الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما لك، أنفست

          3153- الثَّالثُ: عن عبد الرحمن بنِ القاسمِ عن أبيه قال: سمعت عائشةَ تقول: «خرَجنا لا نَرى إلَّا الحجَّ، فلمَّا كنتُ بِسَرِفَ أو قريبٍ منها حِضتُ، فدخَل عليَّ رسول الله وأنا أبكي، فقال: ما لَكِ، أنَفِسْتِ(1) ؟ قلت: نعم، قال: إنَّ هذا أمرٌ كتبَه اللهُ على بناتِ آدمَ، فاقضِي ما يَقضي الحاجُّ غيرَ أنْ لا تَطوفي بالبيت. قالت: وضحَّى رسول الله عن نسائِه بالبقَر». / [خ¦294]
          وفي روايةِ عبدِ العزيز بنِ أبي سَلَمةَ المَاجِشُون عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشَةَ إنَّها قالت: «خرَجنا مع رسول الله لا نَذْكُرُ إلَّا الحجَّ، حتى جئنا سَرِفَ، فطَمِثْتُ، فدخَل عليَّ رسول الله وأنا أبكي، فقال: ما يُبْكِيكِ؟ فقلتُ: والله لودِدْتُ أنِّي لم أكنْ خرَجتُ العامَ، فقال: ما لَكِ، لعلكِ نَفِسْتِ؟ قلتُ: نعم، قال: هذا شيءٌ كتبه الله على بناتِ آدمَ، افْعَلي ما يفعَلُ الحاجُّ غيرَ أنْ لا تَطوفي بالبيت حتى تَطهُري.
          قالت: فلما قَدِمتُ مكَّةَ قال رسول الله لأصحابه: اجعلُوها عُمرةً. فأحلَّ النَّاسُ إلَّا مَن كان معه الهديُ، قالت: فكان الهديُ مع النَّبيِّ وأبي بكرٍ وعمرَ وذَوِي اليَسَارَةِ، ثم أهلُّوا حين راحوا. قالت: فلما كان يومُ النَّحرِ طَهَرْتُ، فأَمرَني رسول الله فأفَضتُ، قالت: فأُتينا بلحمِ بقرٍ، فقلتُ: ما هذا؟ فقالوا: أَهْدى رسول الله عن نسائِه بالبقر.
          فلما كانت ليلةُ الحَصْبَةِ(2) قلت: يا رسول الله؛ أَيرْجِعُ النَّاسُ بحجَّةٍ وعمرةٍ وأَرْجع بحجَّةٍ؟ قالت: فأمَر عبدَ الرحمن بنَ أبي بكرٍ فأرْدَفنِي على جملِه، قالت: فإنِّي لَأذْكُرُ وأنا حديثةُ السِّنِّ أَنْعَسُ فيُصيبُ وجهِي مُؤْخِرَةَ الرَّحل(3)، حتى جئنا إلى التَّنعيمِ فأهللتُ منها بعمرةٍ جزاءً بعمرة النَّاس الَّتي اعتمروا». [خ¦305]
          وأخرجاه من حديثِ أفلحَ بنِ حُميدٍ عن القاسمِ عن عائشَةَ قالت: «خرجنا / مع رسول الله في أشهرِ الحجِّ وليالي الحجِّ وحُرُمِ(4) الحجِّ، فنزلنا بسَرِفَ، قالت: فخرَج إلى أصحابه فقال: مَن لم يكنْ منكم معه هديٌ فأحبَّ أن يجعلَها عُمْرةً فليَفعَل، ومن كان معه الهديُ فلا. قالت: فالآخِذُ بها أو التَّاركُ لها من أصحابه، قالت: فأمَّا رسول الله ورجالٌ من أصحابه فكانوا أهلَ قوةٍ وكان معهم الهديُ فلم يَقدِروا على العمرة، قالت: فدخل عليَّ رسول الله وأنا أبكي، فقال: ما يُبكيكِ يا هَنْتَاهْ؟ قلتُ: سمعتُ قولَكَ لأصحابِك فمُنِعْتُ العمرةَ، قال: وما شأنُكِ؟ قلت: لا أصلِّي، قال: فلا يَضِيرُكِ(5)، إنَّما أنتِ امرأةٌ من بناتِ آدمَ، كتَب الله عليكِ ما كتَب عليهنَّ، فكُوني في حجِّكِ فعسى الله أن يَرْزُقَكِيهَا.
