-
مقدمة المصنف
-
باب الألف
-
باب الباء
-
باب التاء
-
باب الثاء
-
باب الجيم
-
باب الحاء
-
باب الخاء
-
باب الدال
-
باب الذال
-
باب الراء
-
باب الزاي
-
باب السين
-
باب الشين
-
باب الصاد
-
باب الضاد
-
باب الطاء
-
باب الظاء
-
باب العين
-
عابس بن ربيعة النخعي الكوفي
-
عارم بن الفضل
-
عاصمٌ بن أبي النجود
-
عاصم بن سليمان الأحول
-
عاصم بن عمر بن الخطاب
-
عاصم بن عمر
-
عاصم بن علي
-
عاصم بن محمد
-
عامر بن أسامة
-
عامر بن أبي موسى أبو بردة الأشعري
-
عامر بن ربيعة
-
عامر بن سعد بن أبي وقاص
-
عامر بن شراحيل
-
عامر بن عبد عمرو
-
عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام
-
عامر بن مصعب
-
عامر بن واثلة
-
عامر بن عبد الله
-
عامر بن عبد الله بن الجراح أبو عبيدة
-
عائذ بن عمرو
-
عائذ الله بن عبد الله أبو إدريس الخولاني
-
عباد بن راشد
-
عباد بن تميم
-
عباد بن عبد الله
-
عباد بن عباد
-
عباد بن العوام
-
عباد بن موسى الختلي
-
عباد بن يعقوب الرواجني
-
عبادة بن الصامت
-
عبادة بن الوليد
-
عبدة بن سليمان
-
عبدة بن عبد الله
-
عبدة بن أبي لبابة
-
عبيدة بن حميد الكوفي
-
عبيدة بن عمرو السلماني
-
عبيدة بن معتب الضبي
-
عبيد بن إسماعيل الكوفي
-
عبيد بن جريج التيمي
-
عبيد بن حنين
-
عبيد بن السباق
-
عبيد بن عمير
-
عبيد بن أبي مريم
-
عباس بن الحسين
-
عباس بن سهل
-
عباس بن عبد المطلب
-
عباس بن فروخ
-
عباس بن الوليد
-
عبدان عثمان بن جبلة
-
عباية بن رفاعة
-
عبثر بن القاسم
-
عبد الله بن إدريس
-
عبد الله بن أبي أوفى
-
عبد الله بن براد
-
عبد الله بن بريدة
-
عبد الله بن بسر
-
عبد الله بن بكر
-
عبد الله بن أبي بكر
-
عبد الله بن ثعلبة
-
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب
-
عبد الله بن جعفر
-
عبد الله بن جحش
-
عبد الله بن الحارث بن نوفل
-
عبد الله بن الحارث أبو الوليد البصري
-
عبد الله بن حبيب
-
عبد الله بن حذافة
-
عبد الله بن الحسين
-
عبد الله بن حفص
-
عبد الله بن حنين
-
عبد الله بن حماد
-
عبد الله بن الحارث
-
عبد الله بن خباب
-
عبد الله بن داود
-
عبد الله بن دينار
-
عبد الله بن ذكوان
-
عبد الله بن رجاء
-
عبد الله بن رواحة
-
عبد الله بن الزبير بن العوام
-
عبد الله بن الزبير
-
عبد الله بن زمعة
-
عبد الله بن زياد
-
عبد الله بن زيد بن عاصِم
-
عبد الله بن زيد بن عمرو
-
عبد الله بن سالم
-
عبد الله بن سخبرة
-
عبد الله بن سعيد بن جبير بن هشام
-
عبد الله بن سعيد بن أبي هند
-
عبد الله بن سعيد بن يحمد
-
عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان
-
عبد الله بن سعيد بن حصين
-
عبد الله بن سلام
-
عبد الله بن سهل
-
عبد الله بن شداد
-
عبد الله بن صالح
-
عبد الله بن الصباح
-
عبد الله بن طاووس
-
عبد الله بن عامر
-
عبد الله بن عباس
-
عبد الله بن عتبة
-
عبد الله بن عبد الله
-
عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتِيك
-
عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل
-
عبد الله بن عبيد الله
-
عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف
-
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق
-
عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر
-
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة
-
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين
-
عبد الله بن عبيدة بن نشيط
-
عبد الله بن عبد الوهاب
-
عبد الله بن عثمان
-
عبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق
-
عبد الله بن عروة
-
عبد الله بن العلاء
-
عبد الله بن عمر بن الخطاب
-
عبد الله بن عمر النميري
-
عبد الله بن عمرو
-
عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج
-
عبد الله بن عون
-
عبد الله بن عيسى
-
عبد الله بن علقمة
-
عبد الله بن الفضل
-
عبد الله بن فيروز
-
عبد الله بن قيس
-
عبد الله بن كعب
-
عبد الله بن كثير
-
عبد الله بن كيسان
-
عبد الله بن لهيعة
-
عبد الله بن أبي لبيد
-
عبد الله بن مالك
-
عبد الله بن المبارك
-
عبد الله بن المثنى
-
عبد الله بن أبي المجالد
-
عبد الله بن محمد بن الحنفية
-
عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق
-
عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل
-
عبد الله بن محمد بن أسماء
-
عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن
-
عبد الله بن محمد بن أبي الأسود
-
عبد الله بن محمد بن أبي شيبة
-
عبد الله بن محمد بن عبد الله
-
عبد الله بن محيريز
-
عبد الله بن مرة
-
عبد الله بن مسعود
-
عبد الله بن مسلم
-
عبد الله بن مسلمة
-
عبد الله بن معقل
-
عبد الله بن مغفل
-
عبد الله بن منير
-
عبد الله بن أبي نجيح
-
عبد الله بن نمير
-
عبد الله بن وديعة
-
عبد الله بن وقدان
-
عبد الله بن وهب بن مسلم
-
عبد الله بن هشام بن عثمان
-
عبد الله بن يحيى المعافري
-
عبد الله بن يحيى ابن أبي كثير اليمامي
-
عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان
-
عبد الله بن يزيد
-
عبد الله بن يزيد بن زيد الأنصاري
-
عبد الله بن يسار
-
عبد الله بن يوسف التنيسي
-
عبيد الله بن أبي رافع
-
عبيد الله بن الأخنس
-
عبيد الله بن الأسود
-
عبيد الله بن أبي بكر
-
عبيد الله بن أبي جعفر
-
عبيد الله بن أبي عبد الله
-
عبيد الله بن أبي يزيد
-
عبيد الله بن سعد
-
عبيد الله بن سعيد
-
عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب
-
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
-
عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور
-
عبيد الله بن عبيد الرحمن
-
عبيد الله بن عبد المجيد
-
عبيد الله بن عمر بن حفص
-
عبيد الله بن عمر
-
عبيد الله بن عدي
-
عبيد الله بن عمرو
-
عبيد الله بن كعب
-
عبيد الله بن مقسم
-
عبيد الله بن معاذ
-
عبيد الله بن موسى
-
عبد الأعلى بن حماد
-
عبد الأعلى بن عبد الأعلى
-
عبد الأعلى أبو مسهر ابن مسهر الغساني الدمشقي
-
عبد الحميد بن أبي أويس
-
عبد الحميد بن جبير
-
عبد الحميد بن دينار الزيادي
-
عبد الحميد بن عبد الرحمن
-
عبد الحميد بن عبد الرحمن بن بشمين
-
عبد ربه بن سعيد
-
عبد ربه بن نافع
-
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق
-
عبد الرحمن بن أبزى
-
عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث
-
عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد
-
عبد الرحمن بن إبراهيم
-
عبد الرحمن بن أبي بكرة
-
عبد الرحمن بن أبي عمرة
-
عبد الرحمن بن أبي الموالي
-
عبد الرحمن بن أبي ليلى
-
عبد الرحمن بن أبي نعم
-
عبد الرحمن بن بشر بن الحكم
-
عبد الرحمن بن جابر
-
عبد الرحمن بن حماد
-
عبد الرحمن بن حميد
-
عبد الرحمن بن خالد
-
عبد الرحمن بن جبر
-
عبد الرحمن بن أبي الزناد
-
عبد الرحمن بن سعد
-
عبد الرحمن بن سمرة
-
عبد الرحمن بن سليمان
-
عبد الرحمن بن سعد بن المنذر
-
عبد الرحمن بن شريح
-
عبد الرحمن بن عابس
-
عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود
-
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة
-
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب
-
عبد الرحمن بن عبد الله بن الأصبهاني
-
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار
-
عبد الرحمن بن عبد الله جردقة
-
عبد الرحمن بن عبد الملك
-
عبد الرحمن بن عبد
-
عبد الرحمن بن عبيد
-
عبد الرحمن بن عمرو
-
عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد
-
عبد الرحمن بن عابس مكرر
-
عبد الرحمن بن عوف
-
عبد الرحمن بن عسيلة
-
عبد الرحمن بن غزوان
-
عبد الرحمن بن غنم
-
عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق
-
عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العتقي
-
عبد الرحمن بن كعب بن مالك
-
عبد الرحمن بن لهيعة
-
عبد الرحمن بن مالك
-
عبد الرحمن بن المبارك
-
عبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي
-
عبد الرحمن بن مطيع
-
عبد الرحمن بن مطعم
-
عبد الرحمن بن المغيرة
-
عبد الرحمن بن مل أبو عثمان النهدي
-
عبد الرحمن بن غنم بن كريب
-
عبد الرحمن بن مهدي
