الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها

          2170- الثَّاني: عن ابنِ عبَّاسٍ قال: «قدِم مُسيلمةُ الكذَّابُ على عهدِ رسولِ الله صلعم المدينةَ، فجعلَ يقول: إنْ جعلَ لي محمَّدٌ الأمرَ مِن بعدِه تبعتُه، قال: وقدِمَهَا في بَشرٍ كثيرٍ من قومِه، فأقبلَ النَّبيُّ صلعم ومعه ثابتُ بن قيسِ بن شَمَّاس». زاد في رواية عُبيد الله بن عبدِ الله بن عتبةَ: «وهو الَّذي يُقال له: خطيبُ رسولِ الله صلعم، وفي يدِ رسولِ الله صلعم قطعةٌ من جَريدٍ(1)، حتَّى وقفَ على مُسيلمةَ في أصحابه فقال: لو سألتَنِي هذه القطعةَ ما أعطيتُكَها، ولئن أدبرْتَ ليعقِرنَّك الله(2)، وإنِّي لأَراكَ الَّذي أُرِيتُ فيكَ ما أُريتُ، وهذا ثابتٌ يجيبكَ عنِّي، ثمَّ انصرفَ عنه». / [خ¦4378]
          قال ابنُ عبَّاس: فسألتُ عن قولِ رسولِ الله صلعم: «إنَّك الَّذي أُريتُ فيه ما أُريت» فأخبرني أبو هريرةَ أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «بَينا أنا نائمٌ رأيتُ في يديَّ سِوارين من ذهبٍ، فأهمَّني شأنُهما، فأُوحيَ إليَّ في المنام؛ أنْ انفُخْهما فنفختُهما فطارا، فأوَّلْتُهما كذَّابَين يخرجانِ بعدي، فكان أحدُهما العنسيَّ صاحبَ صنعاءَ، والآخرُ مُسيلمةَ صاحبَ اليمامةِ». [خ¦3620]
          وأخرجا حديثَ السِّوارين من روايةِ همَّامِ بن منبِّهٍ عن أبي هريرةَ عن رسول الله صلعم في حديث البخاريِّ قال: «نحنُ الآخِرونَ السَّابقون» ثمَّ اتَّفقا، وقالَ رسول الله صلعم: «بينا أنا نائمٌ إذ أُوتيتُ خزائنَ الأرضِ، فوُضعَ في يديَّ سوارَين من ذهبٍ، فكبُرا عليَّ وأهمَّاني، فأُوحيَ إليَّ؛ أن انفُخْهما فنفخْتُهما فطارا، فأوَّلْتُهما الكذَّابين اللَّذين أنا بينهما: صاحبَ صنعاءَ، وصاحبَ اليمامةِ». [خ¦4375] [خ¦7036]


[1] الجَريد: سعَفُ النخل، الواحدة جريدةٌ، وسميت بذلك لأنه قد يجرَد منها الخُوص وهو ورقها.
[2] ليعقِرنَّه الله: أي ليهلكنَّه، ومنه: «لا عَقرَ في الإسلام» لأنهم كانوا في الجاهلية يعقِرون الإبل على قبور الموتى لغير مأكَلةٍ، ويقولون: إنَّ صاحبَ القبر كان يعقرها للأضيافِ أيامَ حياته فيكافأ بصنعِه بعد وفاته.