الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: قضى رسول الله في جنين امرأة من

          2205- السَّابع والثَّلاثون: عن ابن شهابٍ عن سعيدٍ عن أبي هريرةَ قال: «قَضى رسولُ الله صلعم في جنينِ(1) امرأةٍ من بني لَحْيانَ سقطَ ميتاً بغُرَّةٍ(2) : عبدٍ أو أَمَةٍ، ثم إنَّ المرأةَ التي قضى عليها بالغُرَّة تُوفِّيَت، فقضى رسولُ الله صلعم بأنَّ ميراثَها لِبَنِيها وزوجِها، وأنَّ العَقْلَ(3) على عَصَبَتِها». [خ¦6740]
          وأخرجا جميعاً من حديثِ الزهريِّ عن سعيدٍ وأبي سلمةَ عن أبي هريرةَ قال: «اقْتتلتِ امرأتانِ من هُذيلٍ، فرَمَت إحداهُما الأخرى بحجرٍ فقتلَتْها وما في / بطنِها، فاختصموا إلى رسولِ الله صلعم، فقضى رسولُ الله صلعم أنَّ ديةَ جنينِها غرَّةٌ: عبدٌ أو وليدةٌ.
          وقضى بدِيةِ المرأةِ على عاقِلَتِها». [خ¦6910]
          زاد في روايةِ حرملةَ(4) بن يَحيى عن ابنِ وهبٍ: «وورِثها ولدُها ومنْ معهم. قال حَملُ بن النَّابغةِ الهُذليُّ: يا رسولَ الله؛ كيف أغرَمُ من لا شرِبَ ولا أكل، ولا نطَق ولا استهَلَّ، فمثلُ ذلك يُطلُّ(5) ؟ فقال رسولُ الله صلعم: إنَّما هذا من إخوانِ الكهَّان» من أجلِ سجْعِه الَّذي سجَع.
          وأخرجاه من حديثِ أبي سلمةَ وحدَه عن أبي هريرةَ: «أنَّ امرأتَين من هُذَيلٍ رمَتْ إحداهُما الأخرى فطَرحَت جنينَها، فقضى فيه رسول الله صلعم بغُرَّةٍ: عبدٍ أو أمَةٍ». لم يزدْ. [خ¦5758]


[1] الجَنين: الولدُ ما دام في بطن أمِّه؛ لأنه مستورٌ هنالك، ومن هذا الباب الجَنُّ والجَنَنُ وهو القبرُ، والجَنان وهو القلبُ، والمجنون والمِجَنُّ والجُنَّة، كل ذلك من الاجتِنان والاستِتار.
[2] الغُرَّة في الجنين عبدٌ أو أمَةٌ: عبَّر عن الجسم كلِّه بالغرَّة، وأصل الغرَّة في غير هذا أولُ الشيء، وغرَّة الشهر أوَّلُه، وغرَّة الإسلام أوَّله، والغرَّة في الجبهة بياضٌ يكون فيها، وغُرَّة كل شيءٍ أكرمُه وأنفسُه أيضاً، والغُرَرُ ثلاثُ ليالٍ من أول الشهر، وقال أبو عمرو بن العلاءِ: لا تكون الغرَّة المحكوم بها في ذلك إلا الأبيضَ من الرقيق، وعند بعض الفقهاء: أنَّ الغرَّة من العبيد ما تكون قيمته عُشرَ الدِّية.
[3] العَقْل: الدِّية، وعقلتُ القتيلَ: أدَّيت ديَتَه، عقلتُ عنه إذا لزِمَته ديةٌ فأدَّيتَها عنه، وقال الأصمعي: كلَّمت أبا يوسفَ القاضي بحضرة الرشيد في ذلك، فلم يفرِّق بين عقلتُه وعقلتُ عنه، حتى فهَّمتُه ذلك، فاستفاده منِّي وشكره لي، حكى ذلك القُتيبيُّ وغيرُه، والعاقِلة: جماعة تقسَّمُ عليهم دية المقتولِ، وهم بنو عمِّ القاتِل الأدنَون.
[4] سقط في (ق) من هذا الموضع إلى منتصف الحديث الخامس والثمانين من المتفق عليه.
[5] فمثلُ ذلك بطَلَ: من رواه بالباء فهو معروفٌ من البُطلان، ومن رواه يُطلُّ بالياء، فهو راجعٌ في المعنى إلى ذلك، يقال: طُلَّ دم القتيل يُطلُّ وأُطلِلَ ولا يقال: أطَلَّ دمُه بفتح الطاء، وقال الكسائي: يقال طُلَّ الدَّم بنفسِه، إذا بطَل.