غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عاصم بن عمر بن الخطاب

          594 # عَاصِمُ بنُ عمرَ بنِ الخطَّاب، أبو عمر، القرشيُّ، العَدَوِيُّ، المدنيُّ، الصَّحابيُّ.
          ولد قبل وفاة النَّبيِّ صلعم بسنتين، وخاصمت أمُّه فيه أباه إلى أبي بكر الصِّديق، وهو ابن أربع سنين، وقيل: ابن ثمان سنين. وأمُّه جَميلة بنت ثابت بن أبي الأَفْلَح، أختُ عاصم الصَّحابيَّة. قيل: اسمها كانت عاصية، فسمَّاها رسول الله صلعم جميلة، ولمَّا طلَّقها عمر تزوَّجها يزيد بن جارية / الأنصاريُّ، فهي أمُّ عبد الرَّحمن بن يزيد أيضاً، فعبد الرَّحمن، وعاصم أخوان لأمٍ، وعاصم أخو عبد الله، وعبيد الله، ويزيد أولاد عمر.
          وعاصم هو والد ليلى أمِّ عمر بن عبد العزيز، وسيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى أنَّ منادي عمر نادى(1) في المدينة: أن لا يَشُوبَ(2) أحدٌ اللَّبن بالماء. ثمَّ خرج عمر على جاري عادته ليلاً، يسوس المدينة، فإذا بامرأة تقول لبنتها(3) : اخلطي اللَّبن بالماء. فقالت: ويحك! أما سمعت منادي عمر؟ فقالت: وأين عمر ومناديه؟ قالت: أما يعلم ربُّ عمر ذلك؟ والله لا أطيعه جهراً، وأعصيه سرًّا. وعمر يسمع ذلك، فعلَّم عمر الباب، ومضى لسبيله، فلمَّا أصبح دعاها وابنتها، فقصَّا عليه، فقال: هل لأحدكم أن يتزوَّج هذه البنت؟ فقالوا كلُّهم: نحن قد اكتفينا. ولم يكن لعاصم حينئذ زوجة، فزوَّجها منه، فولدت ليلى، فولدت عمر بن عبد العزيز، فرضي الله تعالى عن هذه الذُّريَّة الطَّيِّبة الطَّاهرة.
          قال ابن الأثير(4) : كان عاصم طويلاً جسيماً، فيقال: إنَّ ذراعه كان ذراعاً ونحواً من شبر، وكان خيِّراً فاضلاً، شاعراً حسن الشِّعر. قيل: ما من أحد إلَّا وهو يتكَّلم ببعض ما لا يريد إلَّا عاصم بن عمر.
          قال الكلاباذيُّ(5) : سمع عاصم أباه، وروى عنه عروة بن الزُّبير. نقل عنه البخاريُّ بالواسطة في الصَّوم [خ¦1954] .
          مات سنة سبعين، وقيل: بعدها. نعم مات قبل عبد الله بن عمر، فرثاه _من البحر الطَّويل_:
وليت المنايا كُنَّ خَلَّفْنَ عاصماً                      فعِشْنا جميعاً أو ذهبْنَ بنا معا


[1] في غير (ن): (ينادي).
[2] في (ن) تصحيفاً: (يثوب).
[3] في غير (ن): (لابنتها) وفي (ن): (اخلط) بدل (اخلطي).
[4] أسد الغابة:3/111، والشعر مع الخبر فيه.
[5] الهداية والإرشاد:2/559، وجاء في غير (ن): (في الصدقات) بدل (في الصوم) والمثبت موافق للكلاباذي، وصحيح البخاري.