غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عثمان بن عفان

          893 # عثمان بن عفَّان بن أبي العاص بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ، أبو عبد الله، يكنَّى بابنه من رقيَّة بنت رسول الله صلعم، وأهل العراق يكنُّونه أبا عمرو، وهو كنيته في الجاهليَّة، وأمُّه أروى بنت كُريز بن ربيعة، أسلمت، وأمُّ أروى: [البيضاء] أمُّ حكيم بنت عبد المطَّلب بن هاشم، عمَّة رسول الله صلعم.
          سمع رسول الله صلعم، وروى عنه مئة وستَّة وأربعين حديثاً.
          روى عنه: زيد بن خالد الجُهَنيُّ، والسَّائب بن يزيد، ومروان بن الحكم، وحُمران(1) .
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة في مواضع، أوَّلها: في باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً(2) ، من كتاب الوضوء [خ¦159] . أخرج البخاريُّ من أحاديثه أحد عشر حديثاً.
          أسلم على يد الصِّدِّيق، ولقِّب بذي النُّورين؛ لأنَّه تزوَّج بنتي النَّبيِّ صلعم رُقيَّة فماتت، ثمَّ أمَّ كلثوم، وقيل: لأنَّه(3) لمَّا يدخل الجنَّة تبرق الجنَّة برقتين(4) .
          استخلف أوَّل يوم من المحرَّم، سنة أربع وعشرين، وزادت الخيرات في أيَّام خلافته، ودرَّت البركات؛ حتَّى بيعت جارية بوزنها، وفرس بمئة ألف، ونخلة بألف. قاله ابن سيرين، وهو ثالث العشرة المبشَّرة، ومجهِّز جيش العسرة، ومسبل بئر رُومة، وأمير المؤمنين، ورابع أربعة في الإسلام، ما شهد بدراً بجسده، لكن شهدها بالأجر، وسبب ذلك أنَّ زوجته رُقيَّة بنت رسول الله صلعم كانت مريضة، فقال صلعم: «أقم على زوجتك». وضرب له بأجره(5) وسهمه، وتوفِّيت يوم ورود الخبر بالظَّفر، وتخلَّف عن الحديبية؛ لأنَّه صلعم بعثه في أمر لا يقوم به غيره، وبايع رسول الله صلعم عن عثمان يومئذ بإحدى يديه على الأخرى. قال ابن عمر: يد رسول الله [لعثمان] خير من يد عثمان لنفسه.
          قال محمَّد بن إسحاق: لمَّا أسلم أبو بكر، وأظهر عثمان على إسلامه ودعاه إلى رسول الله صلعم، وكان أبو بكر رجلاً مألفاً لقومه، محبَّباً سهلاً، وكان أنسب قريش لقريش، / وأعلمهم بما كان فيها من خير وشرٍّ، وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر؛ لعلمه وتجاربه، وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الإسلام من يوثَق به ممَّن يغشاه، فأسلم على يديه الزُّبير وعثمان وطلحة وغيرهم، فانطلقوا ومعهم أبو بكر حتَّى أتوا رسول الله صلعم، فعرض عليهم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، وأنبأهم بحقِّ الإسلام، فآمنوا، فأصبحوا مقرِّين بحقِّ الإسلام، فهؤلاء: السَّابقون السَّابقون. أولئك المقرَّبون في جنَّات النَّعيم(6) ، وهم: السَّابقون الأوَّلون من المهاجرين.
          ولمَّا أسلم عثمان زوَّجه رسول الله صلعم بنته رُقيَّة، فلمَّا توفِّيت رآه صلعم مهموماً، فقال: «مالك مهموماً»؟ فقال: يا رسول الله، ومن أحقُّ منِّي بالهمِّ؟ انقطع وُصْلَتِي التي بيني وبين رسول الله صلعم. فقال: «هذا جبريل يأمرني أن أزوِّجك بأختها أمِّ كلثوم». فزوَّجها منه صلعم، ولمَّا ماتت أمُّ كلثوم قال صلعم: «لو أنَّ عندي ثالثة لزوَّجناك».
          وقال ابن الأثير(7) _نقلاً عن عليِّ بن أبي طالب_: سمعت رسول الله صلعم يقول: «لو أنَّ عندي أربعين بنتاً زوَّجت عثمان واحدة بعد واحدة، حتَّى لا يبقى منهنَّ واحدة».
          قال الرُّشاطيُّ: ثبت عن رسول الله صلعم أنَّه قال: «سألت ربِّي ╡ أن لا يدخل النَّار أحداً صاهر إليَّ أو صاهرت إليه». وساق سنده إلى سهل بن سعد. قال: وسئل رسول الله صلعم هل في الجنَّة برق؟ قال: «نعم، إنَّ عثمان بن عفَّان يتحوَّل من منزل إلى منزل، فتبرق الجنَّة برقتين». فلذلك سمِّي ذا النُّورين. قال: ولمَّا أراد عثمان أن يشتري بئر رُومة أتى اليهوديَّ فأبى أن يبيعها كلَّها، فاشترى نصفها باثني عشر ألف درهم، فجعله للمسلمين، وقال لعثمان: لك يوم ولي يوم، فلمَّا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين، فلمَّا رأى ذلك اليهوديُّ قال: أفسدت عليَّ رَكِيَّتي. فاشترى منه النِّصف الآخر بثمانية آلاف درهم، وجهَّز جيش العسرة، يعني تبوك، بتسعمئة وخمسين بعيراً، وأتمَّ الألف بخمسين فرساً، وعن قتادة: حمل عثمان في جيش العسرة على ألف بعير وسبعين فرساً. وقال: أتى عثمان النَّبيَّ صلعم لمَّا حثَّهم على جهاز جيش العسرة بألف دينار، فصبَّها بين يديه، فرأيته صلعم يقلِّب في الدَّنانير، ويقول: «ما ضرَّ (عثمان) بن عفَّان بعد اليوم شيء».
          قال في توثيق عرى الإيمان: هو أوَّل من فرَّ بدينه، وهاجر بأهله إلى الله ╡ بعد لوط. قال: وهو أوَّل من خَبص الخَبيص للمسلمين، وذلك أنَّ عِيراً له قدمت من الشَّام ومعها السَّمن والعسل، فعمل الخبيص، وبعث به(8) إلى منزل أمِّ سلمة، فلمَّا جاء صلعم وضعته بين يديه، فأكله واستطابه، ثمَّ قال: «من بعث هذا»؟ قالت: عثمان. قال: «إنَّه يترضَّاني، اللهم فارض عنه». وكان (كلَّ) ليلة يختم القرآن في ركعة، وفي ذلك نزل قوله تعالى: / { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ } [فاطر:29] ، قال أنس: قال جبريل: يا رسول الله، من هذا الذي خرج من عندك آنفاً؟ قال: «عثمان بن عفَّان». فقال: إنَّ نور عثمان ليضيء لأهل السَّماء كما تضيء الشَّمس لأهل الأرض.
          وقال صلعم: «لكلِّ نبيٍّ رفيق في الجنَّة، ورفيقي عثمان بن عفَّان».
          قالت عائشة: قال رسول الله صلعم: «ادعوا لي بعض أصحابي». فقلت: أبا بكر؟ قال: «لا». فقلت: عمر؟ قال: «لا». فقلت: عثمان؟ فقال: «نعم». فلمَّا جاء(9) قال لي بيده: «تنحي عنِّي». فتنحيَّت، فسارَّه، ولون عثمان يتغيَّر، فلمَّا حُصر يوم الدَّار قيل له: ألا تقاتل؟ قال: لا؛ إنَّ(10) رسول الله صلعم عهد إليَّ عهداً، وأنا صابر نفسي عليه. وقد جاء هذا الحديث مفسَّراً في قوله ╕: «إنَّ الله سيقمصك قميصاً، فإذا أرادوك على خلعه فلا تخلعه حتَّى تلقاني».