-
عبد الرحمن بن نمر
-
عبد الرحمن بن هرمز
-
عبد الرحمن بن يزيد بن جارية
-
عبد الرحمن بن يزيد
-
عبد الرحمن بن يزيد بن قيس
-
عبد الرحمن بن يونس
-
عبد الرحيم بن سليمان
-
عبد الرحيم بن عبد الرحمن
-
عبد الرزاق بن همام
-
عبد السلام بن حرب
-
عبد السلام بن مطهر
-
عبد شمس أبو هريرة
-
عبد الصمد بن عبد الوارث
-
عبد العزيز بن أبي حازم
-
عبد العزيز بن رفيع
-
عبد العزيز بن سياه
-
عبد العزيز بن صهيب
-
عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة
-
عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى
-
عبد العزيز بن عبد الصمد
-
عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز
-
عبد العزيز بن عثمان بن جبلة
-
عبد العزيز بن مسلم
-
عبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد
-
عبد العزيز بن المختار
-
عبد العزيز بن المطلب
-
عبد الغفار بن داود
-
عبد القدوس بن الحجاج
-
عبد القدوس بن محمد
-
عبد الكبير بن عبد المجيد
-
عبد الكريم بن مالك
-
عبد الكريم بن أبي المخارق
-
عبد المتعالي بن طالب
-
عبد المجيد بن سهيل
-
عبد الملك بن أبي بكر
-
عبد الملك بن أعين
-
عبد الملك بن إبراهيم
-
عبد الملك بن حبيب
-
عبد الملك بن حميد
-
عبد الملك بن الصباح
-
عبد الملك بن عمرو
-
عبد الملك بن عمير
-
عبد الملك بن عبد العزيز
-
عبد الملك بن ميسرة
-
عبد الواحد بن أيمن
-
عبد الواحد بن زياد
-
عبد الواحد بن عبد الله
-
عبد الواحد بن واصل
-
عبد الوارث بن سعيد
-
عبد الوهاب بن عبد المجيد
-
عتاب بن بشير
-
عتبان بن مالك
-
عتبة بن عبد الله
-
عتبة بن مسلم
-
عثمان بن صالح
-
عثمان بن عمر
-
عثمان بن غياث
-
عثمان بن فرقد
-
عثمان بن محمد بن أبي شيبة
-
عثمان بن الهيثم
-
عثمان بن أبي رواد
-
عثمان بن أبي زرعة
-
عثمان بن الأسود
-
عثمان بن جبلة
-
عثمان بن عاصم
-
عثمان بن عبد الله بن سراقة
-
عثمان بن عبد الله
-
عثمان بن عبد الرحمن
-
عثمان بن عفان
-
عثمان بن عروة بن الزبير
-
عدي بن ثابت
-
عدي بن حاتم
-
عراك بن مالك الغفاري
-
عروة بن الجعد
-
عروة بن الحارث أبو فروة الأكبر
-
عروة بن الزبير
-
عروة بن المغيرة
-
عزرة بن ثابت
-
عصام بن خالد
-
عطاء بن أبي رباح
-
عطاء بن أبي ميمونة
-
عطاء بن السائب
-
عطاء
-
عطاء بن صهيب
-
عطاء بن مينا
-
عطاء بن يزيد
-
عطاء بن أبي مسلم
-
عطاء بن يسار
-
عفان بن مسلم
-
عطية بن قيس الشامي
-
عقبة بن الحارث
-
عقبة بن خالد
-
عقبة بن صهبان
-
عقبة بن عامر بن عبس
-
عقبة بن عبد الغافر
-
عقبة بن عمرو
-
عقبة بن وساج
-
عقيل بن أبي طالب
-
عقيل بن خالد
-
عكرمة بن عبد الله
-
عكرمة بن خالد
-
عكرمة بن عبد الرحمن
-
علقمة بن بلال الشهير بعلقمة ابن أبي علقمة
-
علقمة بن قيس
-
علقمة بن مرثد
-
علقمة بن وقاص
-
علي بن أبي طالب
-
علي بن إبراهيم
-
علي بن الأقمر
-
علي بن الجعد
-
علي بن الحسن
-
علي بن الحسين
-
علي بن حجر
-
علي بن حفص
-
علي بن الحكم
-
علي بن الحكم بن ظبيان
-
علي بن دواد
-
علي بن ربيعة
-
علي بن سويد
-
علي بن الطمراخ
-
علي بن عبد الله بن جعفر
-
علي بن عبد الله بن إبراهيم
-
علي بن عبد الحميد
-
علي بن عياش
-
علي بن المبارك
-
علي بن مدرك
-
علي بن مسهر
-
علي بن مسلم
-
علي غير منسوب
-
علي بن نصر
-
علي بن يحيى
-
عمار بن ياسر
-
عمارة بن عمير
-
عمارة بن القعقاع
-
عمارة بن نابت
-
عمر بن حفص
-
عمر بن الحكم
-
عمر بن الخطاب
-
عمر بن عبد العزيز
-
عمر بن أبي زائدة
-
عمر بن ذر
-
عمر بن أبي سلمة
-
عمر بن عبد الله بن الأرقم
-
عمر بن عبد الله بن عروة
-
عمر بن عبيد
-
عمر بن علي
-
عمر بن العلاء بن عمار
-
عمر بن كثير بن أفلح
-
عمر بن محمد بن جبير
-
عمر بن محمد بن زيد
-
عمر بن محمد بن الحسن
-
عمر بن نافع
-
عمر بن يونس
-
عمرو بن عمرو الأسود
-
عمرو بن أمية
-
عمرو بن أوس
-
عمرو بن تغلب
-
عمر وبن الحارث بن المصطلق
-
عمرو بن الحارث بن يعقوب
-
عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان
-
عمرو بن خالد
-
عمرو بن خويلد
-
عمرو بن سلمة
-
عمرو بن سليم
-
عمرو بن شرحبيل
-
عمرو بن الشريد
-
عمرو بن دينار
-
عمرو بن الربيع
-
عمرو بن ربعي
-
عمرو بن زرارة
-
عمرو بن العاصي
-
عمرو أبو مالك أو أبو عامر الأشعري
-
عمرو بن عاصم
-
عمرو بن عامر
-
عمرو بن عباس
-
عمرو بن عبد الله
-
عمرو بن عبد الله بن قيس
-
عمرو بن عثمان
-
عمرو بن علي
-
عمرو بن عوف
-
عمرو بن عون
-
عمرو بن عيسى
-
عمرو بن أبي عمرو
-
عمرو بن محمد بن بكير
-
عمرو بن ميمون أبو عبد الله الأودي
-
عمرو بن ميمون بن مهران
-
عمرو بن أبي سفيان
-
عمرو بن أبي سلمة
-
عمرو بن مرة
-
عمرو بن مرزوق
-
عمرو بن يحيى بن عمارة
-
عمرو بن يحيى بن سعيد
-
عمران بن حصين
-
عمران بن حطان
-
عمران بن مسلم
-
عمران بن ملحان
-
عمران بن ميسرة
-
عمران بن داور
-
عمير بن الأسود
-
عمير بن عبد الله
-
عمير بن سعيد
-
عمير بن هانئ
-
عنبسة بن خالد
-
عنبسة بن سعيد بن العاص
-
العوام بن حوشب
-
عوف بن أبي جميلة
-
عوف بن الحارث بن الطفيل
-
عوف بن الحارث الصحابي
-
عوف بن مالك بن أبي عوف
-
عون بن أبي جحيفة
-
عويمر بن زيد بن قيس
-
العلاء بن الحضرمي
-
العلاء بن المسيب
-
عياش بن الوليد
-
عياض بن عبد الله
-
عيسى بن حفص
-
عيسى بن طلحة
-
عيسى بن أبي عيسى
-
عيسى بن طهمان
-
عيسى بن يونس
-
عابس بن ربيعة النخعي الكوفي
-
باب الغين
-
باب الفاء
-
باب القاف
-
باب الكاف
-
باب اللام
-
باب الميم
-
باب النون
-
باب الهاء
-
باب الواو
-
باب اللام ألف
-
باب الياء
-
أسماء النساء
-
الأنساب والكنى
-
باب في بيان أسماء من تفرد به مسلم في صحيحه
-
باب في بيان الكنى التي تفرد بذكرها مسلم
-
من كنى النساء
963 # عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص، الأمويُّ، أمير المؤمنين، أمُّه أمُّ عاصم ليلى بنت عاصم، بن عمر بن الخطَّاب.
ولي إمرة المدينة للوليد، وكان مع سليمان بن عبد الملك كالوزير، وولي الخلافة بعده، فعدل بين المسلمين، وسار سيرة(1) جدِّه عمر بن الخطَّاب، وهو ما(2) أخبر به عمر، ☺، فإنَّه كان كثيراً ما يقول: سيكون من ذرِّيَّتي رجل بوجهه شجَّة يملأ الدُّنيا(3) عدلاً. فكان كذلك، وعُدَّ من الخلفاء الرَّاشدين، وكان سفيان يقول: الخلفاء خمسة، ويعدُّ عمر بن عبد العزيز الخامس، وهو الذي صحَّح الله به هذا الدِّين، على رأس مئة (سنة). قال الإمام أحمد بن حنبل: يروى في الحديث «أنَّ الله يبعث على رأس كلِّ مئة [عام] من يصحِّح [لهذه الأمَّة] دينها». فنظرنا في المئة الأولى، فإذا عمر بن عبد العزيز.
قال النَّوويُّ في تهذيب الأسماء(4) : حمله العلماء في المئة الأولى على عمر، والثَّانية على الشَّافعي، والثَّالثة على ابن سُريج. وقال ابن عساكر _كما نقله عنه الكرمانيُّ_ هو الشَّيخ أبو الحسن الأشعريُّ، وفي الرَّابعة على [سهل بن] أبي سهل الصعلوكيُّ، وقيل: القاضي أبو بكر الباقلَّانُّي. وقيل: أبو حامد الإسفراينيُّ. وفي الخامسة الغزاليُّ.
قال الكرمانيُّ: هذا أمر ظنِّيٌّ(5) ، لا مطمع لليقين فيه، فللحنفيَّة أن يقولوا: هو الحسن بن زياد في الثَّانية، والطَّحاويُّ في الثَّالثة. وللمالكيَّة أنَّه أشهب في الثَّانية، وهلمَّ جرًّا، وللحنبليَّة أنَّه الخلَّال في الثَّانية، والزَّاغونيُّ في الخامسة، وللمحدِّثين أنَّه يحيى بن معين في الثَّانية، والنَّسائيُّ في الثَّالثة، ولأولي الأمر أنَّه المأمون والمقتدر [في الثَّالثة، والقادر] ، وللزُّهَّاد أنَّه معروف الكرخيُّ في الثَّانية، والشِّبليُّ في الثَّالثة، ونحوهما، لأنَّ(6) تصحيح الدِّين متناول لجميع أنواعه، مع أنَّ لفظة «مَنْ» يحتمل التَّعدُّد في المصحِّح، [ قلت: فتصحُّ الأقوال كلُّها، وكلُّهم مجمعون على المئة الأولى أنَّه عمر بن عبد العزيز، واختلفوا فيما بعده فتأمَّل،] وقد كان قبل كلِّ مئة أيضاً من يصحِّح ويقوم بأمر الدِّين، وإنَّما المراد (من) انقضت المئة وهو حيٌّ مشار إليه، ولا يبعد أن يكون في السَّادسة الإمام فخر الدِّين الرَّازيُّ، وكيف لا؟ ولولاه مثلاً لامتلأت الدُّنيا من شبه الفلاسفة، وهو الدَّاعي إلى الله تعالى / في إثبات القواعد الحقَّانيَّة، وحجَّة الحقِّ على الخلق في تصحيح العقائد الإيمانية.
