةَ قالت: «تزوَّجها رسول الله وهي بنتُ ستٍّ، وبنى بها وهي بنتُ تسعٍ، ومات عنها وهي بنتُ ثمانَِ عشْرةَ».
          ومن حديث عبد الله بنِ عروةَ عن عُروَةَ عن عائشَةَ قالت: «تزوَّجني رسول الله / صلعم في شوَّالٍ، وبنى بي في شوَّالٍ، فأيُّ نساءِ رسول الله كان أحظى عنده منِّي(8)، قال: وكانت عائشةُ تَستحبُّ أن تُدخِل نساءَها في شوَّالٍ».


[1] الوَعْك: مَرْسُ المرض وتحريكه للمريض رعدة ولهيباً، ويقال: أخذته نافض الحمى، ويقال: أوعكت الكلابُ الصيدَ إذا مرَّغتْه في التراب.(ابن الصلاح نحوه).
[2] يقال: شعر مُتَمرِّط ومُتَمَرِّق وأمرطَ الشعرُ وأمرق، إذا انتشر وانتتف.
[3] الجُمَيمَة: تصغير جُمَّة، وجمّة الإنسان مجتَمعُ شعرِ ناصيتِه، والناصية قُصاص الشعر، والوَفْرة والجمّة إلى الأذنين فقط، فإن زادت فوق ذلك لم يُقلْ وفرة.(ابن الصلاح نحوه).
[4] الأرجُوحَة: لُعبة الصبيان في حبل يعلق، فيميل بهم من ناحية إلى ناحية، والأصل في الأراجيح الاهتزاز والتحريك.(ابن الصلاح).
[5] نَهَج الرَّجُل يَنْهَج بالنون، إذا كان مبهوراً منقطع النفس، يقال: نَهَج وأَنْهَج، إذا ربا وتدارك نَفَسُه وتتابع.(ابن الصلاح نحوه).
[6] هَهْ هَهْ: حكاية البكاء وشدته.
[7] زُفَّتِ العروس إلى زوجها: أي؛ حُملت إليه بسرعةٍ وإزعاجٍ، ويقال: زَفَّ القوم في سيرهم إذا أسرعوا، قال تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} [الصافات:94] وزفَّ الظليم؛ أي: أسرع حتى يُسمَع لجناحيه زَفِيف؛ أي: صوت.(ابن الصلاح نحوه).
[8] حَظِي الرجلُ: إذا كان ذا منزلة ومكان ممن حظي عنده، يقال: حظي يَحظى حُظوة برفع الحاء، وحَظِيَت المرأة عند زوجها إذا وافقته وأحبها.(ابن الصلاح نحوه).