الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراةً ينظر بعضهم

          2441- الثَّالث والسَّبعون بعد المئتين: عن همَّام بن منبِّهٍ عن أبي هريرةَ عن رسول الله صلعم قال: «كانت بنو إسرائيلَ يغتسلونَ عُراةً ينظرُ بعضهم إلى سَوأَةِ(1) بعضٍ، وكان موسى يغتسلُ وحدَه، فقالوا: والله ما يمنعُ موسى أن يغتسِلَ / معنا إلَّا أنَّه آدَرُ، قال: فذهب مرَّةً يغتسِلُ، فوضع ثوبَه على حجرٍ، ففَرَّ الحجرُ بثوبِه، قال: فجمع(2) موسى بإِثرِه يقول: ثوبي حجرُ، ثوبي حجرُ، حتَّى نظرتْ بنو إسرائيلَ إلى سَوأة موسى، فقالوا: والله ما بموسى مِن بأسٍ، فقام الحجرُ حتَّى نُظرَ إليه، قال: فأخذ ثوبَه، فطفِقَ بالحجرِ ضرباً(3)».
          قال أبو هريرةَ: والله إنَّه بالحجر نَدَباً سِتَّةٌ أو سبعةٌ، ضَرْبُ موسى بالحجر. [خ¦278]
          وأخرجه البخاريُّ(4) من حديث محمَّد بن سيرينَ والحسنِ وخِلاسِ بن عمرٍو عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «إنَّ موسى كان رجلاً حَيِيَّاً سِتِّيراً، لا يُرى من جِلْدِه شيءٌ، استحياءً منه، فآذاه مَن آذاه من بني إسرائيلَ، فقالوا: ما يستتِرُ هذا التَّستُّرَ إلَّا من عَيبٍ بجِلدِه: إمَّا برَصٌ، وإمَّا أُدرةٌ، وإمَّا آفةٌ، وإنَّ اللهَ أراد أن يبرِّئَه ممَّا قالوا لموسى، فخلا يوماً وحدَه فوضع ثيابَه على الحجر ثمَّ اغتسلَ، فلمَّا فرغَ أقبلَ إلى ثيابه ليأخذَها، وإنَّ الحجرَ عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلبَ الحجرَ، فجعل(5) يقول: ثوبي حجرُ، ثوبي حجرُ، حتَّى انتهى إلى ملأهِ بني إسرائيلَ، فرأَوه عُرياناً أحسنَ ما خلقَ الله، وأبرأه اللهُ ممَّا يقولون، وقام الحجرُ، فأخذ بثوبه فلبِسَه، وطفِقَ بالحجر ضرباً بعصاه، فوالله إنَّ بالحجر لنَدَباً(6) من أثَر ضربِه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً، فذلك قوله: / {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللهِ وَجِيهًا}[الأحزاب:69]». [خ¦3404]
          وأخرجه مسلمٌ من حديث عبد الله بن شقيقٍ عن أبي هريرةَ قال: «كان موسى رجلاً حَيِيَّاً، قال: فكان لا يُرى متجرِّداً، قال: فقالت بنو إسرائيلَ: إنَّه آدَرُ، قال: فاغتسلَ عندَ مُوَيهٍ، فوضع ثوبَه على حَجرٍ، فانطلق الحجرُ يسعى، واتَّبعه بعصاه يضرِبُه: ثوبي حجرُ، ثوبي حجرُ، حتَّى وقف على ملأٍ من بني إسرائيلَ، ونزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللهِ وَجِيهًا}[الأحزاب:69]».
          قال أبو مسعودٍ الدِّمشقيُّ في كتابه: وكذا رواه أبو الأشعثِ عن يزيدَ بن زُريعٍ، ورواه أبو الرَّبيع الزهرانيُّ عن يزيدَ بطوله، إلى قوله: «حتى وقفَ على ملأٍ من بني إسرائيلَ». ثمَّ قال يزيدُ: [وحدَّثنا الكلبيُّ قال: فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ} الآية [الأحزاب:69]]. فبيَّن أنَّ ذِكرَ الآيةِ من قولِ الكلبيِّ لا من الحديثِ.


[1] السَّوأَةُ: العورة.
[2] جَمَحَ الرجلُ: إذا أسرع إسراعاً لا يردُّ وجهَه شيءٌ، وجمحَ الفرس إذا ركب رأسه ولم يردَّه اللِّجام.
[3] سقط قوله: (ضرباً) من (ت).
[4] سقط قوله: (البخاري) من (ت).
[5] يقال: ظل يفعل كذا، وجعلَ يفعلُ كذا، وأقبل يفعل كذا: إذا شرع في الفعل.
[6] النَّدَبُ: الأثر.