الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير

          3201- الحادي والخمسون: عن ابنِ شهاب عن سعيد بن المسيَّب وعروةَ بن الزُّبير في رجالٍ من أهلِ العلم: أنَّ عائشةَ قالت: «كان رسول الله يقول وهو صحيح: إنَّه(1) لن يُقبَضَ نبيٌّ حتى يرى مقعدَه من الجنةِ ثم يُخيَّر. قالت عائشةُ: فلما نُزِلَ به ورأسُه على فخِذِي غُشيَ عليه ثم أفاق، فأَشخصَ بصرَه إلى السقف، ثم قال: اللَّهمَّ الرفيقَ الأعلى(2). قلت: إذن لا يختارنا، قالت: وعرفت أنَّه الحديثُ الَّذي كان يحدِّثُنا به وهو صحيحٌ، في قوله: إنَّه لم يُقبَض نبيٌّ قطُّ حتى يَرى مَقعدَه من الجنَّة ثم يُخيَّر. قالت عائشة: فكانت تلك آخرَ كلمةٍ تَكلَّم بها النَّبيُّ، قولُه: اللَّهمَّ الرفيقَ الأعلى». [خ¦6348]
          وهو عند البخاري من حديث الزُّهري عن عُروَةَ وحدَه عن عائشَةَ قالت: / «كان رسول الله صلعم وهو صحيحٌ يقول: إنَّه لن يُقبَض نبيٌّ قطُّ حتى يَرى مَقعدَه من الجنَّة، ثم يُحَيَّا أو يُخيَّر.
          فلما اشتكى وحضره القبضُ ورأسُه على فخِذ عائشةَ غُشيَ عليه، فلما أفاق شَخَص بصرُه نحوَ سقفِ البيت ثم قال: اللَّهمَّ في الرفيقِ الأعلى. فقلت: إذن لا يجاورُنا، فعرفتُ أنَّه حديثُه الَّذي كان يحدِّثُنا وهو صحيح». [خ¦4437]
          وأخرجاه من حديث سعدِ بن إبراهيمَ عن عُروَةَ عن عائشَةَ قالت: «كنتُ أسمعُ أنَّه لا يموتُ نبيٌّ حتى يُخيَّر بين الدُّنيا والآخرةِ، فسمعت النَّبيَّ في مَرضِه الذي مات فيه؛ وأخذتْه بُحَّةٌ(3) يقول:(4) {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم} الآية[النساء:69]، قالت: فظننتُ أنَّه خُيِّر حينئذٍ».
          ومن حديث مسلمِ بن إبراهيمَ عن شعبةَ عن سعدٍ: «قالت: لمَّا مرِض(5) النَّبيُّ مرضَه الَّذي مات فيه، جعَل يقول: في الرَّفيق». [خ¦4435]
          وفي حديث محمَّدِ بن عبد الله بن حَوشَبٍ عن إبراهيمَ بنِ سعد عن أبيه _بالإسناد_ أنَّ عائشةَ قالت: سمعت النَّبيَّ يقول: «ما من نبيٍّ يمرض إلَّا خُيِّر بين الدُّنيا والآخرة. وكان في شكواه الَّذي(6) قُبض فيه أخذته بُحَّةٌ شديدة، / فسمعته يقول: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ}[النساء:69] فعلمت أنَّه خُيِّر». [خ¦4586]
          وأخرجاه من حديث عبَّادِ بن عبد الله بن الزُّبير عن عائشَةَ: «أنَّها سمعت النَّبيَّ وأصْغَتْ إليه قبلَ أن يموتَ وهو مستندٌ إليها يقول: اللَّهمَّ اغفِر لي وارحمني وألحقنِي بالرفيق». [خ¦4440]
          وأخرج البخاريُّ تعليقاً من حديث الزُّبيديِّ عن عبد الرحمن بن القاسم قال: أخبرني أبي عن عائشَةَ قالت: «شَخص بصرُ النَّبيِّ ثم قال: في الرفيقِ...». [خ¦3669]
          حكاه أبو مسعود.


[1] سقط قوله:(إنه) من (ظ).
[2] ألحقني بالرفيقَ الأعلى؛ قيل: هو من أسماء الله تعالى، كأنه قال: وألحقني بالله، قال الأزَّهريُّ: وهذا غلط، والرفيق ها هنا جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين، اسم على فَعِيل، ومعناه الجماعة، ومنه قوله: {وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا} [النساء:69] ويُقوِّي قولَ الأزهري، أنه قد جاء في بعض روايات هذا القول، الذي قاله في مرضه الذي توفي فيه، {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ} [النساء:69] ، وقال الليث بن المُظفَّر: الرفيق في الطريق، واحدُهم رفيق والجمع أيضاً رفيق.(ابن الصلاح نحوه).
[3] البَحَحُ: انخفاضُ الصوتِ لمرض أو غيرِه.(ابن الصلاح).
[4] زاد في (ت): (اللهمَّ)، وما أثبتناه موافق لما في الصحيحين.
[5] سقط قوله:(مرض) من (ظ)، وما أثبتناه موافق لما في البخاري.
[6] استشكلها في (ابن الصلاح)، وهي في رواية الكشميهني: «شكواه التي»، وعند الأصيلي: (شَكْوِهِ)، ولغيره: (شَكْوتِهِ).انظر «مشارق الأنوار» 2252، و«فتح الباري» 12467.