          قالت: فخرَجنا في حجَّته _وفي حديثِ إسحاقَ بنِ سليمان: فخرجتُ في حَجتِي_ حتى قدِمْنا منىً فطهرت، ثم خرَجتُ من منى فأفضتُ بالبيت، قالت: ثم خرجت معه في النَّفْرِ الآخرِ حتى نزل المُحَصَّبَ، ونزلنا معه، فدعا عبد الرحمن بنَ أبي بكرٍ فقال: اخرُج بأُختِكَ من الحَرَم، فلتُهِلَّ بعُمرةٍ، ثم افرُغا، ثم ائْتِيا ها هنا، فإنِّي أَنْظُرُكما حتى تأتيَا. قالت: فخرجْنا حتى إذا فرَغتُ وفرَغتُ من الطَّواف جئتُه بسَحَرَ، فقال: هل فَرَغتُم؟ قلتُ: نعم، فآذَنَ بالرَّحيلِ في أصحابه، فارْتَحَلَ النَّاسُ، فمرَّ متوجِّهاً إلى المدينة».
          وفي حديثِ إسحاقَ بنِ سليمانَ عن أفلحَ نحوُه، وفي آخرِه: «فآذَنَ في أصحابه بالرَّحيلِ، فخرَج فمرَّ بالبيت فطافَ به قبلَ صلاةِ الصُّبحِ، ثم خرَج إلى المدينة». / [خ¦1560]
          وأخرجاه من حديثِ الزُّهريِّ عن عُروَةَ عن عائشَةَ قالت: «خرجنا مع النبيِّ في حجةِ الوداع، فمنَّا من أهلَّ بعمرة ومنَّا من أهلَّ بحج، فقدِمنا مكَّةَ فقال رسول الله: من أحرَم بعمرة ولم يُهدِ فلْيَحلِلْ، ومن أحرَم بعمرة وأهدى فلا يَحِلُّ حتى يَحِلَّ نَحْرُ هَديِه، ومن أهَل بحجٍ فليُتِمَّ حَجَّه.
          قالت: فحِضتُ، فلم أزلْ حائضاً حتى كان يومُ عَرَفَةَ، ولم أُهْلِلْ(6) إلَّا بعُمرة، فأمرني النَّبيُّ أن أَنْقُضَ رأسي وأمتَشِط وأُهلَّ بالحج وأتركَ العمرةَ، ففعلت ذلك حتى قضيتُ حَجِّي، فبعث معي عبد الرحمن بنَ أبي بكرٍ فأمرني أن أعتَمرَ مكانَ عمرتي من التَّنعيم». [خ¦319]
          وفي حديثِ مالكٍ عن الزُّهريِّ عن عُروَةَ عن عائشَةَ قالت: «خرَجنا مع النَّبيِّ في حجةِ الوداع، فأهللنا بعمرةٍ، ثم قال رسول الله: من كان معه هديٌ فليُهلَّ بالحج مع العمرةِ، ثم لا يَحِلَّ حتى يَحِلَّ منهما جميعاً. فقدِمت مكةَ وأنا حائضٌ، ولم أطُفْ بالبيت ولا بين الصَّفا والمروة، فشكوت ذلك إلى النَّبيِّ، فقال: انقُضِي رأسَكِ وامتشِطِي وأهِلِّي بالحج ودعِي العمرةَ. قالت: ففعلتُ، فلما قضينا الحجَّ أرسلني رسول الله مع عبد الرحمن بنِ أبي بكرٍ إلى التنعيم، فاعتمرتُ، فقال: هذه مكانَ عُمرَتِكِ. فطافَ الذين كانوا أَهَلُّوا بالعمرة بالبيت وبين الصَّفا والمروة ثم حلُّوا، ثم طافوا طوافاً آخرَ بعد أن رَجعوا من منى لحجِّهم، وأمَّا الذين جمعوا الحجَّ والعمرة فإنَّما طافوا طوافاً واحداً». / [خ¦1556]
