الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: دعا النبي فاطمة في شكواه الذي قبض

          3264- الرَّابعَ عشرَ بعد المئةِ: عن أبي إبراهيمَ سعدِ بن إبراهيمَ عن عُروَةَ عن عائشَةَ قالت: «دعا النَّبيُّ فاطمةَ في شكواه الذي قُبِض فيه، فسارَّها بشيءٍ فبكتْ، ثم دعاها فسارَّها فضحِكَت، فسألتُها عن ذلك فقالت: سارَّني النَّبيُّ أنَّه يُقبَض في وجعه الذي توفي فيه فبكَيتُ، ثم سارَّني فأخبرني أنِّي أوَّلُ أهلِه يتبعُه فضحكتُ». [خ¦3625]
          وأخرجاه من حديث مسروقِ بن الأجدعِ عن عائشَةَ _من رواية الشَّعبيِّ عنه_ بأطولَ من هذا، وبنحو معناه: أنَّ عائشةَ قالت: «كُنَّ أزواجُ النَّبيِّ عنده لم يُغادر منهنَّ واحدةً، فأقبلت فاطمةُ تمشي ما تُخطِئُ مِشيتُها من مشيةِ رسول الله شيئاً، فلما رآها رحَّبَ بها وقال: مرحباً بابنتي. ثم أجلسَها عن يمينه _أو عن شماله_ ثم سارَّها فبكَتْ بُكاءً شديداً، فلما رأى جزعَها سارَّها الثَّانيةَ فضحِكَت.
          فقلت لها: خصَّكِ رسول الله من بين نسائه بالسِّرار ثم أنت تبكين، فلما قام رسول الله سألتُها: ما قال لك رسول الله؟ قالت: ما كنتُ لأُفشي على رسول الله سرَّه.
          قالت: فلما توفي رسول الله قلتُ: عزمتُ عليكِ بما لي عليك من الحق لمَا حدَّثتِني ما قال لك رسول الله! فقالت: أمَّا الآنَ فنَعَم، أمَّا حين سارَّني في المرَّة الأولى فأخبرني أنَّ جبريلَ كان يُعارضه القرآنَ في كلِّ سنةٍ مرَّةً أو مرَّتين وأنَّه عارضه الآنَ مرَّتين، وإنِّي لا أُرى الأجلَ إلَّا قد اقترب، فاتَّقي الله / واصبري، فإنَّه نِعمَ السَّلَفُ(1) أنا لك. قالت: فبكَيتُ بكائي الذي رأيتِ، فلما رأى جزعي سارَّني الثانيةَ، فقال: يا فاطمةُ؛ أما ترضين أن تكوني سيِّدةَ نساءِ المؤمنين _أو سيدةَ نساءِ هذه الأمةِ_ ؟ قالت: فضحكتُ ضَحكِي الذي رأيتِ». اللفظُ لحديث مسلمٍ. [خ¦6285]
          وهذا أيضاً من مُسندِ فاطمةَ رضوان الله عليها، وليس لها في «الصحيحين»(2) عن رسول الله غيرُه.


[1] السَّلَفُ: المتقدِّم، والأسلاف والسِّلاف والسُّلَّاف المتقدمون.(ابن الصلاح نحوه).
[2] في (ظ) و(ابن الصلاح): (الصحيح)، والمعنى واحد.