قلت: وقد جزم السُّبكيُّ في الطَّبقات(7) بأنَّه(8) الإمام فخر الدِّين في السَّادسة، وقال: في السَّابعة هو ابن دقيق العيد. وستسمع لهذا البحث زيادة تقرير في ترجمة الشَّافعيِّ إزاءه، وكان يقال لعمر: الأشجُّ؛ لما ضربته دابَّته في وجهه فشجَّته، وكان رَبْعَةً، دقيق الوجه حسنه، نحيف الجسم، بجبهته [أثر] نفحة(9) دابَّة، وكان نقش خاتمه: عمر يؤمن بالله خالصاً.
قال زيد بن أسلم عن أبيه: بينما عمر بن الخطَّاب يعسُّ بالمدينة إذ أعيا، فاتَّكأ على جانب جدار، فإذا امرأة تقول لابنتها: قومي إلى اللَّبن فاخلطيه بالماء. فقالت: يا أمَّاه، أما علمت ما كان من أمر أمير المؤمنين [اليوم] ؟ قالت: وما كان (من أمره)؟ قالت: أمر منادياً ينادي: ألا لا يشاب اللَّبن بالماء. فقالت: قومي فاخلطي، فإنَّك بموضع لا يراك عمر ولا مناديه. فقالت: والله لا أطيعه في الملأ، وأعصيه في الخلاء. وعمر يسمع كلَّ ذلك، فقال: يا أسلم، علِّم الباب. فلمَّا أصبح قال: يا أسلم، ائت الموضع، وانظر من القائلة(10) ، ومن المقول لها، وهل القائلة ذات زوج؟ فأتى الموضع، وإذا بهما ليس لهما رجل، فأخبر بذلك عمر، فجمع عمر أولاده، وقال: هل فيكم من يحتاج إلى امرأة فأزوِّجه؟ ولو كان بأبيكم حركة إلى النِّساء ما سبقه منكم أحد إليها. فقال عبد الرَّحمن وعبد الله(11) : لنا زوجات(12) . وقال عاصم: لا زوجة لي، فزوِّجني. فبعث إلى الجارية، وزوَّجها من عاصم، فولدت لعاصم بنتاً، وولدت البنت عمر بن عبد العزيز.
قال رباح بن عبيدة: رأيت عمر بن عبد العزيز، وهو أمير على المدينة، وشيخ يتوكَّأ على يده، فقلت لنفسي: إنَّ هذا الشَّيخ جافٍ، يتوكَّأ على يد الأمير! فلمَّا صلَّى ودخل تبعته، فقلت: أصلح الله الأمير! مَنْ الشَّيخ الذي كان يتوكَّأ على يدك؟ قال: رأيته يا رباح؟ قلت: نعم. قال ذاك أخي الخضر، أتاني وأعلمني أنِّي سألي الأمر، وأنِّي سأعدل فيه.
قيل: لمَّا انصرف عمر من دفن سليمان بن عبد الملك سمع للأرض هزَّة(13) ، فقال(14) : ما هذه؟ قيل: هذه مراكب الخلافة يا أمير المؤمنين، قرِّبت إليك؛ لتركبها(15) . فجاءه صاحب الشُّرطة ليسير بين يديه، فقال: ما لي ولها، نحُّوها عنِّي، وقرِّبوا إليَّ بغلتي. فركبها، وقال لصاحب الشُّرطة: تنحَّ عنِّي، مالي وذلك، إنَّما أنا رجل من المسلمين. فسار، وسار معه النَّاس حتَّى دخل المسجد، فصعد المنبر، واجتمع النَّاس إليه، فقال: يا أيُّها النَّاس، قد ابتليت بهذا الأمر من غير رأي كان منِّي، ولا طلب له، ولا مشورة من المسلمين، وإنِّي قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم. فصاح المسلمون صيحة واحدة: قد اخترناك يا أمير المؤمنين، ورضيناك، تولَّ(16) أمرنا باليُمن والبركة. فلمَّا رأى الأصوات قد هدأت، ورضي النَّاس [به] جميعاً، حمد الله تعالى، وأثنى عليه، وصلَّى على نبيِّه صلعم، وقال: أوصيكم / بتقوى الله، فإنَّ تقوى الله خَلَف من كلِّ شيء، وليس من تقوى الله خلف، واعملوا لآخرتكم، فإنَّه من عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه، وأصلحوا سرائركم يصلح الله علانيتكم، وأكثروا (من) ذكر الموت، وأحسنوا(17) الاستعداد، قبل أن ينزل بكم، فإنَّه هادم اللَّذَّات، وإنَّه من لا يذكر من آبائه، فيما بينه وبين آدم ◙ [أباً حيَّا] لمفرق(18) [له] في الموت، وإنَّ هذه الأمَّة لم تختلف في ربِّها، ولا [في] نبيِّها، ولا في كتابها، إنَّما اختلفوا في الدِّينار والدِّرهم، وإنِّي _والله_ لا أعطي أحداً باطلاً، ولا أمنع أحداً حقًّا. ثمَّ رفع صوته حتَّى أسمع النَّاس، وقال: أيُّها النَّاس، من أطاع الله فقد وجبت طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم. ثمَّ نزل، فدخل، فأمر بالسُّتور، فهتكت، والبسط التي كانت تبسط للخلفاء، فحملت، وأمر ببيعها، وإدخال(19) أثمانها بيت المال، ثمَّ ذهب يتبوَّأ مقيلاً، فأتاه ابنه عبد الملك، فقال: يا(20) أمير المؤمنين، ماذا تريد أن تصنع؟ قال: أي بنيَّ، أقيل. قال: تقيل(21) ، فلا تردُّ المظالم؟ قال: إنِّي سهرت البارحة في أمر عمِّك سليمان، وإذا صلَّيت الظُّهر رددت المظالم. فقال: يا أمير المؤمنين، من لك أن تعيش إلى الظُّهر؟ فقال: ادنُ [منِّي] أي بنيَّ. فدنا منه، فالتزمه، وقبَّل(22) بين عينيه، وقال: الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني. فخرج (ولم يَقِلْ،) وأمر منادياً ينادي: ألا من كانت له مظلمة فليرفعها. فقام إليه رجل ذمِّيٌّ من أهل حمص، فقال: يا أمير المؤمنين، أسألك كتاب الله. قال: وما ذاك؟ قال: العبَّاس بن الوليد بن عبد الملك اغتصب أرضي. والعبَّاس جالس، فقال: يا عبَّاس، ما تقول؟ قال: أقطعنيها أمير المؤمنين الوليد، وكتب لي سجِّلاً. فقال للذِّمِّيِّ: ما تقول؟ قال: كتاب الله. قال عمر: كتاب الله أحقُّ أن يتَّبع من كتاب الوليد، قم فاردد عليه أرضه. فردَّ عليه، فجعل لا يدع شيئاً كان في أهل بيته من المظالم إلَّا ردَّه، (مظلمة مظلمة)، فلمَّا بلغت(23) الخوارج سيرته اجتمعوا، فقالوا: ما ينبغي لنا أن نقاتل هذا الرَّجل.
قال مالك بن دينار: لمَّا ولي عمر قالت رعاء الشَّاة في رؤوس الجبال: من هذا الخليفة الصَّالح الذي قد قام على النَّاس؟ فقيل: وما علمكم بذلك؟ قالوا: إنَّه إذا قام خليفة صالح كفَّت الذِّئاب [والسِّباع] عن أغنامنا(24) .
قال جسر القصَّاب: كنت أجلب الغنم في خلافة عمر بن عبد العزيز، فمررت براع في غنمه نحو ثلاثين ذئباً، فحسبتها كلاباً، ولم أكن رأيت الذِّئاب قبل ذلك؟ فقلت: يا راعي، ما ترجو بهذه الكلاب كلِّها؟ قال: يا بنيَّ، إنَّها ليست كلاباً، إنَّما هي ذئاب. فقلت: سبحان الله! ذئب في غنم، لا يضرُّه. فقال: يا بنيَّ، إذا صلح الرَّأس فليس على الجسد بأس.
قال سهل بن صدقة، مولى عمر بن عبد العزيز: لمَّا أفضت(25) الخلافة / إلى عمر سمعوا في منزله بكاء عالياً، فسئل عن البكاء، فقيل: إنَّه خيَّر الجواري، وقال: إنَّه (قد) نزل بي أمر شغلني عنكنَّ، فمن أحبَّ أن أعتقه عتقته، ومن أراد أن أمسكه مسكته غير أنَّ لم يكن منِّي إليها شيء. فبكين بأساً منه.
قالت فاطمة بنت عبد الملك زوجة عمر: ما أعلم أنَّه اغتسل من جنابة، ولا من احتلام منذ استخلفه الله حتَّى قبضه.
وقال مولًى لعمر _حين رجع من جنازة سليمان_: ما لي أراك مغتمًّا؟ قال: لمثل ما أنا فيه يغتمُّ(26) ، ليس من أمَّة محمَّد (أحد) في شرق الأرض، ولا في غربها إلَّا وأنا أريد أن أؤدِّي إليه حقَّه غير كاتب إليَّ فيه، ولا طالبه منِّي.
قيل: أُتي عمر بماء قد سخِّن على فحم الإمارة، فكره أن يتوضَّأ منه، وأُتي بعنبرة من اليمن، فوضع يده على أنفه بثوبه وقسمه، فقال له مزاحم: إنَّما هو ريحها يا أمير المؤمنين. فقال: ويحك يا مزاحم! وهل ينتفع من الطِّيب إلَّا بريحه؟ وما زالت يده على أنفه حتَّى رفعت، فقيل: فلم (لا) تغمض عينيك؟ قال (لي): [ليس] (هو) للنَّظر! إنَّما هو للشَّمِّ.
