الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: نعم المنيحة اللقحة منيحةً، والشاة الصفي تغدو

          2488- العشرون بعد الثَّلاث مئة: عن مالكٍ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرةَ: أنَّ
          رسول الله صلعم قال: «نِعمَ المنيحةُ(1) اللِّقحة منيحةً، والشَّاة الصفيُّ تغدو بإناءٍ وتروح بإناءٍ(2)».
          وفي أوَّل حديث عبد الله بن يوسفَ وإسماعيلَ: «نِعمَ الصَّدقةُ».
          وأخرجه البخاريُّ أيضاً من حديث شعيبِ بن أبي حمزةَ عن أبي الزناد عن الأعرجِ عن أبي هريرةَ: أنَّ رسول الله صلعم قال: «نِعمَ الصَّدقةُ اللِّقحةُ(3) الصفيُّ(4) منحةً، والشَّاةُ الصَّفيُّ منحةً، تغدو بإناءٍ وتروح بآخرَ». كذا عند البخاريِّ في حديث مالكٍ، وفي حديث شعيبٍ كما أوردنا.
          وأخرجه مسلمٌ من حديث سفيانَ بن عيينةَ عن أبي الزناد عن الأعرج عن / أبي هريرةَ يبلُغُ به(5) قال: «ألا رجلٌ يمنحُ أهلَ بيتٍ ناقةً تغدو [بعَشاءٍ] وتروح [بعَشاءٍ](6)، إنَّ أجرَها لعظيمٌ». [خ¦2629]
          وأخرجه أيضاً من حديث أبي حازمٍ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم أنَّه نهى... فذكر خِصالاً وقال: «من منح منحةً غدت بصدقةٍ وراحت بصدقةٍ، صَبوحِـَها(7) وغَبوقِـَها(8)».
          حذف مسلمٌ من الحديث خصالَ النَّهي. وقد وقع لنا الحديثُ بطوله، وفيه خصالُ النَّهي.
          وأخرجه الإمام أبو بكرٍ البَرقانيُّ في كتابه من حديث عَديِّ بن ثابتٍ عن أبي حازمٍ عن أبي هريرةَ: [«أنَّ رسول الله صلعم نهى أن يساوِمَ(9) الرَّجل على سَومِ / أخيه، ونهى أن يُتَلقَّى الجَلَبُ(10)، ونهى أن تسأل المرأةُ طلاقَ أختِها(11)، ونهى أن يُمنعَ الماءُ مخافةَ أن يُرعى الكلأُ(12)، ونهى أن يبيعَ حاضرٌ(13) لبادٍ، ومن منح منحةً غدت بصدقةٍ وراحت بصدقةٍ، صَبوحِها وغَبوقِها». زاد بعضُ رواته فيه: «ونهى عن التَّصريةِ، ونهى عن النَّجْش(14)»].


[1] المَنيحَةُ: العطية، والمنحة في الأصل منحة اللَّبن.
[2] سقط قوله: (وتروح بإناء) من (الحموي).
[3] اللِّقحةُ: الناقة التي لها لبن.
[4] الشَّاة الصَّفيُّ: والناقة الصفية، والصفيُّ الكثيرُ اللبن، وبلا هاءٍ أشهر.
[5] زاد في (الحموي): (النبي صلعم).
[6] كذا وقع في (الحموي) و(ت)، وهي رواية السمرقندي، وحكم عياض بأنّها خطأ، وأنّ الحميدي رواه بلفظ: (بعِساء)، وفسّره بـ(العُسّ الكبير).«مشارق» 1102.وفي نسخنا من مسلم في الموضعين: (بعُسّ).
[7] الصَّبُوح: الشُّرب في وقت الغداة من اللبن أو غيره.
[8] الغَبُوق: شرب العَشيّ.
[9] السَّومُ: في المبايعة أن يطلب بسلعته ثمناً، والمنهي عنه من ذلك على مذهبين أحدهما: أن يتقارب البيِّعان في البيع ولم يبق إلا اشتراط النقد أو نحوه، فيجيء آخرُ يُساوم بها ويزيد شراءها، فيكون ذلك فساداً على الأول، والثاني: في من يقول بالخيار قبل المفارقة أن يساوم الرجل بالسلعة فيشتريها، ثم يجيء آخر فيساوم بها إفساداً على الأول.
[10] تَلقِّي الجَلب: هو أن يتلقى الركبان الجالبون المِيرةَ والمتاع قبل بلوغهم إلى الأسواق ومعرفتهم بالأسعار، وقد قيل في النهي عن الجَلَب: أن لا يطلبَ المصَدِّق الذي يأخذ الصدقة ورودهم بماشيتهم عليه ولا يكلفهم ذلك، بل هو المتكلف المسير إليهم والنزول عليهم في مراعيهم، وقيل: هو في المسابقة بالخيل، وذلك أن يجيء المتسابقان أو أحدهما برجل آخر يجلب على فرسه؛ أي: يزجره ويصيح به ليكون هو السابق.
[11] سؤال المرأةِ طلاقَ أختِها: على وجهين: أن تشترط ذلك عند النكاح، أو تسأله ذلك بعد النكاح مُضارَّة لصاحبتها.
[12] الكَلأُ: المرعى، فإذا منع الماء كان ذلك سبباً لمنع المرعى.
[13] الحَاضِر: المقيم بالبلد، والبادي: من طرأ إليه، قيل: لا يكون له سمسار.
[14] قد تقدم النَّجْش: وهو زيادة الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها، لكن ليغرَّ بذلك من يريد شراءها.