          ودخل رسول الله صلعم على أمِّ كلثوم، فقال: «أين أبو عمرو»؟ قالت: خرج لبعض شأنه. فقال: «كيف رأيتِ بعلك»؟ قالت: يا أبتِ خير بعل وأفضل. قال: «يا بنيَّة، كيف لا يكون كذلك وهو شبيه جدِّك إبراهيم، وأبيك محمَّد»؟ وروي أنَّه دخل على ابنته وهي تغسل رأس عثمان، فقال: «أي بنيَّة أحسني إلى عثمان، فإنَّه أشبه أصحابي بي خلقاً».
          قال ابن عبَّاس: قال رسول الله صلعم: «إن أردت أن تنظر من أهل الأرض إلى شبيه يوسف فانظر إلى عثمان». قال جابر بن عبد الله: بينا نحن مع رسول الله صلعم في نفر من المهاجرين، فيهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليٌّ، وطلحة، والزُّبير، وسعد بن أبي وقَّاص، وعبد الرَّحمن بن عوف، قال رسول الله صلعم: «لينهض كلُّ رجل منكم إلى كفئه». ونهض صلعم إلى عثمان، واحتضنه واعتنقه، وقال: «أنت وليِّي في الدُّنيا والآخرة».
          قالت عائشة: كان صلعم جالساً، كاشفاً عن فخذه، فاستأذن أبو بكر، فأذن له، [فدخل] وهو على تلك الحالة، ثمَّ استأذن عمر، فدخل وهو على تلك الحالة، ثمَّ استأذن عثمان، فأرخى عليه ثيابه، فلمَّا قاموا قلت: يا رسول الله، استأذن عليك أبو بكر، فأذنت له وأنت على حالك(11) ، واستأذن عليك عمر، فأذنت له وأنت على حالتك، ثمَّ استأذن عثمان، فأرخيت عليك ثيابك. فقال: «يا عائشة، ألا أستحي ممَّن تستحي منه ملائكة الرَّحمن». وفي رواية: «إنَّ عثمان حييٌّ، وإنِّي خفت إن رآني على تلك الحالة لا يبلِّغني حاجته».
          قال أنس: بلغ النَّبيَّ صلعم أنَّ عليًّا يريد أن يتزوَّج بنت أبي جهل، فصعد المنبر، وقد انتفخت(12) أوداجه، فقال: «ما بال أقوام يسوؤوني في أهلي، فوالله لا تجتمع بنت حبيب الله مع بنت عدوِّه أبداً، فإن كان لا بدَّ فاعلاً، فليخل سبيل صاحبتنا، فإنَّما فاطمة بَضْعة منِّي، يريبني ما رابها، ويسوؤني ما ساءها». فجاء الصَّارخ إلى عليٍّ، وقال: هذا النَّبيُّ يهتف بك على المنبر. فجاء إلى أبي بكر، / وقال: يا أبا بكر، اشفع لي إلى رسول الله صلعم. فقال: يا رسول الله، عليٌّ بالباب يستشفع بي إليك لترضى، وهو يحلف أن لا يعاود(13) مكروهاً أبداً. قال: لا أفعل. فخرج أبو بكر وأخبر عليًّا، فمضى إلى عمر، فقال له مثل ما قال لأبي بكر، فدخل عمر على النَّبيِّ صلعم، وقال له مثل ما قال أبو بكر، فقال: لا أفعل. فأخبره [عمر] ، فمضى إلى عثمان، وقال له مثل ما قال لعمر، فدخل عثمان على النَّبيِّ صلعم، فأدناه وقرَّبه، وطرح له وسادة، وناجاه، ثمَّ قال كما قال عمر، فقال: «قد شفَّعتك فيه ورضيت عنه، فقل له: فليلقني». قالت عائشة: فلمَّا خرج عثمان قلت: يا رسول الله، جاءك أبو بكر وعمر، فلم تشفِّعهما، فأتاك عثمان، فقرَّبته وشفَّعته. فقال: «إنَّهما سِلْفَايَ، أحببت أن يعلم عليٌّ موضع عثمان منِّي».
          وقال صلعم: «يا عثمان، إنَّ الله قد غفر لك ما قدَّمت وما أخَّرت، وما أسررت وما أعلنت، وما هو كائن إلى يوم القيامة».
          قال جابر بن عبد الله: إنَّ رسول الله صلعم أتي بجنازة رجل من أصحابه، فلم يصلِّ عليه(14) ، قالوا: يا رسول الله، ما تركت الصَّلاة على أحد من أمَّتك إلَّا على هذا الرَّجل. فقال: «إنَّه كان يبغض عثمان».
          قال ابن عبَّاس: كنت جالساً عند النَّبيِّ صلعم إذ أقبل عثمان، فلمَّا دنا منه قال: «تقتل وأنت تقرأ سورة البقرة، تقطر قطرة من دمك على قوله { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [البقرة:137] يغبطك أهل المشرق والمغرب، تشفع في مثل مضر وربيعة(15) ، تبعث أميراً على كلِّ مخذول».
          قال أبو هريرة ☺: ذكر رسول الله صلعم (فتنة) فقرَّبها، فمرَّ رجل مقنَّع، فقال: «هذا يومئذ على الهدى». فأخذت بضبعيه، فاستقبلت به النَّبيَّ، فقلت: هذا يا رسول الله؟ فقال: «هذا». فإذا هو عثمان بن عفَّان.
          قال عبد الله بن عمر: القانت المذكور في قوله تعالى: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا } [الزمر:9] هو عثمان بن عفَّان.
          وقال ابن الأثير(16) : إنَّ رجلاً قال لسعيد بن زيد: أحببتُ عليًّا حبًّا لم أحبَّه(17) شيئاً قطُّ. قال: أحسنت، أحببت رجلاً من أهل الجنَّة. ثمَّ قال: أبغضتُ عثمان بغضاً لم أبغضه شيئاً [قطُّ] . قال: أسأت، أبغضتَ رجلاً من أهل الجنَّة. ثمَّ أنشأ يحدِّث، فقال: بينما رسول الله صلعم على حِرَاء، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزُّبير؛ إذ تحرَّك الجبل، فقال: «اثبت ما عليك إلَّا نبيٌّ، أو صدِّيق أو شهيد».
          وقال أبو سهلة مولى عثمان: قلت لعثمان: أقاتل(18) يوم الدَّار. [قال: لا] .
          وقال عبد الله: قاتل يا أمير المؤمنين. قال: لا، والله لا أقاتل، وعدني رسول الله صلعم أمراً فأنا صابر عليه.
          قال النَّزَّالُ بنُ سَبْرَةَ: قلنا لعليٍّ: يا أمير المؤمنين، حدِّثنا عن عثمان، قال: ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى بذي النُّورين، / كان ختن رسول الله صلعم على ابنتيه، ضمن له بيتاً في الجنَّة.
          قال ابن عمر: كنَّا نقول _ورسول الله صلعم حيٌّ_: أبو بكر وعمرو عثمان. فقيل: في التَّفضيل. وقيل: في الخلافة.