قال رياح بن عبيدة: كان عمر يعجبه أن يؤتدم بالعسل، فأكل منه مرَّة في بيته، فأعجبه، فقال لأهله: من أين لكم هذا؟ قالت امرأته: بعثتُ مولاي بدينارين على بغل البريد، فاشتراه لي. فقال: أقسمت عليك لما أتيتني به. فأتته به، فباعه فيمن يزيد، أي في يد الدَّلاَّل، وردَّ عليها رأس مالها، وألقى بقيَّته في بيت مال المسلمين، وقال: أضنيت(27) دوابُّ المسلمين في شهوة عمر. وكتب مرَّة إلى عامل ليشتري له عسلاً، ولا يسخِّر فيه شيئاً، فاشتراه العامل، وحمله على مركب البريد، فلمَّا أتى عمر قال: علامَ حملته؟ قال: على البريد. فأمر ببيعه، وجعل ثمنه في بيت المال، وقال: أفسدت علينا عسلك. وكان ☺ يلبس الفرو الغليظ، وكان سراجه على ثلاث قصبات فوقها كبَّة طين، وكان يسرج له الشَّمعة ما كان في حوائج المسلمين، فإذا فرغ من حاجتهم أطفأها(28) ، وأسرج سراجه.
قال حجَّة الإسلام الغزاليُّ: وكان ليلةً يشعل عليه شمع، فأتاه أحد من أهله، فحدَّثه، فأطفأ الشَّمعة، وجعل يتحدَّث معه في الظُّلمة، فسئل عن ذلك، فقال: الشَّمعة من بيت المال، وكنت أكتب عليها من أمور المسلمين، وأتاني هذا يحدِّثني من أمر بيتي، فما يجوز لي أن أشعل الشَّمعة في أمري.
قال عمر بن ذرٍّ: ما رأيت رجلاً أشدَّ خوفاً من عمر بن عبد العزيز، وأخذ مرَّة يتوضَّأ بماء حارٍّ، فقال لغلامه: من أين هذا؟ قال: فني حطبنا، فوضعنا الإداوة البارحة في مطبخ الجند. فأبى أن يتوضَّأ به.
قال سعيد بن سويد: خرج عمر بن عبد العزيز إلى الجمعة، وعليه قميص مرقوع، قد بدت الرُّقعة من بين يديه ومن خلفه، فقلت: يا أمير المؤمنين، لو لبست ثوباً أفضل من هذا، فإنَّه يوم جمعة. فطأطأ رأسه ساعة، ثمَّ رفع [رأسه] ، فقال: إنَّ أفضل القصد عند الجِدَة _[أي عند الغنى]_ وإنَّ أفضل العفو عند القدرة.
قيل: نال رجل من عمر، فقيل له: ما يمنعك منه؟ قال: إنَّ المتَّقي ملجم.
قالت زوجته فاطمة بنت عبد الملك: يا مغيرة، / قد يكون من الرَّجال من هو أكثر صلاة وصياماً من عمر، ولكنِّي لم أر أحداً من النَّاس قطُّ كان أشدَّ فرقاً من ربِّه ╡ من عمر، كان إذا دخل البيت ألقى نفسه في مسجده، فلا يزال يبكي ويدعو حتَّى تغلبه عيناه، ثمَّ يستيقظ، فيفعل مثل ذلك ليله أجمع.
قال عبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم: كان لعمر سَفَطٌ فيه درَّاعة من شعر، وغُلٌّ في بيت في جوف بيت يصلِّي فيه، ولا يدخل إليه(29) أحد، فإذا كان في آخر اللَّيل فتح ذلك السَّفَط، فلبس تلك الدرَّاعة، ووضع الغُلَّ في عنقه، فلا يزال يناجي ربَّه ويبكي، حتَّى يطلع الصُّبح، ثمَّ يعيده في السَّفَط. وكتبت الحَجَبَةُ إلى عمر أن يكسو الكعبة، كما كان يفعل مَنْ قبله، فكتب إليهم: إنِّي رأيت أن أجعل ذلك في أكباد جائعة، فإنَّه أولى بذلك من البيت.
أتى رجل إلى عمر، فقال: مرَّ بزرعي جيش إلى الشَّام، فأفسدوه، فعوَّضه منه عشرة آلاف (درهم).
وكان لعمر غلام على بغل له يأتيه كلَّ يوم بدرهم، فجاءه يوماً بدرهم ونصف، فقال: ما بدا لك؟ فقال: نفقت السُّوق. [قال: لا] ولكنَّك أتعبت البغل، أرحه ثلاثة أيَّام.
قال راشد: زار عمر مولاي، فلمَّا أراد الرجوع قال لي: شيِّعه. فلمَّا برزنا إذا نحن بحيَّة سوداء ميتة، فنزل عمر فدفنها، فإذا هاتف يهتف: يا خرقاء، يا خرقاء، إنِّي سمعت رسول الله صلعم يقول لهذه الحيَّة: لتموتنَّ بفلاة من الأرض، وليدفنَّنك خير أهل الأرض يومئذ. فقال: نشدتك الله إن كنت ممَّن يظهر إلَّا ظهرت لي. قال: إنِّي من السَّبعة الذين بايعوا رسول الله صلعم في هذا الوادي، وإنِّي سمعته يقول لهذه الحيَّة، وذكر، كما ذكر، فبكى عمر حتَّى كاد أن يسقط عن(30) راحلته، وقال: يا راشد: أنشدك الله أن لا تخبر بهذا أحداً حتَّى تواريني التُّراب.
دخل رجل على عمر، فقال: يا(31) أمير المؤمنين، إنَّ من كان قبلك كانت الخلافة لهم زيناً، وأنت زين الخلافة، وإنَّما مثلك، كما قال الشَّاعر _من البحر الخفيف_:
وإذا الدُّرُّ زانَ حُسْنَ وجوهٍ كان للدُّرِّ حسنُ وجهِك زَيْنَا
قال رجاءُ بنُ حَيْوَةَ: سهرت ليلة عند عمر (بن عبد العزيز)، فاعتلَّ السِّراج، فقمت لأصلحه، فأمرني بالجلوس، ثمَّ قام وأصلحه وجلس، فقلت: يا أمير المؤمنين. قال: مه! قمت وأنا عمر، وجلست وأنا عمر، ولؤم بالرَّجل أن يستخدم ضيفه.
قال عمر: رأيت النَّبيَّ صلعم في المنام، فقال: ادنُ يا عمر. فدنوت حتَّى كدت أصافحه، فإذا كهلان قد اكتنفاه، فقال: إذا وليت أمر أمَّتي، فاعمل في ولايتك نحو ما عمل هذان في ولايتهما. فقلت: ومن(32) هذان؟ قال: أبو بكر وعمر.
قال عمرو بن المهاجر: رأى رجل من البصرة في منامه قائلاً يقول له: حجَّ عامك هذا. فقال: ما لي من مال، فأين أحجُّ؟ وهكذا إلى اللَّيلة الثَّالثة، فقال له: احفر موضع كذا من دارك، فإنَّ فيها درعاً، فبعها وحجَّ. فلمَّا أصبح حفر، واستخرج الدِّرع، فلمَّا حجَّ، وقضى مناسكه، قال: جئت إلى البيت لأودِّعه، فسرقتني عيناي، فإذا النَّبيُّ صلعم يمشي بين أبي بكر وعمر، فقال لي: ائت عمر بن عبد العزيز واقرأه منِّي السَّلام، وقل له: إنَّ رسول الله صلعم يقول: اسمك عندنا عمر المهديُّ، / وكنيتك أبو اليتامى، فاشدد يدك على العريف والماكِس، وإيَّاك أن تحيد عن طريقة هذا وهذا، فيحادُ بِك عنِّي. فانتبه، وهو يبكي، فقال: رسول الله أرسلني، فلو كانت رسالته في الظُّلمات لبلَّغتها أو أموت. فأقبل نحو الشَّام إلى عمر، وكان بدَيْرِ سَمْعَانَ، فأتى حاجبه، فقال: استأذن لي على عمر. وقال له: إنِّي رسول رسول الله صلعم. فقال الحاجب: هذا مولَّه. وهكذا استأذن اليوم الثَّاني والثَّالث، فدخل الحاجب على عمر، وقال: يا أمير المؤمنين، ههنا رجل مولع(33) بالاستئذان ثلاثة أيَّام، فإذا قلت له: من أنت؟ يقول: أنا رسول رسول الله صلعم. فأذن له، فدخل، وأخبره بقصَّة رؤياه، وما رآه(34) في منامه، فقال عمر: مروا له بكذا. قال: ما أقبل لرسالة رسول الله صلعم شيئاً، ولو أعطيتني جميع ما تملك. وخرج. قال عمرو بن المهاجر(35) : فأنا بعد ذاك كنت أنام على باب عمر، مخافة أن يحدث من أمر النَّاس(36) شيء، فأصلحه وإلَّا نبَّهته، فانتبهت ليلة ببكائه، ونحيبه(37) قد غلب عليه، قلت: يا أمير المؤمنين، ما الذي دهاك؟ قال: إنَّ الله تعالى قد صدَّق رؤيا البصريِّ، رأيت النَّبيَّ صلعم وأبا بكر وعمر، مثل ما رأى البصريُّ، وقال مثل ما قال، وجعل عمر ينتحب، ويقول: أَنَّى لي بطريقة هذا وطريقة هذا؟
