الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال

          2226- الثَّامن والخمسون: عن يونسَ عن الزهريِّ عن سعيدٍ وأبي سلمةَ عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «نحن أحقُّ بالشَّكِّ من إبراهيمَ(1) إذ / قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة:260] ويرحمُ الله لوطاً، لقد كان يأوي(2) إلى رُكنٍ شديدٍ، ولو لبثتُ في السِّجنِ طولَ لُبثِ يوسفَ لأجبتُ الدَّاعيَ».
          وفي حديث أحمد بن صالحٍ عن ابن وهْبٍ نحوُه، وقال في أوَّله: «نحن أحقُّ بالشَّكِّ من إبراهيمَ إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى}[البقرة:260]». [خ¦3372]
          وكذا في روايةِ عمرِو بن الحارثِ عن يونسَ. [خ¦4694]
          وأخرجاه من حديث الزهريِّ عن سعيدٍ وأبي عُبيد عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «رحمَ الله لوطاً، لقد كان يأوي إلى رُكنٍ شديدٍ، ولو لبِثتُ في السِّجنِ ما لبِثَ يوسفُ ثمَّ أتاني الدَّاعي لأجبتُ».
          قال مسلمٌ في رواية جُويريةَ عن مالكٍ عن سعيدٍ وأبي عُبيدٍ بمثلِ حديث يونُسَ عن الزهريِّ، وفيه ذكر إبراهيمَ، قال: وفي حديث مالكٍ: «{وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة:260] ثمَّ قرأ هذه الآيةَ حتَّى جازها». [خ¦3387]
          وفي حديث أبي [أُويس] عن الزهريِّ كروايةِ مالكٍ بإسناده، وقال: «ثمَّ قرأَ هذه الآية حتَّى أنجَزها» (3).
          وأخرج البخاريُّ منه طرفاً من حديث شعيبِ عن أبي حمزةَ عن أبي الزنادِ / عن الأعرجِ عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «يغفِرُ الله لِلوطٍ، إنْ كانَ لَيأْوي إلى رُكنٍ(4) شديدٍ» لم يزد.
          وأخرج هذا أيضاً مسلمٌ من حديث ورقاءَ بن عمرَ عن أبي الزنادِ بنحوِه، لم يزِد. [خ¦3375]


[1] الشَّكُّ والشُّكوك: خلاف اليقين، نحن أحقُّ بالشك من إبراهيمَ؛ لأنه قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة:260] فقال قوم حين سمعوا الآيةَ: قد شكَّ إبراهيم ولم يشكَّ نبينا فقال تواضعاً وتقديماً لإبراهيم على نفسه: «أنا أحق بالشك منه»: أي أننا لم نشكَّ ونحن دونه، فكيف يشكُّ هو؟ قال ذلك القتيبيُّ، وقال: تأويل قوله: {وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} أي يتيقَّن النظر، قال: واليقين جنسان: يقين السمع، ويقين البصر وهو أعلاهما، وكذلك قيل في قصة موسى: إن الله تعالى لمَّا أعلمه بعبادةِ قومه العجلَ، فلم يلقِ الألواحَ، فلما عايَن ذلك ألقاها، وفي بعض الروايات: «ليس المخبرُ كالمعاين».
[2] أوى وآوى: بمعنى واحد، وأوى الإنسان إلى منزله أوياً، وآويتُه أنا أُؤويه إيواءً وأَويةً أيضاً، والمأوى: مكان كلِّ شيء ومرجعُه الذي يعود إليه.
[3] وتصحَّف في (ت) إلى: (أبي يونس)، وصححناه من نسختنا من رواية مسلم.
[4] رُكنُ الشَّيء: جانبُه الأقوى، وهو يأوي إلى ركنٍ شديد: أي إلى عزٍّ ومنعة، وجبلٌ أركنُ: له أركان عالية شديدة، ورجل رُكنٌ: ثابت متثبِّت.