          عن أبي الجَعْدِ أنَّ عثمان دعا أناساً من الصَّحابة، فيهم عمَّار، فقال: إنِّي أسائلكم، وإنِّي أحبُّ أن تصدقوني، نشدتكم بالله، هل تعلمون أنَّ رسول الله صلعم كان يؤثر قريشاً على سائر النَّاس، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش؟ فسكت القوم، فقال عثمان: لو أنَّ بيدي مفاتيح الجنَّة لأعطيتها بني أميَّة، حتَّى يدخلوا(19) من آخرهم. فبعث إلى طلحة والزُّبير، فقال عثمان: ألا أحدِّثكم عنه؟ يعني عمَّاراً، أقبلت مع رسول الله صلعم، وهو آخذ بيدي يتمشَّى في البطحاء؛ حتَّى أتى على أبيه وأمه [يعذَّبان] ، فقال ياسر: يا رسول الله، الدَّهر هكذا!؟ فقال النَّبيُّ صلعم: «اصبر». ثمَّ قال: «اللهم اغفر لآل ياسر». وقد فعل.
          ولمَّا حضر عمر، جعل الخلافة شورى بين ستَّة، عثمان، وعليٍّ، وطلحة، والزُّبير، وعبد الرَّحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، [فقال عبد الرَّحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم] . فقال الزُّبير: قد جعلت أمري إلى عليٍّ. وقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان. وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرَّحمن. فقال عبد الرحمن: أيُّكما تبرَّأ من هذا الأمر، فيجعل عليه الله والإسلام، لينظرنَّ أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشَّيخان، فقال عبد الرَّحمن: فتجعلونه إليَّ؟ واللهُ عَلَيَّ أن لا آلو (عن) أفضلكم. قالا: نعم. فمسك بيد أحدهما، وقال: لك قرابة من رسول الله صلعم، والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك، لئن أمَّرتك لتعدلنَّ، ولئن أمَّرت عثمان لتسمعنَّ، ولتطيعنَّ. ثمَّ خلا بالآخر، فقال له مثل ذلك، فلمَّا أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان. فبايعه، وبايع له عليٌ، وولج أهل الدَّار فبايعوه، وبويع عثمان بالخلافة يوم السَّبت غرَّة محرَّم(20) ، سنة أربع وعشرين، بعد دفن عمر بثلاثة أيَّام.
          قال أبو سعيد مولى عثمان: إنَّ عثمان أعتق عشرين مملوكاً، وهو محصور، وقد حصر تسعة وأربعين يوماً، ويوم قتل دعا بسراويل، فلبس وشدَّها(21) ، ولم يلبسها في جاهليَّة قبل ولا إسلام، وقال: إنِّي رأيت رسول الله صلعم في المنام، ورأيت أبا بكر وعمر، وقالوا: اصبر، فإنَّك تفطر عندنا القابلة. ثمَّ دعا بمصحف، فنشره بين يديه، فقتل وهو بين يديه.
          وقال النُّعمان بن بشير: عن عائشة أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «يا عثمان (لعلَّ الله يقمصك قميصاً، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه». وقال): «تقتل وأنت مظلوم، وتسقط قطرة من دمك على:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ } [البقرة:137] قال [النُّعمان] : فإنَّها إلى السَّاعة لفي المصحف. والذين حاصروه من أهل مصر، والبصرة، والكوفة، وبعض أهل المدينة، أرادوه على أن ينزع نفسه من الخلافة، فلم يفعل، وخافوا أن تأتيه الجيوش من الشَّام والبصرة وغيرها، ويأتي الحجَّاج فيهلكوا، فتسوَّروا عليه فقتلوه، ودفن / ليلاً في بستان يسمَّى حُشَّ كوكب(22) بالبقيع، وكان عثمان اشتراه وزاده في البقيع، وصلَّى عليه حكيم بن حزام، وقيل: المِسْوَرُ بن مَخْرمة. وقيل: منعوا من الصَّلاة عليه، فلم يصلِّ عليه أحد. وحضره عبد الله بن الزُّبير وامرأتاه: أمُّ البنين بنت عيينة بن حصن، ونائلة بنت الفُرافِصة(23) الكلبيَّة، فلمَّا أنزلوه(24) في القبر صاحت بنته عائشة، فقال لها ابن الزُّبير: اسكتي وإلَّا قتلتك. فلمَّا دفن قال لها: صيحي(25) ما بدا لك أن تصيحي. وكان عثمان من أجمل النَّاس، ربعة، لا بالقصير، ولا بالطَّويل، حسن الوجه، رقيق البشرة، كثير الشَّعر، ضخم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، كان يصفِّر لحيته، ويشدُّ أسنانه بالذَّهب، وعمره اثنتان وثمانون سنة، وقيل: ستَّة، وقيل: تسعون. ورثاه حسَّان بن ثابت _من البسيط_:
من سرَّه الموتُ صِرْفاً لا مِزَاجَ له                     فليأت مأدبةً في دار عثمانا
ضَحَّوا بأَشْمَطَ عنوانُ السُّجود به                     يقطِّع اللَّيلَ تسبيحاً وقرآنا
صبراً فِدْىً لكم أمِّي وما وَلَدَتْ                     قد ينفع الصَّبر في المكروه أحيانا
لتسمعنَّ وشيكاً في ديارهمُ                     الله أكبر يا ثاراتِ عثمانا
          قال ابن الأثير: وزاد فيها أهل الشَّام أبياتاً لا حاجة إلى ذكرها، فإنَّهم ما زادوها إلَّا تحريضاً لأهل الشَّام في قتال عليٍّ؛ لظنِّهم أنَّه قتله، منها:
يا ليت شعري وليت الطَّير تخبرني                     ما كان بين عليٍّ وابنِ عفَّانا
          وقال حسَّان أيضاً _من البسيط_:
إن تمْسِ دارُ بني عفَّانَ موحشةً                     بابٌ صريعٌ وبابٌ مُحْرَقٌ خَرِبُ
فقد يصادفُ باغي الخير حاجته                     فيها ويأوي إليها الجودُ والحسبُ
          وقال عامر: ما سمعت من مراثي عثمان أعجب [إليَّ] من قول كعب بن مالك(26) _من الطَّويل_:
وكَفَّ يديه ثمَّ أَغْلَقَ بابَه                     وأيقنَ أنَّ الله ليس بغافلِ
وقال لأهل الدَّار لا تقتلوهُمُ(27)                      عفى الله عن كلِّ امرئٍ لم يقاتلِ
فكيف رأيتَ اللهَ صَبَّ عليهمُ الـ                     ـعداوةَ والبغضاءَ بعد التَّواصلِ
وكيف رأيتَ الخيرَ أدبر بعده                     عن النَّاس إدبارَ الرِّياحِ الحوافلِ
          واعلم أنَّ لام التَّعريف في العداوة من المصراع الذي قبله، وعن عروة [أنَّه] قال: لمَّا قتل عثمان دخلوا خزائنه، فوجدوا فيها صندوقاً، فقالوا هذا ما اختان(28) من فيء المسلمين. فكسروه، فوجدوا فيه حقَّة، فقالوا: فيها جوهرة. فكسروها، فوجدوا فيها ورقة: عثمان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ويشهد أن محمَّداً عبده ورسوله، وأنَّ السَّاعة آتية لا ريب فيها، وأنَّ الله يبعث من في القبور، عليها نحيا، وعليها نموت. ووجدوا في ظهرها مكتوباً_[من الطَّويل]_ :