قال أبو حازم الخُنَاصِرِيُّ الأَسَدِي: قدمت دمشق في خلافة عمر، يوم الجمعة، والنَّاس يدخلون الجامع، فقلت: إن أتيت منزلي الذي أريد النُّزول فيه فاتتني الصَّلاة. فنزلت عن بعيري وعقلته، ودخلت المسجد، وإذا عمر يخطب النَّاس، فلمَّا رآني عرفني، فناداني: يا أبا حازم، إليَّ إليَّ. فلمَّا سمع النَّاس نداءه وسَّعوا لي، فدنوت من المحراب، فلمَّا صلَّى التفت إليَّ، وقال: متى قدمت؟ قلت: السَّاعة، وبعيري معقول بباب المسجد. فقلت: أنت عمر بن عبد العزيز؟ قال: نعم. قلت: تالله لقد كنت عندنا بخناصرة _اسم بلد بالشَّام_ أميراً لعبد الملك بن مروان، فكان وجهك وَضِيَّاً، ومركبك وَطِيَّاً، وطعامك شهياً، وحرسك شديداً، فما الذي غيَّرك، وأنت أمير المؤمنين؟ قال: يا أبا حازم، أنشدك الله إلَّا حدَّثتني الحديث الذي حدَّثتني بخناصرة. قلت: نعم، سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلعم يقول: «إنَّ بين يديكم عقبة كؤوداً، لا يجوزها إلَّا كلُّ ضامر مهزول». فبكى عمر حتَّى علا نحيبه، ثمَّ قال: يا أبا حازم، أفتلومني أن أضمِّر نفسي لتلك العقبة، لعلِّي أن أنجو منها، وما أظنُّني(38) منها بناج. قال أبو حازم: فأغمي على عمر، ثمَّ ضحك حتَّى بدت نواجذه، وأكثرَ الناسُ فيه القولَ، فقلت: اسكتوا وكفُّوا، فإنَّه لقي أمراً عظيماً. فلمَّا أفاق بدرت النَّاس إلى كلامه، فقلت: لقد رأينا منك عجباً! قال: أو رأيتم ذلك؟ قلت: نعم. قال: لمَّا أغمي عليَّ رأيت كأنَّ القيامة قد قامت، وقام النَّاس لربِّ العالمين، فكانوا عشرين ومئة صفٍّ، أمَّة محمَّد صلعم من ذلك / ثمانون صفًّا، وسائر الأمم من الموحِّدين أربعون صفًّا، فوضع الكرسي، ونصب الميزان، ونشرت الدَّواوين، ونادى المنادي: أين عبد الله بن أبي قحافة. فإذا بشيخ(39) طويل، يخضب بالحنَّاء والكتم، فأخذت الملائكة بضبعيه، فأوقفوه بين يدي الله تعالى، فحاسبوه حساباً يسيراً، ثمَّ أمر به ذات اليمين إلى الجنَّة، ونادى المنادي: أين عمر بن الخطَّاب؟ وهكذا مثل صاحبه، وهكذا عثمان وعليٌّ، وحوسب كلُّ [واحد] منهم حساباً يسيراً، ثمَّ أُخذ إلى ذات اليمين إلى الجنَّة، فلمَّا رأيت الأمر قد قرب منِّي اشتغلت بنفسي، فلا أدري ما فعل الله بمن كان بعد عليٍّ، إذ نادى مناد: أين عمر بن عبد العزيز؟ فقمت، فوقفت على وجهي، وهكذا مراراً، فأتاني ملكان، وأخذا بضبعيَّ، وأوقفاني بين يدي الله تعالى، فسألني عن النَّقير(40) والقطمير، وكلِّ قضيَّة قضيت فيها؛ حتَّى ظننت أنِّي لست بناج، ثمَّ إنَّ ربِّي تفضَّل عليَّ، وتداركني برحمة، وقد أمر بي إلى ذات اليمين إلى الجنَّة، فبينما أنا مارٌّ مع الملكين الموكلين بي؛ إذ مررت بجيفة ملقاة على رماد، فقلت: من هذا؟ قالوا: ادنُ منه، فسله يخبرك. فدنوت منه، فوكزته برجلي، فقلت له: من أنت؟ فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا عمر بن عبد العزيز. فقال: ما فعل الله بك وبأصحابك؟ فقلت: أمَّا الأربعة الأوَّلون، فأمر بهم إلى الجنَّة، ثمَّ ما أدري ما فعل الله بمن بعد عليٍّ؟ فقال: وأنت؟ فقلت: تفضَّل عليَّ ربِّي، وتداركني منه برحمة، وقد أمر بي إلى الجنَّة. وقلت: من أنت؟ قال: أنا الحجَّاج بن يوسف. قلت: ما فعل الله بك؟ قال: قدمت على ربٍّ شديد العقاب، منتقم على العصاة، وقتلني بكلِّ قتلة قتلت بها مثله. وفي رواية: وقتلت بسعيد بن جبير سبعين مرَّة، ثمَّ ها أنا موقوف بين يدي ربِّي؛ إمَّا إلى جنَّة، وإمَّا إلى نار. قال أبو حازم: فأعطيت الله عهداً بعد رؤيا عمر أن لا أوجب لأحد من هذه الأمَّة النَّار.
قيل: دخل سابق البربريُّ على عمر، فقال عمر: عظني يا سابق، وأوجز. قال: نعم يا أمير المؤمنين، وأبلغ إن شاء الله تعالى. فقال: هات. فأنشده _من البحر الطَّويل_:
إذا أنتَ لم تَرْحَلْ بزادٍ من التُّقَى ووافيتَ بعدَ الموتِ مَنْ قد تَزَوَّدَا
ندمتَ على أَلاَّ تكونَ شَرِكْتَهُ وأَرْصَدْتَ قبلَ الموتِ ما كان أَرْصَدَا
فبكى عمر حتَّى سقط مغشيًّا عليه.
قال ميمون بن مِهْران: دخلت على عمر يوماً، وعنده سابق البربريُّ، وهو ينشد(41) [شعراً] _من البحر الطَّويل_ (حتَّى) انتهى إلى هذه الأبيات:
فكم مِنْ صحيحٍ بات للموت آمناً أَتَتْهُ المنايا بغتةً بعدَمَا هَجَعْ
فلم يستطعْ إذْ جاءه الموتُ بغتةً فِراراً ولا منه بقُوَّتِه امتنَعْ
فأصبحَ تبكيهِ النِّسَاءُ مقنَّعَاً ولا يسمعُ الدَّاعِي وإنْ صوتَه رَفَعْ
وقُرِّبَ من لَحْدٍ فصارَ مَقِيْلَهُ وفَارَقَ ما قد كان بالأمسِ قد جَمَعْ /
فلا يتركُ الموتُ الغنيَّ لمالِه ولا مُعْدمَاً في المالِ ذا حاجةٍ يَدَعْ
فلم يزل عمر يضطرب، ويبكي؛ حتَّى غشي عليه، وكان عمر كثيراً ما يتمثَّل بهذين البيتين، وهما من البحر البسيط:
فما تَزَوَّدَ ممَّا كان يَجْمَعُهُ إلَّا حَنُوْطَاً غَدَاةَ البَيْنِ مَعْ خِرَقِ
وغيرَ نَفْحَةِ أعوادٍ تُشَبُّ(42) له وقَلَّ ذلكَ من زادٍ لمُنْطَلِقِ
وكان يتمثَّل أيضاً بهذه الأبيات _من الطَّويل_:
نهارُكَ يا مَغْرورُ سَهْوٌ وغَفْلَةٌ وليلُكَ نومٌ والرَّدَى لكَ لازِمُ
يَسُرُّكَ ما يَفْنَى وتُشْغَلُ بالمُنَى كما سُرَّ باللَّذاتِ في اللَّيلِ حَالِمُ
وتُشْغَلُ فيما سوف تَكْرَهُ غِبَّهُ كذلكَ في الدُّنيا تعيشُ البَهَائِمُ
كتب بعض العمَّال إلى عمر: إنَّ مدينتنا خربت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بما يرمُّها به. فكتب إليه: فهمت كتابك في قصَّة المدينة، فحصِّنها بالعدل، ونقِّ طريقها من الظُّلم، فإنَّه مَرَمَّتُها.
قيل: بلغ عمر أنَّ ابناً له اشترى فَصَّاً بألف، وتختَّم به، فكتب إليه: عزيمة منِّي إليك إلَّا(43) بِعْتَ الفَصَّ، وتصدَّقت بثمنه، واشتريتَ فَصَّاً بدرهم، ونقشت(44) عليه: رحم الله أمرءاً عرف قدره. والسَّلام.
وقال عمر لزوجته فاطمة بنت عبد الملك _وكان عندها جوهر(45) أمر لها به أبوها لم يُر مثله_: اختاري، إمَّا أن تردِّي حليك إلى بيت المال، وإمَّا أن تأذني لي في الفراق، فإنِّي أكره أن أكون أنا وأنت وهو في بيت واحد. قالت: لا، بل أختارك يا أمير المؤمنين عليه، وعلى أضعافه لو كان لي. فأمر به، فوضع في بيت المال، فلمَّا مات عمر، واستُخْلِفَ يزيد، قال لفاطمة: إن شئتِ رددته عليك. قالت: فإنِّي لا أشاءه(46) ، طبت به نفساً في حياة عمر، وأرجع به بعد موته! لا والله أبداً. فلمَّا رأى ذلك قسمه بين أهله وولده.
وقال رباح بن عبيدة: ذكر عند عمر الحجَّاج بن يوسف، فشتمتُه ووقعتُ فيه، فقال: مهلاً يا رباح! إنَّه بلغني أنَّ الرَّجل ليظلم بالمظلمة، فلا يزال المظلوم يشتم الظَّالم وينتقصه(47) حتَّى يستوفي حقَّه، فيكون للظَّالم عليه الحقُّ.
قال عبد الله بن الفضل التَّميميُّ(48) : آخر خطبة خطبها عمر أن قال: أمَّا بعد، فإنَّ ما في أيديكم أسلاب الهالكين، وسيتركها الباقون، كما تركها الماضون، ألا ترون أنَّكم في كلِّ يوم وليلة تشيِّعون غادياً، أو رائحاً (إلى الله تعالى)، وتضعونه في صدع من الأرض، ثمَّ في بطن الصَّدع، غير ممهَّد، ولا موسَّد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وأسكن التُّراب، وواجه الحساب، فقيراً إلى ما قدَّم أمامه، غنيَّا عمَّا ترك بعده، أما والله إنِّي لأقول لكم هذا، وما أعرف من أحد من النَّاس ما أعرف من نفسي. ثمَّ قال بطرف ثوبه على عينيه، فبكى ونزل، فما خرج حتَّى أخرج إلى حفرته.
قيل: إنَّ عمر بعث إلى عبد الله بن زكريَّا، فأتاه، فقال: يا ابن زكريَّا، أتدري لم بعثت إليك؟ قال: لا. قال: لأمر لست ذاكره لك حتَّى تحلف لي. فحلف له، قال: ادع الله لي أن يميتني. /
قال: بئس الوافد أنا للمسلمين، وأنا إذاً عدوٌّ (للمسلمين،) لأمَّة محمَّد صلعم. قال: هاه، قد حلفت لي. قال: الحمد لله. ودعا له، ثمَّ قال: لا تبقني بعده. وأقبل ابن صغير لعمر، فقال: وهذا، فإنِّي أحبُّه. فمات الثَّلاثة.
