الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: والذي نفسي بيده! ليوشكن أن ينزل فيكم

          2177- التَّاسع:(1) عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «والَّذي نفسي بيده! ليوشِكنَّ أن ينزلَ فيكمُ ابنُ مريمَ(2) حَكَماً مُقسِطاً(3)، فيكسِرَ الصَّليبَ، ويقتُلَ الخنزيرَ، ويضعَ الجِزيةَ(4)، ويفيضَ / المالُ(5) حتَّى لا يقبلَه أحدٌ». [خ¦2222]
          زاد في حديث صالحٍ عن الزهريِّ: «وحتَّى تكونَ السَّجدةُ الواحدةُ خيراً من الدُّنيا وما فيها». ثمَّ يقولُ أبو هريرةَ: اقرؤوا إن شئتم: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} الآية [النساء:159]. [خ¦3448]
          وأخرجا من حديثِ ابن شهابٍ عن نافعٍ مولى أبي قَتادةَ الأنصاريِّ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «كيف أنتم إذا نزلَ ابنُ مريمَ فيكم وإمامُكم منكم». [خ¦3449]
          وفي رواية ابن أخي ابن شهابٍ: «فأمَّكم».
          وفي رواية ابن أبي ذئبٍ عن الزهريِّ: «فأمَّكم منكُم».
          وقال ابن أبي ذئب: تدري ما أمَّكم منكم؟ قلت: تخبرُني. قال: فأمَّكم بكتاب ربِّكم تعالى وسنَّة نبيِّكم صلعم.
          قال البخاريُّ: تابَعه عُقيلٌ والأوزاعيُّ. / [خ¦3449]
          وليس لنافعٍ مولى أبي قتادةَ عن أبي هريرةَ في الصَّحيحين غيرُ هذا الحديثِ الواحد.
          وأخرجه مسلمٌ من حديث عطاءِ بن مِيناءَ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم(6) : «والله لينزِلَنَّ ابنُ مريمَ حَكَماً عادلاً، فَلَيكسِرَنَّ الصَّليبَ، ولَيَقتُلَنَّ الخنزيرَ، ولَيَضَعَنَّ الجزيةَ، و[لَيُترَكَنَّ] القِلاصُ(7) فلا يُسعى عليها، و[ليَذهبَنَّ] (8) الشَّحناءُ والتَّباغضُ والتَّحاسدُ، ولَيُدْعوَنَّ إلى المال فلا يقبلُه أحدٌ».


[1] في هامش (ت): (مطلب: ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم).
[2] ليوشِكنَّ أن ينزلَ ابنُ مريمَ: بمعنى القُرب والسُّرعة، يقال: أوشك فلانٌ الخروجَ: أي استعجل، وأمرٌ وشيكٌ: أي قريب، أوشك يوشك، وقال ابن السِّكِّيت: واشَكَ وِشاكاً أسرع.
[3] المقسِطُ: الحاكم بالعدل، والعدل اتِّباع أوامر الله وآدابِه، يقال: أقسط يُقسِط فهو مقسِطٌ، والقِسط والإقساط: العدل، قال تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:9] فأمَّا قسَطَ بغير ألفٍ فمعناه جارَ، يقال قسط يقسُطُ فهو قاسط، أي جارَ، قال تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن:15] ولبعض قدماء الشعراء يذم رجلاً بإتيان الجَور وأهلِه، والانحرافِ عن العدل وأهله، من قِطعةٍ فيها:
~كان بالقاسطين منَّاً رءوفا وعلى المقسطين سوط عذاب.
[4] ويضَعَ الجِزيةَ: تأوَّله بعضُهم على أنه يبطل الجزيةَ ولا يبقى مشرك توضع الجزيةُ عليه، والآية تدل على ذلك {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء:159] .
[5] يفيضَ المالُ: أي يعطي عطاءً كثيراً، يقال: فاض النهر: إذا اتسع وانبسط وكثُر ماؤه، وأفاض دموعه: أجراها، وأرض ذات فُيوض: إذا كثُر ماؤها، وأعطيت فلاناً غيضاً من فيضٍ، ونهر البصرةِ وحدَه يسمى الفيضَ لسرعة اتساعِه ودوام كثرتِه بالمدِّ والجزْرِ الذي يُلقي الله فيه، ومن ذلك قولهم: أفاض القومُ في الحديث إذا اندفعوا فيه وأكثروا منه، وأفاض الناسُ من عرفةَ: إذا اندفعوا منها، وأسرعوا في ذلك وداموا عليه.
[6] في هامش (ت): (مطلب في رواية:).
[7] القَلوص: الأنثى من الإبل، وقيل القَلوص: الباقية على السَّير من النُّوق، وفي هذا الخبر: «ليُتركنَّ القلاصُ فلا يسعى عليها أحد» قيل: لعله عنى ارتفاعَ الجهاد وظهورَ الإسلام، وكسرَ الصليب وإيمانَ أهل الكتاب.
[8] هكذا في الأصلين: (وليتركن) و(وليذهبن)، وهي في نسختنا من رواية مسلم: (لتُتركَنَّ) و(لتَذْهبنَّ).