غنى النَّفس يغني النَّفس حتَّى يكفَّها                     وإن مسَّها حتَّى يضرَّ بها الفقرُ
فما عُسْرَةٌ فاصبر لها إن لقيتَها                     بكائنةٍ إلَّا ومِنْ بعدها يُسْرُ
          قال: فسُقِطَ القوم في أيديهم. قال عُقبة بن عَلْقمة: قام مخلد الكنديُّ إلى عليِّ بن أبي طالب، فقال: يا أمير المؤمنين، هل كانت لك سابقة لم تكن لأبي بكر مثلها؟ قال: لا، غير أنِّي كنت أبارز الأقران بين يدي رسول الله صلعم / ما لم يبارز أبو بكر، ولقد صنع بأبي بكر أمر(29) ما صنع بي. قال: وما صنع به؟ قال: يوم الملحمة(30) ، وهو أنَّ المشركين جاؤوا ليقتلوا رسول الله صلعم، فخرج بأبي بكر، لم يأمن على نفسه أحداً غيره، حتَّى دخلا الغار، ولقد رأيتنا، وما أحد أعز منَّا يوم دخل عمر الإسلام، ولقد صنع رسول الله صلعم بعثمان، ما [لم] يصنع(31) بي، ولا بأبي بكر ولا بعمر. قلنا: ما صنع به؟ قال: كنَّا حول رسول الله صلعم جلوساً، وقدمه وساقه(32) مكشوفة إلى رأس ركبته، وساقه في ماء بارد، وكان تضرب عليه عضلة ساقه، فكان إذا جعلها في ماء بارد سكن عنه، فقلت [له] : مالك لا تكشف عن الرُّكبة؟ قال: «الرُّكبة من العورة». فلمَّا دخل عثمان غطَّى ساقه وقدمه بثوبه، فقلت: سبحان الله! كنَّا حولك وساقك مكشوفة، فلمَّا طلع عثمان غطَّيتها؟! قال: «ألا أستحي ممَّن تستحي منه الملائكة»؟ ثمَّ قال: «يا عثمان، كيف أنت وبلوى تصيبك من بعدي»؟ قال: كيف أصنع يا رسول الله؟ قال: «صبراً صبراً حتَّى تلقاني، والرَّبُّ عنك راض». ولمَّا قدم المصريُّون على عثمان قال لهم: ويحكم! لا تزكُّوا أنفسكم. قالوا: أنت أوَّل من حمى الحمى، وقد أنزل الله تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً } [يونس:59] قال: ما أنا بأوَّل من حمى الحمى، أوَّل من حمى رسول الله صلعم، ثمَّ عمر، فلمَّا ولِّيت زادت الصَّدقة، فزدت في الحمى قدر ما زادت نَعَمُ الصَّدقة، فأستغفر الله وأتوب إليه. قالوا(33) : فأنت أوَّل من أغلق باب الهجرة. قال: كلَّا، قال رسول الله صلعم: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونيَّة». وكنت أرى من قاتل على هذا أحقَّ ممَّن لم يقاتل عليه، فإنِّي أستغفر الله وأتوب إليه، فمن شاء فليهاجر، ومن شاء فليجلس. قال: فما سألوه عن شيء إلَّا خرج منه، فانطلق القوم وهم عنه راضون، حتَّى أتوا ذا الحليفة، فرأوا راكباً، فاسترابوا به، فأخذوه وفتَّشوه، فوجدوا الكتاب الذي زعم النَّاس أنَّه كتبه إلى عبد الله بن أبي سرح، عامله بمصر: أن اضرب أعناقهم. فرجعوا، فدخلوا عليه، فوقعوا به، قال: يا قوم، ما الخبر؟ قالوا: كاتبت عاملك على مصر يضرب أعناقنا. قال: والله ما كتبت، ولا أمليت. قالوا: فهذا غلامك. قال: ما أملك غلامي. قالوا: فهذه راحلتك. قال: لا(34) أملك راحلتي. قالوا: فهذا كاتبك. قال: لا أملك كاتبي(35) . يا قوم، والله ما كتبت، ولا أمليت. فقال الأشتر: يا قوم، إنِّي لأسمع حلف رجل قد مُكِرَ به، و [قد] مُكِرَ بكم. فقال رجل من القوم: انتفخ سَحْرُك(36) يا مالك. فوثبوا إليه فقتلوه، قيل: قتله جبلة بن الأيهم من مصر. وقيل: قتله الأسود من أهل اليمن. وقيل: وَجَأَهُ، يعني طعنه محمَّد بن أبي بكر بمشقص، ثمَّ ذَفَّفَ الأَسْوَدُ، ومحمَّد بن حذيفة، فضرباه بأسيافهما حتَّى أثبتاه، وهو يقرأ في المصحف، فوقعت قطرة من دمه على قوله تعالى: { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [البقرة:137] . وقال في القاموس: قتله كنانة بن بشر التَّجُوبيُّ الكنديُّ من مصر. قال الوليد بنِ عقبة:
ألا إنَّ خيرَ النَّاسِ بعدَ ثلاثةٍ                     قتيلُ التُّجِيْبِيِّ الذي جاء من مصر /
          قال: وغلط الجوهريُّ، ونسب البيت إلى كُميت(37) ، وسبقه إلى ذلك خليل بن أحمد ظنًّا أنَّ الثَّلاثة هم الخلفاء، والقتيل هو عليٌّ، والقاتل هو ابن ملجم، فحرَّف التُّجيبيَّ، وقرأ التَّجوبيَّ، وإنَّما الثَّلاثة النَّبيُّ صلعم والعمران، والقتيل عثمان، والقاتل كنانة التُّجيبيُّ. (انتهى).
          وقال سهم بن حُبيش(38) : دخل سودان(39) ، وفي رواية غيره: رومان(40) المراديُّ البصريُّ، رجل أزرق، قصير، في يده جُرْزٌ(41) من حديد، فاستقبله، فقال: على أي ملَّة أنت؟ قال: على ملَّة إبراهيم حنيفاً مسلماً، وما أنا من المشركين. قال: كذبت. وضربه بالجرز(42) على صدغه فقتله. وفي رواية اللَّيث: ثمَّ اعتورته السُّيوف، ورماه رجل من أهل البصرة بلبنة، فهشَّم وجهه. وعن يزيد بن أبي حبيب قال: بلغني أنَّ الركب الذين(43) ساروا إلى عثمان جُنَّ عامَّتهم، ودخل رجل يقال له: جهجاه أو ابن جهجاه، فانتزع عصاً كانت بيده، وكان صلعم يختصر بها، ثمَّ كسرها على ركبته، فأخذته الأكلة في ركبته.
          وما ذكر الحسن البصريُّ عثمان إلَّا فاضت عيناه. وكان أبو صالح السَّمَّان إذا ذكر قتل عثمان يبكي(44) رافعاً صوته، يقول: هاه هاه.
          قالت امرأة عثمان: استيقظ عثمان، فقال: ما أرى القوم إلَّا سيقتلونني، إنِّي رأيت رسول الله صلعم وأبا بكر وعمر ☻ فقالوا: إنَّك تفطر اللَّيلة عندنا.
          وعن عبد الله بن سلام قال: أتيت عثمان لأسلِّم عليه وهو محصور، فدخلت عليه، فقال: مرحباً بأخي، ما يسرُّني أنَّك(45) كنت وراءك، في هذه اللَّيلة رأيت رسول الله صلعم في هذه الخوخة، فقال لي: يا عثمان، حصروك؟ قلت: نعم. قال: [أعطشوك. قلت: نعم. قال:] فدلَّى لي دلواً، فشربت منه حتَّى رويت، فإنِّي لأجد برد الماء بين ثديي وبين كتفي، قال: إن شئت أفطرت عندنا(46) ، وإن شئت نصرت عليهم. فاخترت أن أفطر عنده. فقتل في ذلك اليوم.