قيل: لمَّا كانت (الصَّرعة) التي مات فيها عمر دخل عليهم مسلمة بن عبد الملك(49) ، فقال: أي أمير المؤمنين، إنَّك أفقرت أفواه ولدك من هذا المال، وتركتهم عَيْلَةً لا شيء لهم، فلو أوصيت إليَّ وإلى نظرائي من أهل بيتك. فقال: أسندوني. فأسندوه، ثمَّ قال: أمَّا قولك: أفقرت أفواه ولدك؛ فوالله ما منعتهم حقًّا هو لهم، ولا أعطيتهم ما ليس لهم، وأمَّا قولك: لو أوصيت بهم؛ فوصيِّي ووليِّي فيهم الله الذي نزَّل الكتاب، وهو يتولَّى الصَّالحين، أولادي أحد رجلين، إمَّا تقيٌّ، فسيجعل الله له مخرجاً، وإمَّا مكبٌّ على المعاصي، فإنِّي لم أكن أقوِّيه على معاصي الله. ثمَّ بعث إليهم، وهم بضعة عشر ذكراً، فنظر إليهم قد ذرفت عيناه، ثمَّ قال: بنفسي الفتية الذين تركتهم عيلة لا شيء لهم، فإنِّي بحمد الله تركتهم بخير، أي: بَنِيَّ، إنَّ أباكم مثل بين أمرين، أن تستغنوا، ويدخل أبوكم النَّار، وبين أن تفتقروا، ويدخل أبوكم الجنَّة، فكان أن تفتقروا، ويدخل أبوكم الجنَّة، أحبُّ إليه من أن تستغنوا، ويدخل النَّار، قوموا عصمكم الله(50) .
قال مَسْلَمَةُ: دخلت على عمر في مرضه، فإذا عليه قميص وسخ، فقلت لفاطمة(51) : اغسلي قميص أمير المؤمنين. قالت: نفعل إن شاء الله. ثمَّ عدت، فإذا القميص على حاله، فقلت: يا فاطمة، ألم آمركم أن تغسلوا قميص أمير المؤمنين؟ قالت: والله ماله قميص غيره.
قال رجاء بن حيوة: قوَّمْتُ ثياب عمر _وهو يخطب_ باثني عشر درهماً، وكانت قَبَاءً، وعِمامةً، وقميصاً، وسراويلَ، ورداءً، وخُفَّينِ، وقَلَنْسُوَةً. وكان مالك يقول: النَّاس (يقولون): مالك بن دينار زاهد. الزَّاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدُّنيا فتركها.
قيل: دخل مرَّة على زوجته، فقال: يا(52) فاطمة، هل عندك درهم أشتري به عنباً؟ قالت: لا. قال: فعندك فَلْسٌ أشتري به ذلك؟ قالت: لا. [فأقبلت عليه] فقالت: يا أمير المؤمنين، لا تقدر على درهم، ولا فلس تشتري به عنباً. قال: هذا أهون علينا من معالجة الأغلال [غداً] في جهنَّم.
قال مَيْمون بن مِهْران: أهدي إلى عمر تفَّاح وفاكهة، فردَّها(53) ، وقال: لا أعلمنَّ أنَّكم قد بعثتم إلى أحد من أهل عملي بشيء. قيل له: ألم يكن رسول الله صلعم يقبل الهديَّة؟ قال: بلى، ولكنَّها لنا، ولمن بعدنا رشوة.
قال نُعيم بن سَلاَمة: دخلت على عمر، فرأيته يأكل ثوماً مسلوقاً بزيت وملح.
قالت فاطمة زوجته: كثيراً ما كنت أسمع عمر يقول: اللهم أَخْفِ عليهم موتي. فقلت له يوماً: لو خرجت [عنك] ، فقد سهرت يا أمير المؤمنين، لعلَّك تغفي. فخرجت إلى جانب البيت الذي هو فيه، فسمعته يقول: / { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [القصص:83] فجعل يردِّدها، ثمَّ أطرق ساعة، فلبثت ساعة، ثمَّ قلت لوصيف له كان يخدمه: ادخل فانظر. فدخل فصاح، فدخلت فإذا قد استقبل القبلة، وغمض عينيه بإحدى يديه، وضمَّ فاه بالأخرى، ⌂.
قال ليث بن أبي رُقَيَّة: قال عمر في مرضه الذي قبض فيه: أجلسوني. فأجلسوه، ثمَّ قال: أنا الذي أمرتني فقصَّرت، ونهيتني فعصيت، ولكن لا إله إلا الله. ثمَّ رفع رأسه، وأَحَدَّ النَّظر، فقالوا له: إنَّك لتنظر نظراً شديداً. قال: إنِّي لأرى خضرة ما هم بإنس ولا جنٍّ. ثمَّ قبض.
قال موسى بن أَعْيَن: كنَّا نرعى الشَّاة بكرمان في خلافة عمر بن عبد العزيز، فكانت(54) الشَّاة والذِّئب يرعيان معاً في ماء واحد، فبينا نحن كذلك ذات ليلة؛ إذ عرض الذِّئب لشاة، فقلت: ما نرى إلَّا الخليفة الصَّالح قد مات. فحسبوه، فوجدوه قد مات.
وقال تقيُّ الدِّين الحصنيُّ في قمع النُّفوس(55) : إنَّ شخصاً رفع أمره إلى عمر من البصرة ليقطع له موضعاً بها، فوقَّع عليه ورجع، فبينا هو في طريقه؛ إذ مرَّ براعٍ، وقصَّ عليه القصَّة، فقال له الرَّاعي: خاب سعيك؛ إنَّ عمر مات. قال: من أين لك؟ قال: رأيت اليوم الذِّئب قد صال على غنمي، ولم يك فعل (قبل) ذلك منذ ولي عمر، فعرفت أنَّه مات. فنظروا، فإذا الخبر كما قال، فدخل الرَّجل بتوقيعه البصرة، فلمَّا قرأ عاملها، قال: والله لا نردُّ حكم عمر في مماته، كما كنَّا لا نردُّه في حياته، فحكمه عدل. أو كما قال.
قال إمام الدِّين الرَّافعيُّ: كان خَرَاجُ سَوَادِ العراق زمن عمر بن الخطَّاب مئةَ ألف ألف درهم، (وثلاثين ألف ألف درهم،) فتناقص حتَّى بلغ إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم زمن الحجَّاج؛ وذلك لظلمه وغيِّه(56) ، فلمَّا تولَّى عمر بن عبد العزيز ارتفع أوَّل السَّنة ببركة عدله إلى ثلاثين ألف ألف درهم، وفي الثَّانية إلى ستِّين ألف ألف درهم، وقال لئن عشت لأردَّنها إلى ما كان عليه زمن عمر بن الخطَّاب. ثمَّ لم ينشب أن مات في سنته، ☼.
قال الأوزاعيُّ: شهدت جنازة عمر، وخرجت إلى مدينة قنِّسرين، فمررت على راهب يثير على ثورين أو حمارين، فقال: يا هذا ما أحسبك شهدت جنازة هذا الرَّجل؟ قلت له: نعم. فبكى طويلاً(57) ، فقلت: وما يبكيك، ولست من أهل دينه؟ قال: إنَّما أبكي على نور كان في الأرض، فطفئ.
قال خالد الرَّبعيُّ: مكتوب في التَّوراة: إنَّ السَّماء تبكي على عمر بن عبد العزيز أربعين صباحاً.
قال يوسف بن ماهَك: بينا نحن نسوِّي التُّراب على قبر عمر؛ إذ سقط علينا رَقٌّ من السَّماء مكتوب عليه: ╖، أمان من الله العزيز لعمر بن عبد العزيز.
قال معاذ: رأى رجل من بني تميم في المنام كتاباً منشوراً من السَّماء بقلم جليل: ╖، هذا كتاب من الله العزيز الحكيم، براءة لعمر بن عبد العزيز من العذاب الأليم، / إنِّي أنا الغفور الرَّحيم.
قال حجَّة الإسلام الغزاليُّ في نصيحة الملوك(58) : وقع زمن عمر قحط عظيم، فوفد عليه قوم من العرب، واختاروا منهم رجلاً لخطابه(59) ، فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّا أتيناك من ضرورة عظيمة، وقد يبست جلودنا على أجسادنا؛ لفقد الطَّعام، وراحتنا في بيت المال، وهذا المال لا يخلو من ثلاثة أقسام، إمَّا أن يكون لله، أو لعباد الله، أو لك، فإن كان لله فالله تعالى غنيٌّ عنه، وإن كان لعباد الله فأعطهم إيَّاه، وإن كان لك فتصدَّق علينا، إنَّ الله يحبُّ المتصدِّقين. فتغرغرت عينا عمر بالدُّموع، وقال: هو كما ذكرت. وأمر أن تقضى حوائجهم من بيت المال، فهمَّ الأعرابيُّ بالخروج، فقال عمر: أيُّها الإنسان الحرُّ، كما أوصلت إليَّ حوائج عباد الله، وأسمعتني كلامهم، فأوصل كلامي، وارفع حاجتي إلى الله. فحوَّل الأعرابيُّ وجهه قبل السَّماء، وقال: اللهم بعزَّتك وجلالك اصنع مع عمر كصنيعه(60) في عبادك. فما استتمَّ كلامه حتَّى ارتفع غيم، فأمطر مطراً غزيراً، وجاء في المطر بردة كبيرة، فوقعت على آجرة فانكسرت، فخرج منها كاغد عليه مكتوب: هذا(61) براءة من الله الغفَّار لعمر بن عبد العزيز من النَّار.
قال اللَّيث بن سعد: استشهد رجل من أهل الشَّام، فكان يأتي إلي أبيه كلَّ ليلة جمعة في المنام(62) ، فيحدِّثه، ويستأنس به، فغاب عنه جمعة، ولم يحضر، ثمَّ حضر في الجمعة الثَّانية، فقال: يا بنيَّ، لقد أخَّرت عنِّي، وشقَّ عليَّ ذلك. فقال: إنَّما تخلَّفت عنك؛ لأنَّ الشُّهداء أمروا أن يتلقَّوا عمر بن عبد العزيز، فتلقَّيناه. وذلك عند موت عمر.
قال محمَّد بن سعد: ولد عمر بن عبد العزيز بالمدينة سنة ثلاث وستِّين، وهي السَّنة التي مات فيها ميمونة، زوج النَّبيِّ صلعم.
وقال ابن خلِّكان(63) : ولد عمر، والأعمش، وقتادة ليالي مقتل الحسين.