          وفي حديثِ إبراهيمَ بنِ سعدٍ عن الزُّهريِّ إنَّها قالت: «أهللتُ مع رسول الله في حجةِ الوداع، فكنت ممَّن تمتَّعَ ولم يسُقِ الهديَ، فزَعمتْ إنَّها حاضَتْ ولم تطهُرْ حتى دخلَت ليلةُ عرفةَ، قالت: يا رسول الله؛ هذه ليلةُ عرفةَ، وإنَّما كنتُ تمتَّعتُ بعُمرةٍ، فقال لها رسول الله: انْقُضِي رأسَكِ وامتَشِطِي وأمسِكِي عن عمرَتِك. ففعَلت، فلما قضيتُ الحجَّ أمرَ عبد الرحمن ليلةَ الحَصْبَةِ، فأَعْمَرَني من التَّنعيمِ مكانَ عُمْرتي الَّتي نَسَكتُ». [خ¦316]
          وفي حديثِ مَعْمَرٍ عن الزُّهريِّ إنَّها قالت: «خرَجنا مع رسول الله عامَ حجةِ الوداع فأهلَلتُ بعمرةٍ ولم أكنْ سُقْتُ الهديَ...» ثم ذكر نحوَه.
          وفي روايةِ سفيانَ بنِ عيينةَ عن الزُّهريِّ إنَّها قالت: «خرَجنا مع رسول الله فقال: من أراد منكم أن يُهِلَّ بحجٍّ وعمرةٍ فليفعل، ومن أراد أن يُهِل بحج فليُهل، ومن أراد أن يُهِلَّ بعمرةٍ فليُهل. قالت عائشةُ: وأهلَّ رسول الله بحجٍّ، وأهلَّ به ناسٌ معه، وأهلَّ معه ناس بالعمرة والحج، وأهل ناسٌ بعمرة، وكنتُ فيمنَ أهلَّ بعمرة».
          وأخرجاه من حديثِ هشامِ بنِ عروةَ عن أبيه عن عائشَةَ قالت: «خرجنا مع رسول الله مُوافينَ لهلال ذي الحِجَّةِ، فقال رسول الله: من أحبَّ أن يُهِلَّ بعمرةٍ فليُهِلَّ، ومن أحبَّ أن يُهِل بحجة فليُهل، فلولا أنِّي أَهديتُ لأهللتُ بعمرةٍ. فمنهم من أهلَّ بعمرة، ومنهم من أهل بحجة، وكنت فيمن أهل بعمرة، فحِضتُ قبل أن أدخلَ مكَّةَ، فأدركني يومُ عرفةَ وأنا حائض، فشكوتُ ذلك إلى رسول الله، فقال: دَعي عمرَتَك، وانْقُضِي رأسَك، وامتَشِطِي، وأهِلِّي / بالحج. ففعلتُ، فلما كان ليلةُ الحَصْبَة أرسل معي عبد الرحمن إلى التَّنعيمِ، فأرْدَفها فأهلَّت بعمرة مكان عمرتِها، فقضى الله حجَّها وعمرتَها» ولم يكنْ في شيءٍ من ذلك هَدْيٌ ولا صدقةٌ ولا صومٌ.
          وفي حديثِ أبي أسامةَ ووكيعٍ عن هشام بنِ عروةَ نحوُ ذلك، وفي آخره: قال هشام: ولم يكنْ في ذلك هديٌ ولا صوم ولا صدقةٌ. [خ¦317]
          وأخرجا طرفاً منه من حديث أبي الأسودِ محمَّد بنِ عبد الرحمن بنِ نوفلٍ عن عُروَةَ عن عائشَةَ إنَّها قالت: «خرَجنا مع رسول الله عامَ حجةِ الوداع، فمنا من أهلَّ بعمرة، ومنَّا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهلَّ بحج، وأهلَّ رسول الله بالحج، فأمَّا من أهل بعمرة فحَلَّ، وأمَّا من أهل بحج أو جمعَ الحجَ والعمرة فلم يَحِلوا حتى كان يومُ النحر». [خ¦1562]
          وللبخاري من حديث عُبيد(7) الله بنِ عمرَ عن القاسم بن محمَّد عن عائشَةَ قالت: «منَّا من أهلَّ بالحج مفرداً، ومنا من قَرَن، ومنا من تمتع».