          ومضى في ترجمة عبد الله ما قال للقوم وما قالوا له، فراجعها، وفي رواية ابن عمر، قال عثمان: أغفيت إغفاءة [عند الفجر، بعدما سهرت اللَّيلة] ، فرأيت النَّبيَّ صلعم وأبا بكر وعمر، فقال صلعم: الحقنا، لا تحبسنا، فنحن ننتظرك. فقتل من يومه.
          عن عديِّ بن حاتم قال: سمعت صوتاً يوم قتل عثمان يقول: أبشر يا ابن عفان بغفران ورضوان. قال: فالتفتُّ فلم أر أحداً.
          وقال حذيفة: لمَّا قتل عثمان، والله والله إنَّه لفي الجنَّة، والله والله [والله] إنَّ قتلته لفي النَّار. قاله في روض الأفكار.
          وعن ابن عمر أنَّ عليًّا لقي عثمان وهو محصور، فأرسل إليه أنِّي قد جئت لأنصرك، فأرسل إليه بالسَّلام، وقال: (إنَّه) لا حاجة لي بك. فأخذ عليٌّ عمامته من رأسه، فألقاها في الدَّار التي فيها عثمان، وهو يقول: { ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ } [يوسف:52]
          وعن أبي جعفر الأنصاريِّ قال: مررت على عليٍّ بالمسجد، وعليه عمامة سوداء، وحوله نحو من عشرة، فقال: ما فعل الرَّجل؟ قال: قلت: قتل. قال تبًّا لهم آخر الدَّهر.
          وعن أبي حصين أنَّ عليًّا قال: لو أعلم أنَّ بني أميَّة يذهب ما في نفسها لحلفت لهم خمسين يميناً بين الرُّكن والمقام أنِّي لم أقتل عثمان، ولم أمالئ عليه.
          قال أبو قلابة: / بلغني أنَّ عثمان يحكم في قتلته يوم القيامة. قلت: إن صحَّ هذا الخبر، فهذه مسامحة في حقِّ قتلته، فإنَّ عثمان حييٌّ كريم، شفوق (حليم) رحيم، ما كان يأخذ لنفسه بل لله، ويترك ما هو لنفسه، فما أظنُّ أنَّه ينتقم من عباد الله يوم القيامة، بل يعفو ويصفح، فإنَّ الغزاليَّ ذكر أنَّه إذا كان يوم القيامة، ويريد الله تعالى أن يرحم القاتل يسلِّمه إلى المقتول، ويزيِّن الجنة، ويدنيها من المقتول، فبينما هو يتحاكم إلى الله يلتفت، فيرى بهجة الجنَّة وزخرفها، وهو آخذ بناصية القاتل، يقول: فيم قتلني هذا يا رب؟ فيقول: [يا] إلهي، لمن هذا المكان؟ يقول الرَّبُّ تعالى: لمن يعفو عمَّن ظلمه. فيقول: إلهي، قد عفوت عن قاتلي. فيقول: ادخل الجنَّة أنت وصاحبك. أو كما قال، ⌂، فهذا عثمان أكرم من أن يوصف، وأحلم من أن ينعت، ╩ وعمَّن يحبُّه.
          قال الأحنف بن قيس: انطلقنا حجَّاجاً، فمررنا بالمدينة، فأتيت المسجد، فإذا عليٌّ والزُّبير وطلحة وسعد قعود، فلم يكن بأسرع أن جاء عثمان، وعليه ملاءة صفراء، قد رفعها على رأسه، فقلت لصاحبي: كما أنت حتَّى أنظر ما جاء به. فلمَّا دنا منهم قالوا: هذا ابن عفَّان، (هذا ابن عفَّان،) فقال: أههنا عليٌّ؟ قالوا: نعم. قال: أههنا طلحة؟ قالوا: نعم. قال: أههنا سعد؟ قالوا: نعم. قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، تعلمون أنَّ رسول الله صلعم قال: «من يبتاع مني مربد بني فلان غفر(47) الله له»؟ فابتعته بعشرين، أو بخمسة وعشرين ألفاً، فأتيت رسول الله صلعم فقلت: قد ابتعته. فقال: «اجعله في مسجدنا، وأجره لك». قالوا: نعم. قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، تعلمون أنَّ رسول الله صلعم قال: «من يبتاع بئر رومة غفر الله له»؟ فابتعتها بكذا وكذا، فأتيت رسول الله صلعم، فقلت: إنِّي قد ابتعت بئر رومة. فقال: «اجعلها سقاية للمسلمين، وأجرها لك». قالوا: نعم. قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، تعلمون أنَّ رسول الله صلعم نظر في وجوه القوم يوم جيش العسرة، فقال: «من يجهِّز هؤلاء غفر الله له»؟ فجهَّزتهم(48) ؛ حتَّى ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً. قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد(49) .
          قال سعيد بن المسيَّب: أشرف عثمان ذات يوم على النَّاس، فقال: أفيكم أبو محمَّد؟ يعني طلحة بن عبيد الله، فقال طلحة: أنا ذا، فماذا(50) تريد؟ قال عثمان: أنشدك بالله، هل سمعت رسول الله صلعم يقول: «إنَّ لكلِّ نبيٍّ رفيقاً، ورفيقي في الجنَّة عثمان»؟ فقال: اللهم نعم. فقام طلحة من ذلك المجلس، فلم ير فيهم.
          وقال أبو موسى الأشعريُّ: لو كان قتلُ عثمان هدىً لاحتلبتْ به الأمَّة لبناً، ولكنَّه كان ضلالاً، فاحتلبت به الأمَّة دماً.
          وقال حبيب بن أبي ثابت: قال: ما أعلم أهل الشَّام ينصرون إلَّا بدم عثمان. قال ابن عبَّاس: لو اجتمع النَّاس على قتل عثمان لرموا بالحجارة، كما رمي قوم لوط.
          قال سهم بن حبيش: انطلقنا / بعثمان إلى البقيع لندفنه، وأكمنَّا(51) له [من] جوف اللَّيل، ثمَّ حملناه، فغشينا سواد من خلفنا، فهبناهم، فنادى مناد: لا روع عليكم اثبتوا، فإنَّا جئنا لنشهده معكم. وكان ذلك ملائكة الرَّحمن(52) .
          قال عروة: أرادوا أن يصلُّوا على عثمان، فمنعوا، فقال أبو جهم بن حذافة: دعوه فقد صلَّى الله عليه وملائكته.
          قال أبو أمامة: قال رسول الله صلعم: «يدخل الجنَّة بشفاعة رجل من أمَّتي مثل أحد الحيَّين(53) ربيعة ومضر». قال: فكان المشيخة(54) يرون أنَّ ذلك الرَّجل عثمان.
          وكان شديد الحياء، قال الحسن البصريُّ: إنَّه ليكون في البيت، والباب عليه مغلق، فما يضع عنه الثَّوب ليفيض عليه الماء، ويمنعه الحياء أن يقيم صلبه.
          وفي البخاريِّ(55) ، عن ابن عمر أنَّه قال: كنَّا في زمن رسول الله صلعم لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثمَّ عمر، ثمَّ عثمان، ثمَّ نترك(56) أصحاب النَّبيِّ صلعم لا نفاضل بينهم.