قال الحارث بن زيد، جار عمر بن عبد العزيز: لقد سمعت عمر لمَّا أرخى اللَّيل سدوله، وغارت نجومه، وهو يتململ تململ السَّقيم، ويبكي(64) بكاء الحزين، فكأنِّي أسمعه، وهو يقول: يا دنيا إليَّ تعرضت، أم إليَّ تشوَّقت؟ هيهات هيهات! غرِّي غيري، قد طلَّقتك ثلاثاً، لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك كبير. وكان ☼ إذا صلَّى الصُّبح أخذ المصحف، ودموعه تنحدر على لحيته، فكلَّما مرَّ بآية تخويف ردَّدها، فلا يتجاوزها من كثرة البكاء؛ حتَّى تطلع الشَّمس.
قال زيد بن حوشب: ما رأيت أكثر خوفاً من الحسن البصريِّ، وعمر بن عبد العزيز، كأنَّ النَّار لم تخلق إلَّا لهما، وكان إذا ذكر الموت اضطربت أوصاله، وقرأ يوماً: { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } [يونس:61] فبكى بكاء شديداًحتَّى سمعه أهل الدَّار، فجاءت فاطمة تبكي لبكائه، وبكى أهل الدَّار لبكائها، فجاء(65) ولده عبد الملك، فدخل عليهم، وهم يبكون، فقال: يا أبت، ما يبكيك؟ قال: يا بنيَّ، وَدَّ أبوك أنَّه لم يعرف الدُّنيا، ولم تعرفه، / والله يا بنيَّ، لقد خشيت أن أكون من أهل النَّار.
ورئي عمر بعد اثنتي عشرة (سنة) [في المنام] ، فسئل عن حاله؟ فقال: الآن تخلَّصت من الحساب. قلت: سبحان الله! فهذا فيمن تولَّى نحو سنتين ونصف بالعدل الذي بيَّنَّا، وقد طال حسابه هذا الطُّول، فكيف بغيره؟! نسأل الله تعالى التَّوفيق والسَّداد، «فكلُّكم راع وكلُّكم مسؤول عن رعيَّته».(66)
قال عطاء: كان عمر يجمع كلَّ ليلة الفقهاء، ويتذاكرون الموت والقيامة، وأمور الآخرة، فلا يزالون يبكون حتَّى كأنَّ بين أيديهم جنازة.
[قال الغزاليُّ في إحيائه(67) : دخل يزيد الرَّقاشيُّ على عمر بن عبد العزيز، فقال: عظني يا يزيد. فقال: يا أمير المؤمنين، اعلم أنَّك لست أوَّل خليفة يموت. فبكى، قال: زدني. قال: يا أمير المومنين، ليس بينك وبين آدم أب إلَّا وهو ميِّت. فبكى، قال: زدني يا يزيد. فقال: يا أمير المؤمنين، ليس بينك وبين الجنَّة منزل. فسقط مغشيًّا عليه.
قال الغزاليُّ: ودخلت عليه مولاة له، فسلَّمت عليه، ثمَّ قامت إلى مسجد في بيته، فصلَّت فيه ركعتين، ثمَّ غلبتها عيناها، فرقدت، فاستبكت في منامها، ثمَّ استيقظت، فقالت: يا أمير المؤمنين، إنِّي والله رأيت عجباً. فقال: وما ذاك؟ قالت: رأيت النَّار وهي تزفر على أهلها، ثمِّ جيء بالصِّراط، فوضع على متنها. فقال: هيه. قالت: فجيء بعبد الملك بن مروان، فحمل عليه، فما مضى عليه إلَّا يسيراً حتَّى انكفأ به الصِّراط، فهوى إلى جهنَّم. فقال عمر: هيه. فقالت: ثمَّ جيء بالوليد بن عبد الملك، فحمل عليه، فما مضى عليه يسيرًا حتَّى انكفأ به الصِّراط، فهوى. فقال عمر: هيه. قالت: ثمَّ جيء بك والله يا أمير المؤمنين. فصاح عمر صيحة، خرَّ مغشيًّا عليه، فقامت إليه، فجعلت تنادي في أذنه: يا أمير المؤمنين، إنِّي رأيتك والله قد نجوت. قال: وهي تنادي، وهو يصيح، ويفحص برجليه زمناً طويلاً].
قال ابن حبَّان: صلَّيت الصُّبح خلف عمر، فقرأ: { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ } [الصافات:24] فجعل يكرِّرها، ولا يستطيع أن يتجاوزها من البكاء.
قال سفيان: كان عمر ساكتاً، وأصحابه يتحدَّثون، قيل له(68) : مالك لا تتكلَّم يا أمير المؤمنين؟ قال: كنت متفكِّراً(69) في أهل الجنَّة، كيف يتزاورون، وفي أهل النَّار، كيف يصطرخون؟! ثمَّ بكى.
قال شيخ (من) خراسان: لمَّا قصد أبو جعفر بيت المقدس، نزل براهب، كان عمر ينزل عليه إذا أراد بيت المقدس، قال: يا راهب، أخبرني بأعجب ما رأيت من عمر. قال: يا أمير المؤمنين، بينا عمر ذات ليلة على سطح داري، وكان السَّطح مرخَّماً، وأنا مستلق على قفاي، فإذا بماء يقطر من الميزاب على صدري، فقلت: ليس على السَّطح ماء، ولا رشَّت السَّماء. فصعدت لأنظر، فإذا عمر ساجد، ودموعه تنحدر من الميزاب.
قال الحسن بن الحسين: رأيت عمر يبكي حتَّى رأيته بكى الدَّم.
وروي أنَّه منذ تولَّى الخلافة لم يضع لبنة على لبنة، ولم يحدث له دابَّة، ولا امرأة، ولا جارية حتَّى لحق بالله.
قال عمرو بن مهاجر: قال لي عمر بن عبد العزيز: إذا رأيتني مِلْتُ عن الحقِّ فضع يدك في تلابيبي، وهزَّني، وقل: ماذا تصنع يا عمر؟ وكان يأتيه خراج اليمن، فيدخله بيت المال، ويبيت في الظَّلام، يقول: إذا سهرت في أمر العامَّة أشعلت سراجاً من بيت المال، وإذا سهرت في أمر نفسي أسرجت(70) عليَّ من مالي. وبعثت ابنة له إليه بلؤلؤة، وقالت: يا أمير المؤمنين، إنِّي أريد أن تبعث(71) لي أختها حتَّى أجعلها في أذنيَّ. فأرسل إليها بجمرتين، وقال: إن استطعت أن تجعلي هاتين في أذنك بعثت بأخت اللُّؤلؤة إليك.
وقيل له: لم لا تبني لك بناء؟ قال: سنَّة رسول الله صلعم خرج من الدُّنيا، ولم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة لنفسه. وكان له درجة (تتحرَّك) كلَّما طلع ونزل، وكان يرتاع من ذلك(72) ، فعمد بعض أصحابه إليها، فأصلحها بطين، فلمَّا صعد رآها مثبَّتة، فسأل، فقيل: أصلحه فلان. فقال: أعيدوها على ما كانت عليه، فإنِّي عاهدت الله منذ ولِّيت الخلافة أن لا أضع آجرة على آجرة، وكانت تذكِّرني الموت.
قال الأوزاعيُّ: كان عمر بن عبد العزيز يصوم ويفطر على البقل، وكان يمنع نفسه الشَّهوات، ويسمح بالعطاء للنَّاس.
قال خزيمة أبو محمَّد العابد: قال عمر: ما أعطيت أحداً مالاً إلَّا واستقللته، وإنِّي لأستحيي من الله أن أسأله الجنَّة لأخ من إخواني، وأبخل عليه بالدُّنيا.
وعن عبد الرَّحمن بن زيد / بن الخطَّاب، قال: ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة سنتين ونصفاً، فما مات حتَّى جعل الرَّجل يأتينا بالمال العظيم، فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون من الفقراء. فيقوم وماله معه؛ لما أغنى عمر النَّاس(73) بعطائه.
قال سهل: [معناه: فيقوم الرَّجل، وماله معه؛ لأنَّهم لا يرون فقيراً يأخذ المال؛ لأنَّ النَّاس استغنوا على زمن عمر، فلا فقير فيهم] .
قال عمر لجاريته يوماً: روِّحيني حتَّى أنام. فروَّحته، فنام، فغلبها النَّوم، فنامت، فلمَّا انتبه أخذ المروحة، وجعل يروِّحها، فلمَّا انتبهت صاحت، فقال عمر: إنَّما أنت بشر مثلي، أصابك من الحَرِّ مثل ما أصابني، فأحببت أن أروِّحك مثل ما روَّحْتِني.
قال الوليد بن هشام: أخبرني يهوديٌّ أنَّ عمر يلي هذا الأمر، ويعدل فيه، قال: فأخبرت عمر، فلقيني اليهوديُّ بعد تولية عمر بمدَّة، فقال: ألم أخبرك أنَّ عمر يلي الخلافة، وكان الأمر كما أخبرتك. قلت: بلى. قال: إنَّ هذا الرَّجل قد سقي السُّمَّ، فمره فليتداوَ ويدركْ نفسه. قال: فذكرت ذلك لعمر، فقال: إنِّي والله عرفت السَّاعة التي سقيت السُّمَّ فيها(74) ، فلو كان شفائي في مسِّ شحمة أذني ما مسستها، أو كانت عافيتي بطبيب(75) أرفعه إليَّ ما رفعته.
قال مجاهد: سألني عمر، ما يقول النَّاس في مرضي؟ قلت: يقولون: مسحور. قال: ما أنا بمسحور، ولكن(76) سقيت السُّمَّ. ثمَّ استدعى بغلام [له] ، فقال له: ما حملك على أن سقيتني السُّمَّ؟ فقال: أعطيت ألف دينار، ووعدت بالعتق. فقال: هات الألف دينار. فجاء بها، فقال: ضعوها في بيت المال. وقال للغلام: اذهب، فأنت حرٌّ.
قال مسلمة بن عبد الملك: دخلت على عمر، فقلت: يا أمير المؤمنين، بمن توصي أهلك؟ قال: إذا نسيت الله فذكِّرني. ثمَّ عاد، وقال: من توصي بأهلك؟ قال: إنَّ وليِّي الله فيهم، وهو يتولَّى الصَّالحين.
قال رجاء بن حيوة: قال لي عمر: إذا وضعتموني في قبري فحُلَّ العقدة، وانظر في وجهي، فإنِّي قد دفنت ثلاثة من الخلفاء، كلًّا منهم إذا وضعته في قبره نظرت إلى وجهه، فإذا هو مسوَّدٌّ، محوَّل عن القبلة. قال: فلمَّا مات، وأقبر حللتُ العقدة، ونظرتُ في وجهه، فإذا هو يضيء كالقمر المنير، متوجِّه إلى القبلة، ففرحت بذلك.
