الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ماذا عندك يا ثمامة؟

          2325- السَّابع والخمسون بعد المئة: عن سعيد بن(1) أبي سعيدٍ أنَّه سمعَ أبا هريرةَ يقول: «بعثَ رسولُ الله صلعم خيلاً قِبلَ نجدٍ، فجاءت برجلٍ من بني حنيفةَ يقال له ثُمامةُ بن أُثالٍ _سيِّدُ أهلِ اليمامةِ_ فربطوه بساريةٍ من سواري المسجدِ، فخرج إليه رسول الله صلعم فقال: ماذا عندكَ يا ثُمامة؟ فقال: عندي يا محمَّدُ خيرٌ، إن تقتُلْ تقتلْ ذا دمٍ، وإن تُنعِمْ تُنعمْ على شاكرٍ، وإن كنتَ تريد المالَ فسَلْ تُعْطَ منه ما شئتَ، فتركه رسولُ الله صلعم حتَّى إذا كان الغدُ قال: ما عندك يا ثُمامة؟ قال: ما قلتُ لك، إن تُنعِمْ تُنعمْ على شاكرٍ، وإن تقتُلْ تقتلْ ذا دمٍ، وإن كنتَ تريد المال فسَلْ تُعطَ منه ما شئتَ، فتركَه رسولُ الله صلعم حتَّى إذا كان بعد الغد قال: ماذا عندكَ يا ثُمامة؟ قال: عندي ما قلتُ لك، إن تُنعِمْ تُنعمْ على شاكرٍ، وإن تقتُلْ تقتلْ ذا دمٍ، وإن كنتَ تريد المالَ فسَلْ تُعطَ منه ما شئتَ، / فقال رسول الله صلعم: أطلقوا ثُمامةَ.
          فانطلق إلى نخلٍ قريبٍ من المسجدِ، فاغتسل ثمَّ دخل المسجدَ، فقال: أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا الله، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه. والله ما كانَ على الأرضِ أبغضَ إليَّ من وجهِكَ، فقد أصبحَ وجهُكَ أحبَّ الوجوه كلِّها إليَّ، والله ما كانَ مِن دِينٍ أبغضَ إليَّ من دِينِكَ، فأصبح دِينُكَ أحبَّ الدِّينِ كلِّه إليَّ، والله ما كان من بلدٍ أبغضَ إليَّ من بلدِك، فأصبح بلدُك أحبَّ البلادِ كلِّها إليَّ، وإنَّ خيلَكَ أخذَتْني وأنا أريدُ العمرةَ، فماذا ترى؟ فبشَّره رسولُ الله صلعم وأمره أن يعتمرَ.
          فلمَّا قدِمَ مكَّةَ قال له قائلٌ: أصبَوتَ(2) ؟ فقال: لا؛ ولكنِّي أسلمتُ مع رسولِ الله صلعم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامةِ حبَّةُ حنطةٍ حتَّى يأذنَ فيها رسولُ الله صلعم». لفظ حديثِ مسلمٍ عن قتيبةَ بطوله، واختصرَه البخاريُّ. [خ¦462]


[1] تصحَّف في(ت) إلى: (عن)، وأصلحناه من روايات الصحيحين.
[2] صبوتَ: أي؛ خرجت من دينك إلى غيره، قالوه لثمامة على جهة الذمِّ والعيب، ولذلك قال في الجواب لا؛ أي: لم أخرج إلى ذم وعيب، ولكن أسلمتُ، فجاء بلفظ يوجب المدح وإلا فالأصل في صبأ خرج من دين إلى دين آخر، ويقولون: صبا نابُ البعيرِ إذا خرج وظهر بعد أن لم يكن ظاهراً.