          وجاء رجل من أهل مصر حجَّ(57) البيت، فرأى قوماً جلوساً، فقال: من هؤلاء؟ قالوا: قريش. قال: فمن الشَّيخ؟ قالوا: عبد الله بن عمر. قال: يا ابن عمر، إنِّي سائلك عن شيء، فحدِّثني، هل تعلم أنَّ عثمان فرَّ يوم أحد؟ قال: نعم. فقال: هل تعلم أنَّه تغيَّب عن بدر ولم يشهدها(58) ؟ قال: نعم. قال: تعلم أنَّه تغيَّب عن بيعة الرِّضوان؟ قال: نعم. قال: الله أكبر. قال ابن عمر: تعال أبيِّن لك؛ أما فراره يوم أحد، فأشهد أنَّ الله عفى عنه، وغفر له، وأمَّا تغيُّبه عن بدر، فإنَّه كان تحته بنت رسول الله صلعم، وكانت مريضة، فقال صلعم: «إنَّ لك أجر [رجل] ممَّن(59) شهد بدراً وسهمه». وأمَّا تغيُّبه عن بيعة الرِّضوان، فلو كان أحد أعزَّ ببطن مكَّة من عثمان لبعثه مكانه، فبعثه رسول الله صلعم إلى مكَّة، وقال بيده اليمنى: «هذه يد عثمان». وضرب [بها] على يده، فقال: «هذه لعثمان». ولَيَدُ رسول الله صلعم لعثمان خير من يد عثمان لنفسه. قال ابن عمر [له] : اذهب بها الآن معك(60) .
          قالت عائشة: قال صلعم يوماً: «ادعوا لي أخي». قالوا: يا رسول الله، ومن أخوك؟ قال: «ادعوا لي أخي». قالوا: عثمان؟ قال: «نعم». فدعي، فقال: «يا عثمان، إنَّ الله يقمصك(61) قميصاً إن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتَّى تلقاني، ولا كرامة لهم». يقولها مرَّتين أو ثلاثاً.
          قال ابن قدامة المقدسيُّ: [إنَّ عثمان] انفرد عن الصَّحابة(62) بأمور أربعة، لم يشاركه فيها أحد، أمران في حياته صلعم، وأمران بعد موته؛ أمَّا اللَّذان في حياته، [فالأوَّل] إنفاقه(63) المال الكثير، وتجهيزه جيش العسرة، وزيادته في المسجد، وتسبيله بئر رومة، وقد قال صلعم: «من سقى شربة من ماء حيث يوجد الماء كان كمن أعتق رقبة، ومن سقى شربة حيث لا يوجد الماء كان كمن أحيا نفساً». فكلُّ من شرب(64) من بئر رومة إلى يوم القيامة فلعثمان بكل شربة عتق رقبة، وأمَّا الثَّاني، فجمعه بين بنتي النَّبيِّ صلعم، ولم يكن [ذلك] لأحد قبله ولا بعده، فما أحد أرخى ستراً على ابنتي نبيٍّ غيره، وأمَّا الأمران اللَّذان بعده صلعم(65) ، / فأحدهما فتوحاته الكثيرة، حتَّى قيل: إنَّ فتوحات عثمان أكثر من فتوحات عمر. وأسلم أهل تلك الفتوحات، ولعثمان مثل أجرهم، والثَّاني أنَّه جمع القرآن، فأزال الاختلاف عن الأمَّة، فاختصَّ بثواب ذلك وفضله، ثمَّ إنَّه حوصر نيِّفاً وأربعين، أو خمسين ليلة، فلم يتكلَّم بكلمة تكون لمبتدع فيها حجَّة.
          قال ابن عبَّاس: قال رسول الله صلعم: «قال لي جبريل: إن أردت أن تنظر من أهل الأرض شبيه يوسف فانظر إلى عثمان بن عفَّان».
          وقال حذيفة: بعث رسول الله صلعم إلى عثمان يستعينه في غزاة، فبعث بعشرة آلاف درهم، فوضعت بين يديه، فجعل يقلِّبها بيديه، ويدعو لعثمان، ويقول: «غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائن إلى يوم القيامة، ما يبالي عثمان ما عمل بعدها».
          قال أبو سعيد: رأيته صلعم من أوَّل اللَّيل إلى أن طلع الفجر رافعاً يديه يدعو لعثمان، يقول: «اللهم إنَّ عثمان رضيت عنه فارض عنه». ولمَّا أراد صلعم أن يزيد في المسجد، قال لصاحب المربد: «أعطني ببيت في الجنَّة». فقال: لا. فجاء عثمان، فقال: لك بها عشرة آلاف. فاشتراها منه، ثمَّ جاء عثمان [إلى رسول الله صلعم، فقال: يا رسول الله، اشتر منِّي البقعة] . فاشتراها منه ببيت في الجنَّة، فوضع لبنة، ثمَّ وضع عثمان لبنة، ثمَّ قال للنَّاس: ضعوا. فوضعوا.
          قال شرحبيل بن مسلم: كان عثمان يطعم النَّاس طعام الإمارة، ويدخل بيته فيأكل الخلَّ والزَّيت.
          قال الشَّعبيًّ: سئل ابن عبَّاس عن أبي بكر، فقال: كان والله خيراً كلُّه، في الرِّضا والغضب، حبيباً إلى كلِّ صالح. قيل له: فعمر بن الخطَّاب؟ قال: كان كالطَّائر الحذر، يظنُّ أنَّه قد نصب له من كلِّ ناحية أحبولة، فكان يحذرها، ويعمل كلَّ يوم بما يدرُّ(66) عليه. قيل له: فعثمان؟ قال: كان والله صوَّاماً قوَّاماً. قيل له: فعليُّ بي أبي طالب؟ قال: والله كان(67) مملوءاً علماً وحلماً، وكانت له قرابة من رسول الله صلعم، وقدم في الإسلام، وكان يظنُّ أنَّه لن يطلب بهما أمراً إلَّا ناله، وقلَّ(68) والله ما أشرف على أمر إلَّا تزايل عنه.
          قال عليُّ بن أبي طالب: كان عثمان من الذين آمنوا وعملوا الصَّالحات، ثمَّ اتَّقوا وآمنوا، ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا.
          قال ابن عمر: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ } [الزمر:9] هو عثمان.
          كان عثمان يصوم الدَّهر، ويقوم اللَّيل إلَّا هجعة من أَّوله. قال عبد الرَّحمن بن عوف: رأيته ليلة في المقام، فلمَّا صلَّينا العتمة فبدأ بأمِّ القرآن، حتَّى ختم القرآن، فركع وسجد، فلمَّا فرغ أخذ نعليه وذهب.
          وقالت امرأة عثمان: لمَّا أرادوا قتله أن يقتلوه أو يتركوه فإنَّه كان يحيي اللَّيل كلَّه في ركعة يجمع فيها القرآن. وقال عليٌّ: إنِّي لأرجو أن أكون أنا وعثمان من الذين قال الله تعالى فيهم: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } [الحجر:47] . وقال: سمعت رسول الله صلعم (يقول): «يرحم الله أبا بكر، زوَّجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالاً من ماله، رحم الله عمر، يقول الحقَّ وإن كان مرًّا، يرحم الله عثمان تستحي منه ملائكة الرَّحمن، / (يرحم الله عليًّا)، اللهمَّ أدر الحقَّ معه حيث دار».
          وقال صلعم: «إنَّ الله أمرني أن أتَّخذ أبا بكر والداً، وعمر مشيراً، وعثمان سنداً، وأنت يا عليُّ ظهراً، فأنتم(69) أربعة قد أخذ الله ميثاقكم في أمِّ الكتاب، لا يحبُّكم إلَّا مؤمن، ولا يبغضكم إلَّا منافق، وأنتم خلائف نبوَّتي، وعقدة ذمَّتي، وحجَّتي على أمَّتي، فلا تقاطعوا، ولا تدابروا». وقال: «إنَّ الله تعالى أمرني أن أتَّخذ أبا بكر والداً، وعمر مشيراً، وعثمان سنداً، وعليًّا ظهراً».(70) وقال: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى } [الأنبياء:101] الآية، نزلت في عثمان وأصحابه.
