الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله

          3156- السَّادسُ: عن عبد الرحمن بنِ القاسم عن أبيه عن عائشَةَ قالت: «قدِم رسول الله من سفرٍ وقد سترتُ سَهوةً(1) لي بقِرَامٍ(2) فيه تماثيلُ، فلما رآه رسول الله هَتَكَه وتلوَّن وجهُه، وقال: يا عائشةُ؛ أشدُّ النَّاسَ عذاباً عند الله / يومَ القيامةِ الَّذين يُضاهُونَ بخلقِ الله. قالت عائشةُ: فقطعنَاهُ فجعلنا منه وِسادةً أو وِسادَتين». [خ¦5954]
          وفي حديثِ بُكيرٍ عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشَةَ: «أنَّها نَصبتْ سِتراً فيه تصاويرُ، فدخَل رسول الله فنزَعَه، قالت: فقطَعْتُه وِسادَتين».
          فقال رجلٌ في المَجلسِ حينئذٍ يُقالُ له ربيعةُ بنُ عطاءٍ مولى بَنِي زُهرةَ: أفَمَا سمعتَ أبا محمَّدٍ _يعني أباه_ يَذكرُ أنَّ عائشةَ قالت: «فكان رسول الله يَرتَفقُ عليها»، فقال ابنُ القاسم: لا، فقال: لكنِّي قد سمعتُه. يريدُ القاسمَ بنَ محمَّدٍ.
          وأخرجاه من حديثِ الزُّهريِّ عن القاسمِ بنِ محمَّدٍ عن عائشَةَ قالت: «دخَل عليَّ رسول الله وفي البيتِ قِرامٌ فيه صُورٌ، فلتوَّن وجهُه، ثم تناوَل السِّترَ فهتَكَه، وقال: من أشدِّ النَّاس عذاباً يومَ القيامةِ الَّذين يُصوِّرُونَ هذه الصُّورَ». [خ¦2479]
          وفي حديثِ منصورِ بنِ أبي مُزاحِم ثم قال: «إنَّ من أشدِّ النَّاسِ عذاباً يومَ القيامةِ الَّذين يُشبِّهونَ بخَلقِ الله». ومن رواته من قال: «إنَّ أشدَّ النَّاس عذاباً».
          وليس للزُّهريِّ عن القاسمِ في مسنَدِ عائشَةَ من «الصَّحيح» غيرُ هذا.
          وأخرجاه من حديثِ أبي عبدِ(3) الله نافعٍ مولى ابنِ عمرَ عن القاسمِ عن عائشَةَ: / إنَّها أخبَرَتْه «أنَّها اشتَرَتْ نُمْرُقةً(4) فيها تصاويرُ، فلما رآها رسول الله قام على الباب فلم يدخُل، فعرَفتُ في وجهِه الكراهيَةَ، قالت: فقلت: يا رسولَ الله؛ أتوبُ إلى الله وإلى رسولِه، ماذا أَذْنَبتُ؟! فقال رسول الله: ما بالُ هذه النُّمْرُقَةِ؟ قلت: اشتَريتُها لكَ لتقعدَ عليها وتَوَسَّدَها، فقال رسول الله: إنَّ أصحابَ هذه الصُّوَرِ يُعذَّبون يومَ القيامةِ، فيُقالُ لهم: أَحْيُوا ما خَلقتُم، وقال: إنَّ البيتَ الَّذي فيه الصُّوَرُ لا تدخلُه الملائكةُ». [خ¦2105]
          وفي حديثِ إسماعيلَ بنِ أُميَّةَ عن نافعٍ عنه إنَّها قالت: «حَشَوتُ للنَّبيِّ وسادةً فيها تماثيلُ كأنَّها نُمْرُقَةٌ، فجاء فقام بين البابَين وجعَل يَتغيَّرُ وجهُه، فقلت: ما لنا يا رسولَ الله؟ قال: ما بالُ هذه الوِسَادةِ؟، قلت: وِسادةٌ جعلتُها لك لتَضطجِعَ عليها، قال: أمَا علمتِ أنَّ الملائكةَ لا تدخُل بيتاً فيه صُورةٌ، وأنَّ من صنَع الصُّورَ يُعذَّبُ يوم القيامةِ، فيقول: أحيُوا ما خَلقتُم». [خ¦3224]
          زاد في حديثِ عبدِ العزيزِ بنِ أخي(5) الماجِشُون عن عُبيدِ الله بن عمرَ عن نافعٍ قالت: «فأخذْتُه فجَعلتُه مِرْفَقتَين، فكان يَرْتفِقُ بهما في البيت».