قال الأوزاعيُّ: قال عمر: ما أحبُّ أن يهوَّن عليَّ سكرات الموت؛ لأنَّه آخر(77) ما يرفع للمؤمن من الأجر. وفي رواية: فإنَّه آخر ما يكفَّر به عن المؤمن.
وقال عمر لمسلمة بن عبد الملك: خذ من مالي دينارين، واشتر لي بها كفناً. فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ الدِّنيارين لا يحصل بهما كفن لمثلك. فقال: أي مسلمة، إن كان الله عنِّي راضياً فسيبدلني بما هو خير منه، وإن كان ساخطاً فإنَّما يكون حطباً للنَّار. وقبره بدير سمعان من أرض معرَّة النُّعمان، وكان قد أرسل إلى صاحب الأرض يساومه على موضع قبره، فقال: يا أمير المؤمنين، والله إنِّي لأوثرنَّك(78) بقبرك، وقد جعلتك في حلٍّ منها. فأبى عمر أن يقبلها إلَّا بالثَّمن، وفي رواية أنَّه بايعهم على موضع قبره بدينارين، وقال لهم: إنَّما أريد بطن الأرض، فإذا دفنتموني، فاحرثوا أرضكم، وازرعوا فيها، وابنوا، وانتفعوا بها، فلا يضرُّني ذلك.
روي أنَّ رسول عمر لمَّا كان يصل إلى البصرة كان النَّاس يتلقَّونه بالرَّحب والسَّعة، فإنَّه كان لا يأتي إلَّا بإعطاء(79) يتفقَّد به أحوال الفقراء، ولمَّا وصل الرَّسول بالموت، خرج النَّاس إليه، / فضجُّوا بالبكاء والعويل، وعمَّ ذلك أهل البصرة بأسرهم لعظم مصيبتهم.
قال مسلمة بن عبد الملك: رأيت عمر بعد موته في المنام، فقلت له: إلى أي الحالات صرت؟ قال: أي مسلمة، هذا أوان فراغي، والله ما استرحت إلى الآن. فقلت: يا أمير المؤمنين، فأين أنت؟ قال: أنا مع أئمَّة الهدى في جنَّات عدن.
قال عمر بن عبد العزيز: ما ساح السُّوَّاح، وخَلَّوا(80) دورهم وأولادهم إلَّا بمثل ما نزل بنا، حين رأوا الشَّرَّ قد ظهر، والخير قد اندرس، ورأوا أنَّه لا يقبل ممَّن تكلَّم، ورأوا الفتن، ولم يأمنوا أن تعتريهم(81) ، وأن ينزل العذاب بأولئك القوم، فلا يسلمون منه، فرأوا(82) أنَّ مجاورة السِّباع، وأكل القمول خير من مجاورة هؤلاء في نعيمهم، ثمَّ قرأ: { فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [الذاريات:50] قال: ففرَّ قوم، فلولا ما جعل الله في النُّبوَّة لقلنا: ما هم بأفضل من هؤلاء، فيما بلغنا أنَّ الملائكة لتلقَّاهم، وتصافحهم، والسِّباع والسَّحاب(83) تمرُّ بأحدهم، فيناديها، فتجيبه، ويسألها أين أمرت؟ فتخبره، وليس بنبيٍّ. قاله الغزاليُّ في الإحياء(84) .
قال الكرمانيُّ: أوصى عمر أن يدفن عنده من شعر رسول الله صلعم وأظفاره، وقال: إذا متُّ فاجعلوه في كفني. ففعلوا ذلك. قلت: ذكره البخاريُّ في أوَّل صحيحه، في كتاب الإيمان [خ¦قبل 8] ، ثم في الاستقراض [خ¦2402] .
ولد بمصر، وتوفِّي بدير سمعان _[قال في القاموس:] قرية من قرى حمص_ يوم الجمعة، لخمس ليال بقين من رجب، سنة إحدى ومئة، وله أربعون سنة (أو أقل)، ومدَّة خلافته سنتان ونصف.
قال الكلاباذيُّ(85) : هو عمر بن (أبي الأصبغ)، وكنيته أبو حفص. سمع أبا بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام، وروى عنه أبو بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم.
ولد سنة إحدى وستِّين، مقتل الحسين، واختلف في سنِّه، فقيل: تسع وثلاثون. وقيل: ستَّة وثلاثون. وقيل: ما بين الأربعين والثلاثين، ولم يبلغ الأربعين. مات في رجب، وقيل: في جمادى.
[قال ابن خلِّكان في ترجمة يزيد بن المهلَّب(86) : مرض عمر بن عبد العزيز في دير سمعان، ومات بها، وقيل: إنَّه مات بخُنَاصر _بضمِّ المعجمة، ونون، ومهملة بعد ألف_ ببلدة بالقرب من حمص.
قال نافع: كنت كثيراً ما أسمع ابن عمر يقول: ليت شعري، من هذا الذي من ولد عمر، في وجهه علامة، يملأ الأرض عدلاً. فلمَّا رمحته دابَّته بدمشق أتته أمُّه، وضمَّته إليها، ومسحت الدَّم من وجهه، ودخل أبوه على تلك الحالة، جعلت أمُّه تلومه، وتقول: ضيَّعت ابني بلا خادم. فقال: اسكتي، فطوبى لك، إنَّه أشجُّ بني أميَّة يا أمَّ عاصم] .
[1] في غير (ن): (مسيرة).
[2] في غير (ن): (مما).
[3] في نسخة (ف): في خ (الأرض)، وقول الكرماني في شرح البخاري:1/72.
[4] تهذيب الأسماء واللغات، برقم (442) عند ترجمة عمر بن عبد العزيز.
[5] في غير (ن): (أمر ظن).
[6] في غير (ن): (إذ).
[7] طبقات الشافعية الكبرى:1/202.
[8] في غير (ن): (أنه).
[9] في غير (ن): (لفحة).
[10] في غير (ن): (القائل).
[11] في غير (ن): (عبد الله وعبد الرحمن).
[12] في (ن): (لنا زوجة) والمثبت أولى.
[13] في غير (ن): (هدة).
[14] في غير (ن): (قيل).
[15] في غير (ن): (تركبها).
[16] في غير (ن): (ورضيناك تتولى).
[17] في غير (ن): (وحسنوا).
[18] في غير (ن): (لمعرف).
[19] في (ن): (وادخار) والمثبت أولى.
[20] في غير (ن): (أي).
[21] في غير (ن): (أتقيل).
[22] في غير (ن): (وقبله).
[23] في غير (ن): (بلغ).
[24] في (ن): (من غنمنا).
[25] في (ن): (أفضيت).
[26] في غير (ن): (مغتم).
[27] في غير (ن): (أنصبت).
[28] في (ن): (أطفأ).
[29] في غير (ن): (فيه).
[30] في غير (ن): (من).
[31] في غير (ن): (أي).
[32] في غير (ن): (وما).
[33] في غير (ن): (أولع).
[34] في غير (ن): (وما رأى).
[35] في غير (ن): (مهاجر).
[36] في غير (ن): (الدنيا).
[37] في غير (ن): (ونشيجه).
[38] في (ن): (وما أظن).
[39] في غير (ن): (شيخ).
[40] في (ن): (القير).
[41] في غير (ن): (ينشده).
[42] في (ن): (نصبن).
[43] في غير (ن): (لما).
[44] في غير (ن): (وكتبت).
[45] في غير (ن): (جواهر).
[46] في غير (ن): (لا أشاء).
[47] في غير (ن): (وينقصه).
[48] في (ه): (التيمي) وفي باقي النسخ (التميمي)، وهو موافق لحلية الأولياء:5/266.
[49] في غير (ن): (سلامة) بدل (مسلمة بن عبد الملك) وفي (ن) تصحيفاً: (مسلم) والتصويب من المصادر.
[50] في حلية الأولياء: إن أمامكم ميل بين أمرين:5/334.
[51] جاء في (ن) هنا: (زوجة عمر أخت مسلمة بن عبد الملك) ولعله هامش أقحم في المتن.
[52] في غير (ن): (أي).
[53] في غير (ن): (فرده).
[54] في (ن): (فكان).
[55] سقط هذا الخبر من المخطوط الموجود في جامعة الملك سعود، وينتهي المخطوط بترجمة عمر بن عبد العزيز ☼، ولمَّا يستوف أخباره عند الورقة (81).
[56] في (ف): (وغشمه) وفي غيرها (وعسفه) والمثبت من (ن).
[57] في غير (ن): (سجاماً).
[58] التبر المسبوك في نصيحة الملوك:1/22.
[59] في (ن) تصحيفاً: (يخطابه).
[60] في (ن): (لصنيعه).
[61] في غير (ن): (هذه).
[62] في (ن) تصحيفاً: (المقام).
[63] وفيات الأعيان:6/80، والكلام الذي سمعه الحارث بن زيد من عمر بن عبد العزيز هو من كلام علي ☺، ولعله تمثل به، ينظر مقتل علي لابن أبي الدنيا:1/89، وتاريخ دمشق لابن عساكر:24/401، وفيه (تشوفت) بدل (تشوقت).
[64] في (ن): (ويبكا).
[65] في غير (ن): (فجاءه).
[66] البخاري برقم (5188).
[67] 4/186.
[68] في (ن): (فقال).
[69] في غير (ن): (مفكراً).
[70] في غير (ن): (سرجت).
[71] في (ن) تصحيفاً: (أن تبعين).
[72] في غير (ن): (لذلك).
[73] في تهذيب الكمال 21/444: فما يبرح حتى يرجع بماله، يتذكر من يضعه فيهم، فلا يجده، فيرجع بماله، قد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس.
[74] في غير (ن): (فيها السم).
[75] في غير (ن): (بطيب).
[76] في غير (ن): (ولكني).
[77] في (ن) تصحيفاً: (أضر).
[78] في غير (ن): (لأتبرك).
[79] في غير (ن): (بعطاء).
[80] في (ه): (ودخلوا) وهو تصحيف.
[81] في غير (ن): (يغير بهم) والمثبت موافق للإحياء:2/309.
[82] في غير (ن): (فراراً لأن).
[83] في غير (ن): (والسحاب والسباع).
[84] 2/309، ط بيروت، دار المعرفة، وقول الكرماني في شرح البخاري:1/72.
[85] الهداية والإرشاد:2/511، وأبو الأصبغ هو عبد العزيز بن مروان.
[86] وفيات الأعيان:6/301.