          ولي الخلافة اثنتي عشرة(71) سنة، استخلف أوَّل يوم من المحرَّم(72) ، سنة أربع وعشرين، وقتل يوم الجمعة صائماً، في ذي الحجَّة، سنة خمس وثلاثين، عن تسعين سنة، أو بضع وثمانين (سنة)، وكان نقش خاتمه: آمنت بالله مخلصاً، وقيل: كان نقشه: لتصبرنَّ أو لتندمنَّ.
          تتمَّة:
          اعلم أنَّ السَّبب الحامل على جمع عثمان القرآن هو أنَّ زيد بن ثابت كان قد جمعه في زمن أبي بكر على الأحرف السَّبعة، وكانت متفرِّقة في الصَّحابة، ومجموعة عند بعضهم، فلمَّا فرغ زيد من ذلك جاء بالصُّحف المشتملة على القرآن إلى الصِّدِّيق، فلمَّا مات دفعها إلى عمر، فلمَّا مات عمر وتولَّى عثمان اجتمع المسلمون في غزو أرمينيَّة، جندُ الشَّام، وجندُ العراق، فاختلفوا في القرآن، يسمع هؤلاء قراءة هؤلاء فينكرونها، وكلٌّ صواب منزَّل من عند الله، وكلُّ واحدٍ يقول: قراءتي خير من قراءتك. فلمَّا رأى حذيفة ذلك فزع إلى عثمان، وقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ النَّاس قد اختلفوا في القرآن، وإنِّي لأخشى أن يصيبهم ما أصاب أهل الكتاب. فجمع عثمان النَّاس، وعدَّتهم يومئذ اثنا عشر ألفاً، فقال: ما تقولون؟ اختلف النَّاس (في القرآن،) فبعضهم يقول: قراءتي خير من قراءتك. وأخاف الكفر؛ قالوا: فما ترى؟ قال أرى أن أجمع النَّاس على مصحف واحد، فلا يكون اختلاف. قالوا: نِعْمَ ما رأيت. فبعث إلى حفصة أن ابعثي لي الصُّحف ننسخها منها، ثمَّ نردُّها إليك. ففعلت، فأتى بزيد بن ثابت، ونفر من قريش: عبد الله بن الزُّبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرَّحمن بن الحارث [بن هشام] ، وأُبيٍّ، وأمرهم بذلك، وقال: ما اختلفتم فيه أنتم وزيد فاكتبوه بلسان قريش، فإنَّه نزل بلسانهم. فاختلفوا في: «التَّابوت» فقال زيد: بالهاء. وقال الآخرون(73) : بالتَّاء. فقال: اكتبوا التَّابوت بالتَّاء. وسألوا عثمان «لم يتسنَّ» قال: اجعلوه «لم يتسنَّه» بالهاء. وقيل: إنَّه أرسل إلى أُبيٍّ يسأله عن قوله: «لا تبديل للخلق»(74) وعن قوله: «فأمهل الكافرين» وبعث إليه مكتوباً، فمحا أُبيٌّ إحدى اللَّامين، وكتب «لخلق الله» ومحا «فأمهل» وكتب «فمهِّل» وكتب «يتسنَّه» ألحق به الهاء.
          قال السَّخاويُّ: إنَّما جمع عثمان هؤلاء إلى زيد، ولم يجمع أبو بكر؛ لأنَّ غرض الصِّدِّيق جمع القرآن كلَّه بحروفه ووجوهه، التي نزل بها على لغة قريش [وغيرها، وغرض عثمان تجريد لغة قريش] من تلك القراءات، فاختلف الغرضان، وإنَّما أحضر تلك الصُّحف _ / مع أنَّ زيداً ومن أضيف إليه كانوا حفظة_ لئلَّا(75) يزعم أنَّ في تلك الصُّحف قرآناً لم يكتب، لكن كان بلا نقط ولا شكل، وأوَّل من أحدث النَّقط عليٌّ، الياء والتَّاء في: يعلمون وتعلمون، وتقبل ويقبل، فقالوا: لا بأس به، بل هو نور (له). ثمَّ أحدثوا نقطاً عند منتهى الآي، ثمَّ أحدثوا الفواتح والخواتم.
          وقال الأوزاعيُّ: كان القرآن مجرَّداً في المصاحف، فنقَّطوا، ثمَّ خمَّسوا، ثمَّ عشَّروا، وأمَّا هذا الشَّكل، فكان نقطاً بالحمرة، ثمَّ أحدث الخليل له هذه الصُّورة. قيل: أوَّل من أعرب القرآن أبو الأسود الدِّيْلي، وذلك أنَّ زياداً دعاه إلى ذلك فأبى، فأقعد زياد رجلاً في طريقه، وأمره أن يقرأ القرآن غلطاً قصداً، ففعل ذلك، وقرأ: (إن الله بري من المشركين ورسولِهِ) [براءة:3] بجرِّ رسوله، فلمَّا سمع أبو الأسود ذلك استعظمه، وقال: جلَّ وجه الله أن يبرأ من رسوله. فأتى أبو الأسود زياداً، وقال: قد أجبتك إلى ما سألتني، فابعث إليَّ ثلاثين رجلاً لأعرب القرآن. فبعث إليه ثلاثين، فاختار منهم رجلاً من عبد القيس، فقال له أبو الأسود: خذ المصحف، وصبغاً يخالف لون المداد، فإذا فتحت شفتي انقط واحدة فوق الحرف، وإذا ضممتها، فاجعل النُّقطة إلى جانب الحرف، وإذا كسرتها فاجعل النُّقطة في أوسطه، فإن أتبعت(76) شيئاً من هذه الحركات غنَّة فانقط نقطتين. ففعل ذلك حتَّى أعرب المصحف كلَّه.
          قال المبرَّد: الشَّكل الذي في الكتب من عمل الخليل مأخوذ من صور الحروف، الضمَّة: واو صغيرة، وضعت في أعلى الحرف حتَّى لا تلتبس بالواو، والكسرة: ما(77) جعلت تحت الحرف لئلَّا تلتبس بالياء، والألف: فتحة مطروحة فوق لذلك(78) . وقيل: أوَّل من فعل ذلك يحيى بن يعمر. وقيل: نصر بن عاصم. وقيل: أبو الأسود أوَّل من نقط الحركات والتَّنوين، وأمَّا الهمزة، والتَّشديد، والرَّوم، والإشمام، فالخليل. قال: فلمَّا كتب عثمان المصاحف سيَّر مصحفاً إلى مكَّة، ومصحفاً إلى البصرة، ومصحفاً إلى الشَّام، وأبقى مصحفاً بالمدينة، وروي أنَّه سيَّر مصحفاً إلى البحرين أيضاً، وإلى مكَّة آخر، وإلى اليمن آخر، فإنَّ المصاحف سبعة، وقيل: بل خمسة. وأمَّا مصحف البحرين واليمن، فلم يعلم لهما خبر، وقال أنس: أرسل عثمان إلى كلِّ جند من أجناد المسلمين مصحفاً، وأمرهم أن يحرقوا كلَّ مصحف يخالف الذي أرسل إليهم، ولمَّا فرغ عثمان من ذلك أرسل الصُّحف إلى حفصة، وحرَّق(79) ما سواها من المصاحف، ولمَّا ولي مروان المدينة طلبها ليحرقها، فلم تجبه حفصة إلى ذلك، ولمَّا ماتت طلب مروان الصُّحف من أخيها عبد الله بن عمر، وعزم عليه في أمرها، فسيَّرها إليه، فحرَّقها مروان خشية أن تظهر فيعود الاختلاف. [قال:] فإن قيل: الاختلاف باق إلى الآن؟ قلت: القراءات التي يعوَّل عليها الآن لا تخرج عن المصاحف المذكورة، فيما يرجع إلى(80) زيادة ونقصان، وما كان من خلاف راجعاً إلى شكل أو نقط، فلا يخرج أيضاً عنها؛ لأنَّ خطوط المصاحف كانت / مهملة بجميع(81) ذلك، كما يقرأ: «فصرهنَّ» بضمِّ الصَّاد وكسرها «وينصركم» بالرَّفع والجزم، قاله السَّخاويُّ.
