الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: خرجنا مع رسول الله في بعض أسفاره

          3154- الرَّابعُ: عن عبد الرحمن بنِ القاسم عن أبيه عن عائشَةَ قالت: «خرجنا مع رسول الله في بعضِ أسفاره حتى إذا كُنَّا بالبَيداء(1) _أو بذاتِ الجيش_ انقطع عِقدٌ لي، فأقام رسول الله على التماسِه، وأقام النَّاسُ معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماءٌ، فأتى النَّاسُ إلى أبي بكرٍ فقالوا: ألا تَرى إلى ما صنعَتْ عائشةُ، أقامت برسول الله وبالنَّاس معه، وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماءٌ، قالت: فعاتَبني أبو بكرٍ، وقال ما شاءَ الله أن يقول، وجعل يطعُن بيدِه في خاصِرَتي، فلا يَمنَعُني من التحرك إلَّا مكانُ رسول الله على فخذِي، فنام رسول الله حتى أصبَح على غيرِ ماء، فأنزَل الله تبارك وتعالى آيةَ التيمم فَتَيَمَّمُوا(2).
          فقال أُسَيدُ بنُ الحُضَير _وهو أحدُ النُّقباءِ_ : ما هي بأوَّلِ بَرَكَتِكم يا آلَ أبي بكرٍ، قالت عائشةُ: فبعثْنَا البعيرَ الَّذي كُنتُ عليه فوجدنا العِقدَ تحتَه». [خ¦334]
          وفي حديثِ عمرِو بن الحارثِ عن عبد الرحمن بنِ القاسم عن أبيه عن(3) عائشةَ قالت: «سقطتْ قلادةٌ(4) لي بالبيداء ونحن داخلونَ المدينةَ، فأناخَ النَّبيُّ / صلعم ونزَل فثنى رأسَه في حَجْري راقداً، فأقبل أبو بكرٍ فلَكَزَني لَكزةً شديدةً، وقال: حَبَستِ النَّاسَ في قِلادةٍ، فَبِي الموتُ لمكانِ رسول الله، وقد أوجَعَنِي، ثم إنَّ النَّبيَّ استيقظ، وحَضرتِ الصُّبحُ، فالتُمِس الماءُ فلم يُوجد، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ...} وذكر الآيةَ إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[المائدة:6].
          فقال أُسَيدُ بنُ حُضِير: لقد باركَ الله للناس فيكم يا آلَ أبي بكرٍ، ما أنتم إلَّا بركةٌ لهم». [خ¦4608]
          وأخرجاه على وجهٍ آخرَ من حديثِ هشامِ بنِ عروةَ عن أبيه عن عائشَةَ: «أنَّها استعارتْ من أسماءَ قلادةً، فهلكتْ، فأرسَل رسول الله ناساً من أصحابه في طلَبِها، فأدركتْهُم الصَّلاةُ، فصلَّوا بغيرِ وضوءٍ، فلمَّا أتَوا(5) النَّبيَّ شَكَوا ذلك إليه، فنزلتْ آيةُ التيمم.
          فقال أُسَيد بنُ حُضَير: جزاكِ الله خيراً، فوالله ما نزل بكِ أمرٌ قطُّ إلَّا جعل الله لكِ منه مَخرجاً، وجعل للمسلمين فيه بركةً». [خ¦336]


[1] في هامش (ابن الصلاح): (بلغوا سماعاً في المجلس الثالث عشر).
[2] قال محققه: تحتمل الأمر بالتيمم إشارة إلى آية التيمم من سورة النساء أو المائدة، وتحتمل الخبر وأن الصحابة عملوا بمضمون الآية.
[3] في (ابن الصلاح): (سع: أن).
[4] القلائد: المعاليقُ، واحدتُها قلادة، وهو ما يُعَلَّقَ أو يُتقلَّدُ به من حلي وغيره.
[5] في (ظ): (انتهوا إلى)، وما أثبتناه موافق لما في «الصحيحين».