الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما من مكلوم يكلم في سبيل الله

          2397- التَّاسع والعشرون بعد المئتين: عن أبي زرعةَ بن عمرو بن جريرٍ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «ما من مكلومٍ(1) يكلَمُ في سبيل الله إلَّا جاء يومَ القيامة وكَلْمُه يَدْمى، اللَّونُ لون دمٍ، والرِّيحُ ريح مسكٍ». [خ¦5533]
          لفظ حديث البخاريِّ.
          جعله أبو مسعودٍ من أفراد البخاريِّ، ونسي ولم يتأمَّلْ أنَّ مسلماً أخرجَه في أوَّل كتاب الجهادِ مع متنَين آخرَين، وكلُّها متَّفقٌ عليها.
          فالأوَّل منها عند مسلمٍ هنالكَ قولُه: «تضمَّن الله لمن خرجَ في سبيلِه...». وقد ذُكرَ آنفاً. وبعده عنده متَّصلاً بقوله: «نائلاً ما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ. والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيده، ما من كَلمٍ يكلَمُ في سبيل الله إلَّا جاء يومَ القيامةِ كهيئتِه يوم كُلمَ، لونُه لون دمٍ وريحُه ريح(2) مسكٍ». وهذا أيضاً متَّفقٌ عليه كما بيَّنَّا.
          ويتَّصل بهذا عندَه في أوَّل كتاب الجهاد المتن الثَّالث، وهو قوله: «والَّذي نفس محمَّدٍ بيده، لولا أن يشقَّ على المسلمينَ ما قعدتُ خلافَ سريَّةٍ تغزو في سبيل الله أبداً، ولكن لا أجدُ نفقةً فأحمِلُهم، ولا يجدونَ سعةً، ويشقُّ عليهم(3) أن يتخلَّفوا عنِّي». وهذا أيضاً متَّفقٌ عليه؛ لأنَّ البخاريَّ أخرجه في كتاب الإيمانِ مع متنٍ آخرَ قد ذكرناه، إلَّا أنَّ لفظَ حديث مسلمٍ في هذا أتمُّ. /
          وأخرجا أيضاً حديثَ المكلومِ في سبيل الله من حديث همَّام بن منبِّهٍ عن أبي هريرةَ عن رسول الله صلعم قال: «كلُّ كَلمٍ يكلَمُه المسلمُ في سبيل الله يكون يومَ القيامة كهيئتِها إذ طُعنَت، تفجَّرُ(4) دماً، اللَّونُ لون دمٍ، والعَرْفُ(5) عَرْفُ مسكٍ». [خ¦237]
          وأخرجه البخاريُّ من حديث مالكٍ عن أبي الزنادِ عن الأعرجِ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «لا يكلَمُ أحدٌ في سبيل الله _والله أعلمُ بمن يكلَمُ في سبيله_ إلَّا جاء يومَ القيامةِ، واللَّونُ لون دمٍ، والرِّيحُ ريح المسكِ». [خ¦2803]
          وأخرجه مسلمٌ من حديث سفيانَ بن عيينةَ عن أبي الزناد عن الأعرجِ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم بمثل حديث مالكِ بن أنسٍ.


[1] الكُلوم والكِلام: الجراحات، واحدُها كَلْم، ورجل كليمٌ جريح، وقوم كلمى جرحى.
[2] سقط قوله: (ريح) من (الحموي).
[3] في (ت): (علي)، وما أثبتناه من (الحموي) موافق لنسختنا من رواية مسلم.
[4] تفجَّرَ الماءُ أو الجرحُ: انبعث وانصب وجرى.
[5] العَرْفُ: الرائحة الطيبة.