          قال ابن قتيبة: كان مصحف عثمان الذي قتل وهو في حجره عند ابنه خالد، ثمَّ صار مع أولاده، وقد درجوا. قال: وقال لي بعضهم من(82) أهل الشَّام: إنَّه بطرطوس. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: (رأيت المصحف) الذي كان في حجره حين أصيب، ورأيت آثار دمه في مواضع منه.


[1] في غير (ن) تصحيفاً: (عمران).
[2] برقم (159).
[3] في غير (ن): (إنه).
[4] ذكره ابن عراق في تنزيه الشريعة المرفوعة:1/349، وقال: ذكره الحافظ عبد الحق في مختصر أنساب الرشاطي، وذكر فيه حديثاً مرفوعاً أخرجه الماليني. اهـ وكأنه يشير إلى هذا الحديث، وليته ذكر سند الماليني لننظر في رجاله، وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء:1/134، وقال: وأخرج الماليني بسند فيه ضعف عن سهل بن سعد، وذكر الحديث.
[5] في (ن): (بأجر).
[6] الواقعة:10- 11، مع رعاية وجود الواو قبل (السابقون)، وكذا التي بعدها الآية 100 من سورة التوبة.
[7] أسد الغابة:3/579، وفيه ترجمته.
[8] في غير (ن): (إليه) و(بيت) بدل (منزل) والخبر في البداية والنهاية لابن كثير:7/238، وفيه: (خلط بين العسل والنقي) وهو القمح الجيد المنخول، والخبز الحوارى الأبيض.
[9] في غير (ن): (جاءه).
[10] في غير (ن): (لأن).
[11] في غير (ن): (حالتك).
[12] في غير (ن): (ازدردت) ولم أجدها في كتب الحديث، إلا أن تكون مصحفة عن: (وقد درَّت أوداجه).
[13] في غير (ن): (يعود).
[14] في غير (ن): (عليها).
[15] في غير (ن): (ربيعة ومضر).
[16] أسد الغابة:3/580، وأخبار عثمان ☺ فيه.
[17] في (ن): (أحبَّ).
[18] في غير (ن): (قاتل).
[19] في (ن): (يدخلون).
[20] في غير (ن): (المحرم).
[21] في (ن) تصحيفاً: (وشاهدها).
[22] حش كوكب: الحش البستان، وكوكب: رجل من الأنصار. وكان عثمان أولَ من دفن فيه، أسد الغابة:3/580، والشعر فيه.
[23] في (ن) تصحيفاً: (العرافصة).
[24] في (ن): (نزلزه).
[25] في (ن): (اصنعي).
[26] الشعر في تاريخ دمشق لابن عساكر:39/537، والرواية عنده: إدبار النعام الجوافل، وقد رويت هذه الأبيات للمغيرة بن الأخنس، وقال ابن شبة في تاريخ المدينة 4/1210: وهذه الأبيات للوليد بن عقبة.
[27] في (ن): (تقتلونهم).
[28] في غير (ن): (اختاره).
[29] في (ن) تصحيفاً: (أو).
[30] في (ن): (الملحم).
[31] في غير (ن): (ما صنع).
[32] في (ن): (وخدمة ساقه).
[33] في (ن): (قال).
[34] في غير (ن): (ما).
[35] في غير (ن): (هذا كتابك قال لا أملك كتابي).
[36] في (ن): أهمل نقط النون والتاء وضبط بالقاف بنقطتين، والخبر في تاريخ المدينة لابن شبة:4/1152، والسَّحْر: الرئة، والبيت فيه مع بيت آخر نسبهما لنائلة بنت الفرافصة.
[37] في (ن): (كميته).
[38] في (ن) تصحيفاً: (جيش).
[39] هو سودان بن رومان المرادي، تاريخ دمشق:39/412، وفي رواية: سودان بن حمران، والشعر في القاموس (تجب) وفي الصحاح واللسان (جوب)، وكذا في الاشتقاق لابن دريد:1/371، وفيه: كنانة بن بشير، ولعله تصحيف عن (بشر).
[40] هو رومان بن سرحان المرادي من ذي أصبح، تهذيب الكمال:19/454، وقيل: سودان بن حمران، وقيل محمد بن أبي بكر ضربه بمشقص.
[41] في غير (ن): (جزر) والمثبت موافق للتاريخ.
[42] في غير (ن): (وضربه بالخنجر)، والخبر في تاريخ دمشق:39/429، فيه: فضربه بالجُرْزِ على صُدغه، والجرز: عمود من حديد (اللسان)، والخبر في تاريخ دمشق:39/429.
[43] في غير (ن): (الذي).
[44] في غير (ن): (بكى).
[45] كذا في أصولنا، وفي تاريخ دمشق روايتان: (أني) و(أنك):39/386، 389.
[46] في (ن): (عليه).
[47] في غير (ن): (يغفر).
[48] في (ن) تصحيفاً: (فجهزهم).
[49] أخرجه الإمام أحمد في مسند عثمان ☺ برقم (511) وقال المحقق: حديث صحيح لغيره.
[50] في غير (ن): (فما).
[51] في غير (ن): (وأمكنا).
[52] في غير (ن): (الرحمة).
[53] في (ن) تصحيفاً: (الجبلين).
[54] في (ن): (الشيخة).
[55] برقم (3697) باب مناقب عثمان ☺.
[56] في (ن) تصحيفاً: (ترك).
[57] في غير (ن): (يحج).
[58] في (ن): (ولم يشهد).
[59] في غير (ن): (من).
[60] أخرجه البخاري برقم (3698(.
[61] في غير (ن): (مقمصك).
[62] في غير (ن): (عن أصحابه).
[63] في غير (ن): (بإنفاقه).
[64] في غير (ن): (يشرب).
[65] في غير (ن): (بعد وفاته ☺) وهو خطأ ظاهر.
[66] في (ن): (يرد).
[67] في غير (ن): (كان والله).
[68] في غير (ن): (وقال) و(يزال عنه).
[69] في غير (ن): (لأنتم) وجاء في (ن): (والد) من غير ألف النصب.
[70] في (ن): (والله إن الله أمرني) بدل (وقال: إن الله أمرني) والخبر في تاريخ دمشق لابن عساكر:14/29، وفي الأصول: (خلائف أمتي)، والمثبت منه، وفيه أيضاً، مرة (صهراً) ومرة (ظهيراً) وأخرى (ظهراً).
[71] في (ن): (اثني عشر).
[72] في غير (ن): (محرم).
[73] في غير (ن): (آخرون).
[74] في (ن): (لا تبديل لخلق الله) والمثبت هو الصواب بدليل السياق.
[75] في غير (ن): (لا).
[76] في (ن): (تبعت).
[77] في (ن): (ياء).
[78] في غير (ن): (كذلك).
[79] في غير (ن): (وأحرق).
[80] في غير (ن): (على).
[81] في (ن): (لجميع).
[82] في غير (ن): (قال لي بعض أهل).