          وفي حديثِ ابنِ جريجٍ عن عُبيد الله بنِ عمرَ عن القاسم قال: «جاءت عائشةُ حاجَّةً». لم يزد.
          وأخرجه البخاريُّ من حديث الزُّهريِّ عن عُروَةَ عن عائشَةَ قالت: قال / رسول الله: «لو استقبلتُ من أمري ما اسْتدبَرتُ ما سُقْتُ الهَديَ، ولَحللتُ مع النَّاسِ حيثُ حلُّوا». [خ¦7229]
          وأخرج مسلم من حديثِ ذكوانَ أبي عمرٍو مولى عائشةَ عن عائشَةَ قالت: «قدِم رسول الله لأربعٍ مضَينَ من ذي الحجَّةِ أو خمسٍ، فدخل عليَّ وهو غضبانُ، فقلت: من أغضبكَ أدخلَه الله النَّار؟! قال: أو ما شعرت أنِّي أمرت النَّاسَ بأمرٍ، فإذا هم يتردَّدون(8)، ولو أنِّي استقبلت من أمري ما استدبرت ما سُقْتُ الهديَ معي حتى أشتريَه، ثم أَحِلُّ كما حَلُّوا».
          وأخرجا من حديثِ الأسودِ بن يزيدَ بنِ قيسٍ عن عائشَةَ قالت: «خرجنا مع رسول الله ولا نرى إلَّا أنَّه الحجُّ، فلما قدِمنا تَطَوَّفْنَا بالبيت، فأمر رسول الله مَن لم يكنْ ساقَ الهديَ أن يَحِلَّ، قالت: فحَلَّ مَن لم يَكنْ ساقَ الهديَ، ونساؤُهُ لم يَسُقْنَ فأَحْلَلْنَ.
          قالت عائشةُ: فحِضتُ فلم أطُف بالبيت، فلما كانت ليلةُ الحَصْبةِ، قالت: قلت: يا رسول الله، يرجِعُ النَّاسُ بعمرةٍ وحَجةٍ وأرْجِعُ أنا بحَجة؟ قال: أَوَمَا كنتِ طُفْتِ لياليَ قدِمنا مكَّةَ؟ قالت: قلت: لا، قال: فاذْهبِي مع أخيكِ إلى التَّنعيم، فأَهِلِّي بعُمرة، ثم مَوعدُكِ مكانَ كَذَا وكَذَا. قالت صفيةُ: ما أُراني إلَّا حابستَكم، قال: عَقْرَى حَلْقَى، أَوَمَا كنتِ طُفْتِ يومَ النَّحرِ؟ قالت: بلى، قال: لا بأسَ عليكِ، انْفِرِي. قالت عائشة: فلقيَنِي رسول الله وهو مُصْعِدٌ من مكَّةَ وأنا مُنْهَبِطَةٌ عليها، أو أنا مُصْعِدَةٌ وهو مُنْهَبِطٌ منها». / [خ¦1561]
          وفي حديثِ الأعمشِ عن إبراهيمَ عن الأسودِ عنها قالت: «خرجنا مع رسول الله نُلبي لا نَذكرُ حَجَّاً ولا عُمرةً...» وذكر الحديثَ بمعناه.
