الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: يتقارب الزمان، وينقص العلم، ويلقى الشح

          2178- العاشر: عن الزهريِّ عن سعيدٍ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم قال: «يتقاربُ الزَّمانُ، وينقُصُ العلمُ، ويُلقَى الشُّحُّ، وتظهرُ الفتنُ، ويكثُر الهرْجُ. قالوا: يا رسول الله؛ أيُّما هو؟ قال: القتلُ القتلُ!». [خ¦7061]
          وأخرجاه من حديث الزهريِّ عن حُميد بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم قال: «يتقاربُ الزَّمانُ(1)، وينقُصُ العِلم(2)...»
          وذكر مثله / وفيه: «قالوا: وما الهرْج؟ قال: القتل!». [خ¦6037]
          وفي رواية يونسَ عن ابن شهابٍ عن حُميد: «يتقاربُ الزَّمان، ويُقبَضُ العِلم...» ثمَّ ذكره.
          وأخرجاه من حديث سالم بن عبد الله بن عمرَ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم قال: «يُقبَضُ العلمُ، وتكثُر الفتنُ، ويكثرُ الهرْجُ. قيل: يا رسول الله؛ وما الهرْج؟ قال هكذا بيده فحرَّفها، كأنَّه يريدُ القتلَ». [خ¦85]
          وأخرجه مسلمٌ من حديث إسماعيلَ بن جعفرٍ عن العلاء بن عبد الرَّحمن عن أبيه عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم وقال: بمثلِ حديثِ الزهريِّ عن حُميدٍ عن أبي هريرةَ، ولم يذكرْ: «يُلقَى الشُّحُّ(3)».
          وفي حديث(4) إسماعيلَ بن جعفرٍ زيادةٌ على حديث حُميدٍ لم يذكرْها / مسلمٌ، وقد ذكرها أبو بكرٍ البَرقانيُّ وأبو مسعودٍ الدِّمشقيُّ وهي: «لا تقومُ السَّاعة حتَّى يخرجَ ثلاثونَ دجَّالونَ، كلُّهم يزعُم أنَّه رسولُ الله، وحتى يُقبضَ العلم، وتظهرَ الفتن، ويكثرَ الهرجُ. قالوا: يا رسول الله؛ وما الهرْجُ؟ قال: القتلُ القتلُ!».
          وقد حكى أبو مسعودٍ في ترجمة إسماعيلَ بن جعفرٍ أن مسلماً أخرجه كلَّه كذلك، وذكر الطَّرفين جميعاً، ولم يخرِّجْ مسلمٌ منه أوَّله، وإنَّما أخرج فصْلَ قبْضِ العلمِ... إلى آخره.
          وقد أخرج مسلمٌ في موضعٍ آخرَ من كتابه ذكرَ الدَّجَّالين من حديث مالكٍ عن أبي الزِّناد عن الأعرجِ عن أبي هريرةَ، ومن حديث همَّامٍ عن أبي هريرةَ مسنداً، ولم يخرِّجْه من حديث إسماعيلَ عن العلاء.
          وأخرج مسلمٌ أيضاً حديث الهرْجِ مفرداً من حديث يعقوبَ بن عبد الرَّحمن عن سُهيل بن أبي صالحٍ عن أبيه عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «لا تقومُ السَّاعة حتَّى يكثُرَ الهرْجُ. قالوا: وما الهرْجُ يا رسول الله؟ قال: القتلُ القتلُ!».
          وقد أخرج مسلمٌ أيضاً حديثَ قبْضِ العلم من حديث همَّام بن منبِّهٍ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم، وقال مثل حديث الزهري عن حُميدٍ، ولم يذكرْ: «يُلقَى الشُّحُّ».
          وفي الحديثِ زيادةٌ على حديث حُميدٍ ذكرها أبو بكرٍ البَرقانيُّ في كتابه / بذلك الإسناد: [[أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يكثُرَ المال ويفيضَ، حتَّى يُهِمَّ ربَّ المالِ مَن يقبِضُ منه صدقتَه».
          وقال: «يُقبَضُ العلمُ، ويقتربُ الزَّمنُ، وتظهرُ الفتنُ، ويكثُرُ الهرْج...» وذكره]
.
          وأخرج مسلمٌ أيضاً حديث قبْضِ العلم من حديث أبي يونُسَ سُليم بن جُبيرٍ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم، وقال مثلَ حديثِ الزهريِّ عن حميدٍ، قال: ولم يذكر: «يُلقى الشُّحُّ».
          وذكر أبو مسعودٍ أنَّ أولَه: «لا تقومُ السَّاعة حتَّى يكثُرَ فيكم المالُ فيفيضَ حتَّى يُهِمَّ ربَّ المال مَن يقبلُه منه، ويُدعى إليه الرَّجل فيقول: لا أَرَبَ لي فيه(5)».
          وهذا الفصْل قد فصَلَه مسلمٌ منه، وأخرجَه في الزَّكاة.
          وأخرجه أيضاً هناك من حديثِ يعقوبَ بن عبد الرَّحمن عن سهيلٍ عن أبيه عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يكثُرَ المال ويَفيضَ، حتَّى يخرجَ الرَّجلُ بزكاةِ ماله فلا يجدُ أحداً يقبلُها منه، وحتى تعودَ أرضُ العرب مُروجاً وأنهاراً».
          وقال مسلمٌ في أحاديثِ قبْضِ العلم: إنَّه ليس في حديث سالمٍ عن أبي هريرةَ، ولا في حديث إسماعيلَ بن جعفرٍ عن العلاء، ولا في حديث هَمَّامٍ وأبي يونُسَ سُليمٍ عن أبي هريرةَ: «يُلقى الشُّحُّ».


[1] يتقاربُ الزَّمانُ: يقال: أراد اقترابَ الساعة، والعرب تقول: تقاربت إبل فلان، إذا قلَّت، ويقال للشيء إذا ولَّى وأدبر: تقارب.
[2] هكذا في الأصلين، وفي هامش (ق): «حاشية: وينقص العمل»، وهو موافق لنسختنا من رواية البخاري؛ وفي رواية مسلم: «ويُقبض العلم».
[3] ويُلقَى الشُّحَّ: لم يضبطِ الرواة هذا الحرفَ، ويحتمل أن يكون يُلقَى بمعنى يُتَلقَّى ويُعلَّم ويُتواصى به ويُدعى إليه، قال تعالى: {وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} [القصص:80] [وقع في غريب الجمع: وما يُلقَّاها] أي ما يعلَّمها وينبَّه عليها، وقال تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة:37] أي تقبَّلها وتعلَّمها، وأخذ بها ولازمَها، وقد رأيتُ من يميل إلى هذا الوجه إذ لم يبقَ غيره، ولو قيل يُلقَى بمعنى يوجد لم يستقمْ ذلك، لأن الشُّحَّ ما زال موجوداً قبل تقارب الزمان، ولو قيل: يُلقى لكان أبعدَ وأبعدَ، لأنه لو أُلقيَ لتُركَ، ولم يكن موجوداً، وكان يكونُ مدحاً، والحديث مبني على الذمِّ والله أعلم، إلا أنَّ في بعض روايات هذا الحديث: «لا تقوم الساعة حتى يكثرَ المال ويفيضَ حتى يهمَّ إلى المال من تفيض صدقتُه» فيكون يُلقَى بالقاف على معنى الترك والله أعلم.
[4] في هامش (ت): (مطلب: هرج مرج).
[5] أي لا حاجة له فيه.هامش (ت).