          وحديثُ اللَّيثِ عن نافعٍ مختصرٌ أنَّ رسول الله قال: «إنَّ أصحابَ هذه الصُّوَرِ يُعذَّبون يومَ القيامةِ، ويُقال لهم: أحيوا ما خَلقتُم». / [خ¦7557]
          وأخرجاه من حديثِ هشامِ بن عروَةَ عن أبيه عن عائشَةَ قالت: «قدِم النَّبيُّ من سَفرٍ وقد علَّقتُ دَرْنُوكاً(6) فيه تماثيلُ، فأمرني أن أنزِعَه، فنزعتُه، وكنتُ أغتسِلُ أنا والنَّبيُّ من إناءٍ واحدٍ». هذا لفظُ حديثِ البخاريِّ. [خ¦5955]
          وفي حديثِ أبي أُسامَةَ عن هشامٍ عن أبيه عنها قالت: «قدِمَ رسول الله من سفرٍ وقد ستَّرتُ على بابي دُرْنُوكاً فيه الخيلُ ذواتُ الأجنحةِ، فأمرني فنَزعتُه». وحديثُ عَبدةَ بنِ سليمانَ عن هشامٍ نحوُه، إلَّا أنَّه ليس فيه عنده: «قدِمَ من سفرٍ». ولا عند مسلمٍ في هذا الحديثِ بهذا الإسنادِ ذكرُ اغتسالها معه ◙ من إناءٍ واحدٍ، فهو من أفرادِ البخاريِّ في هذه التَّرجمةِ.
          ولمسلمٍ من حديثِ سعدِ بن هشامِ بن عامرٍ عن عائشَةَ قالت: «كان لنا سِترٌ فيه تِمثالُ طائرٍ، وكان الدَّاخلُ إذا دخَل استَقبلَه، فقال لي رسول الله: حَوِّلي هذا، فإنِّي كُلَّما دخلتُ فرأيته ذكرتُ الدُّنيا. قالت: وكان لنا قَطيفَةٌ(7) كنَّا نقول: عَلَمُها حريرٌ، فكنَّا نَلبَسُها».
          قال ابنُ المثنى: وزاد فيه عبدُ الأعلى: «فلم يأمرْنا رسول الله بقَطْعِه».
          ولمسلمٍ أيضاً من حديثِ زيدِ بنِ خالدٍ الجُهنِي عن أبي طلحةَ الأنصاريِّ: أنَّ رسول الله قال: «لا تدخُل الملائكةُ بيتاً فيه كلبٌ ولا تَماثِيلُ. قال: / فأتيتُ عائشةَ، فقلت: إنَّ هذا يُخبرُني أنَّ النَّبيَّ قال: لا تدخُلُ الملائكةُ بيتاً فيه كلبٌ ولا تماثيلُ. فهل سمعتِ رسولَ الله ذكرَ ذلك؟ فقالت: لا، ولكنْ سأُحدِّثكُم(8) ما رأيتُه فعَل، رأيتُه خرَج في غَزاتِه(9)، فأخذتُ نَمَطاً فستَرتُه على الباب، فلمَّا قدِم فرأى النَّمَطَ عرَفتُ الكراهيةَ في وجهِهِ، فجَذَبَه حتى هتَكَه أو قطعه، وقال: إنَّ الله لم يأمُرْنا أنَّ نكسُوَ الحجارةَ والطِّينَ. قالت: فقطَعْنا منه وِسادَتين وحَشَوتُهما لِيفاً، فلم يَعِبْ ذلك عليَّ».
          وقد أخرَج البخاريُّ منه ما لِأَبي طلحةَ فقط، ولم يُخرِّ جِ الزِّيادةَ عن عائشَةَ، ولم يذكرْها أبو مسعودٍ في كتابه عنها، ولا نبَّه عليها(10)، ولا ذكرَ لزيدِ بنِ خالدٍ الجُهني ترجمةً عن عائشَةَ، وكان يلزمُهُ ذلك.


[1] السَّهْوَةُ: كالصُّفَّة تكون بين يديْ البيت، ويقال: هو بيتٌ صغير كالمَخْدَع، حكاه أبو عُبيد، قال ابنُ الأعرابيِّ: السهوة: الكفُّ بين الدَّارَيْن.(ابن الصلاح نحوه).
[2] القِرَام: السِّتْرُ الرَّقيق.(ابن الصلاح).
[3] تحرف في (ت) إلى: (عبيد).
[4] النُّمْرُقَة: الوِسادَة، وجمعها نمارق.(ابن الصلاح).
[5] تحرف في (ظ) إلى: (أبي).
[6] الدَّرْنُوك: ما كان له خَمَلٌ من السُّتُور، وبه تُشَبَّهُ فَرْوَةُ البعير.(ابن الصلاح نحوه)..
[7] القُطُفُ: ضَرْبٌ من الأكْسِيَة، واحدُها قَطِيفَةٌ.(ابن الصلاح).
[8] في (ت) و(ظ): (سأحدثك)، وما أثبتناه من (ابن الصلاح) موافق لنسختنا من صحيح مسلم.
[9] في (ت): (غزاة)، وما أثبتناه موافق لما في مسلم.
[10] سقط قوله: (ولا نبه عليها) من (ت).