          وأخرجا من حديثِ عبد الله بنِ عونٍ عن القاسم بنِ محمَّدٍ، ومن رواية إبراهيمَ عن الأسودِ ابنِ يزيدَ، قالا: قالت عائشةُ: «قلت: يا رسولَ الله؛ يَصْدُرُ النَّاسُ بنُسكينِ(9)، وأَصْدُر بنُسكٍ واحد. قال: انْتظِرِي، فإذا طَهَرْتِ فاخْرُجي إلى التَّنعيم فأَهِلِّي منه، ثم ائْتِنا بمكانِ كَذا، ولكنَّها على قَدْرِ نَفَقَتِكِ _أو_ نَصَبِكِ»(10). [خ¦1787]
          ولهما من حديثِ يحيى بنِ سعيدٍ عن عَمرَةَ عن عائشَةَ قالت: «خرَجنا مع رسول الله لخمسٍ بَقِينَ من ذي القعدة، ولا نرى إلَّا أنَّه الحجُ [فلما كنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ] حتى إذا دَنونا من مكَّةَ أمرَ رسول الله من لم يكن معه هديٌ إذا طاف بالبيت وبين الصَّفا والمروةِ أن يَحِلَّ، قالت عائشة: فدُخِل علينا يومَ النَّحرِ بلَحمِ بقرٍ، فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذبَح رسول الله عن أزواجِه».
          قال يحيى: فذكرتُ هذا الحديثَ للقاسم(11) بنِ محمَّدٍ فقال: أتَتْكَ والله بالحديث على وجهِهِ. / [خ¦1709]
          وأخرج البخاريُّ من حديث أيمنَ بنِ نَابِلٍ عن القاسمِ بنِ محمَّدٍ عن عائشَةَ إنَّها قالت: «يا رسولَ الله؛ اعتمَرتَ ولم أعتمِرْ، فقال: يا عبد الرحمن؛ اذهبْ بأُخْتِكَ فأَعْمِرْها من التنعيم. فأَحْقَبَها(12) على ناقة فاعتمَرتْ». [خ¦1518]
          وأخرج البخاريُّ أيضاً تعليقاً من حديثِ مالك بنِ دينارٍ عن القاسم عن عائشَةَ: «أنَّ النَّبيَّ بعثَ معها أخاها عبد الرحمن، فأَعمرَها من التَّنعيم، وحملها على قَتَبٍ(13)». [خ¦1516]
          وللبخاريِّ من حديث عبد الله بنِ عُبيد الله بنِ أبي مُليكةَ عن عائشَةَ إنَّها قالت: «يا رسولَ الله؛ يَرجِعُ
          أصحابُك بأَجر حَج وعمرةٍ، ولم أزد على الحجِّ؟ فقال لها: اذْهَبِي ولْيُرْدِفْكِ عبد الرحمن. فأمر
          عبد الرحمن أن يُعْمِرَها من التَّنعيم، وانتظرَها رسول الله بأعلى مكَّةَ حتى جاءت». [خ¦2984]
          ولمسلم من حديثِ طاوُس بنِ كيسانَ عن عائشَةَ: «إنَّها أَهَلَّت بعمرة، فقدِمت ولم تَطُف بالبيت حتى حاضَت، فنسَكتِ المناسكَ كلَّها، وقد أهَلَّت بالحجِّ، فقال لها النَّبي يومَ النحرِ: يَسَعُكِ(14) طوافُك لحجِّك وعُمرتِك. فأَبَتْ، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التَّنعيم فاعتمرتْ بعدَ الحجِّ». /
          أغفله أبو مسعودٍ فلم يذكرْه في ترجمةِ طاوُس عن عائشَةَ فيما عندنا من كتابه.
          ومن حديث مجاهدٍ عن عائشَةَ: «أنها حاضت بِسَرِفَ فتطهَّرت بعرفةَ، فقال لها رسول الله: يُجزئُ عنكِ طَوافُكِ بالصفا والمروة عن حجِّك وعمرتِكِ».
          ولمسلم أيضاً من حديثِ عبدِ الحميد بن جُبيرِ بنِ شَيْبَةَ عن صفيةَ بنتِ شَيبةَ عن عائشَةَ إنَّها قالت: «يا رسولَ الله؛ أيرجِعُ النَّاسُ بأجرَينِ وأَرجعُ بأجر، فأمر عبد الرحمن بنَ أبي بكرٍ أن ينطلقَ بها إلى التَّنعيم، قالت: فأَردفَني خلَفَه على جمل له، قالت: فجعلتُ أرفعُ خِماري أَحسُـِرُه عن عُنُقِي(15)، فيَضرِبُ رِجْلِي بعِلَّة الرَّاحلة، فقلت له: وهل ترى من أحدٍ؟ قالت: فأهللت بعُمرة، ثم أقبلنا حتى انتهينا إلى رسول الله وهو بالحَصْبَة».
          وأخرجه أبو بكرٍ البَرقانيُّ في كتابه من حديثِ قُرَّةَ بنِ خالدٍ عن عبد الحميد.
          وفيه: [«وأرْدَفني خلْفَه على جملٍ له في ليلةٍ شديدةِ الحرِّ، فجعلت أَحْسُرُ خِماري عن عُنُقي فيَضْرِب رِجْلِي». وقالت(16) في آخره: «فانتهينا إلى التَّنعيم، فأهللتُ بعمرةٍ ثم أقبلتُ، فقدِمت على رسول الله وهو في البَطحاءِ لم يبرح، وذلك ليلةَ النَّفْر(17)، فقلت: يا رسولَ الله؛ ألا أدخل البيتَ؟ فقال: ادْخُلِي الحِجر، فإنَّه من البيت»]. /
          وليس لعبدِ الحميد بنِ جُبيرِ بن شَيبةَ عن صفيةَ في مسنَد عائشةَ من «الصَّحيح»(18) غيرُ هذا.


[1] نُفِسَتِ المرأةُ ونَفِسَتْ: إذا ولدتْ، بفتح النون وضمها، وأما إذا حاضت فبفتح النون لا غير.(ابن الصلاح).
[2] ليلةُ الحَصْبَةِ: الليلةُ التي يَنزل الناسُ بالُمحَصَّب عند انصرافهم من منى إلى مكة منها، والتحصيب إقامتُهم ونومهم في تلك الليلةِ بالمحصَّب، وهو الشِّعبُ الذي مخرجُهُ إلى الأبطَح.(ابن الصلاح نحوه).
[3] مُؤْخِرةُ الرَّحْل: آخِرُه.(ابن الصلاح).
[4] حُرُمُ الحجِّ وحُرُماتُهُ: فُرُوضه، وما يجب التزامُه أو اجتنابُه.(ابن الصلاح).
[5] ضارَه يَضِيرُه، وضرَّه يضرُّه: بمعنًى واحدٍ.(ابن الصلاح نحوه).
[6] في (ظ): (أهلَّ)، وما أثبتناه موافق لما في «الصحيحين».
[7] تحرف في (ت) إلى: (عبد)!.
[8] تردَّد في الأمر: إذا تَوَقَّفَ فيه ولم يَعزِمْ عليه ولا اشتَغَل به.
[9] الصُّدور: الرجوعُ وهو خلافُ الوُرُود.والنُّسُكُ: كلُّ ما تُقُرِّبَ به إلى الله تعالى، وأرادت عائشةُ الحجَّ والعمرةَ في قولها: «يَصْدُرُ الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد»، أي: أنهم تقربوا بالحج والعمرة، ولم أتقرب إلا بأحدِهما.
[10] والنَّصبُ: التعبُ والمشقَّةُ.
[11] انتقل نظر ناسخ (ت) إلى كلمة (القاسم) الآتية فسقط ما بينهما.
[12] فَأَحقَبهَا: أي أَرْدفَها، والمُحَقِّبُ المُرْدِفُ.(ابن الصلاح).
[13] القَتَبُ: أداةُ الرَّحْلِ للجَمَلِ كالإِكَاف لغيره من الدواب التي يحمل عليها.
[14] في (ت): (ليسعك)، وما أثبتناه موافق لما في مسلم.
[15] أَحْسِرُ خِمَارِي عن عُنُقِي: أيْ أَكْشِفُهُ.
[16] في هامش (ابن الصلاح): (سع: وقال).
[17] ليلة النفْر: أي الرجوعُ من منى بعد تمام الحج، يقال: نفر من حجه إذا دفع وانطلق.
[18] في (ظ): («الصحيحين»).