غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عبد الحميد بن عبد الرحمن

          773 # عبد الحميد بن عبد الرَّحمن بن زيد بن الخطَّاب العَدَوِيُّ، المدنيُّ، القرشيُّ، أبو عُمر، أخو أَسيد _بفتح الهمزة، وكسر المهملة_ ابن أخي عمر بن الخطَّاب.
          تابعيٌّ، ثقة.
          سمع: محمَّد بن سعد بن أبي وقَّاص، وعبد الله بن عبد الله بن الحارث.
          روى عنه الزُّهريُّ.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في الأدب [خ¦6085] ، والطِّبِّ [خ¦5729] ، ومناقب عمر [خ¦3683] ، وبدء الخلق [خ¦3294] .
          قال أبو عروة وغيره: توفِّي بحَرَّان في خلافة هشام بن عبد الملك.
          تتمَّة:
          جدُّ عبد الحميد، أعني زيداً، صحابيٌّ كبير، وإنَّما ذكرته، وإن لم يكن من رجال البخاريِّ؛ لحبِّي لعمر بن الخطَّاب، وأهل بيته، مؤيِّد الإسلام، حشرني الله تعالى في زمرته يوم القيامة آمين، اللهم آمين، ولذكر حفيده، وهو أخو عمر لأبيه، يكنَّى أبا عبد الرَّحمن، أمُّه أسماء بنت وهب من بني أسد، وأمُّ عمر _كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى_ حَنْتَمَةُ بنتُ هشام بن المغيرة من بني مخزوم، وكان أسنَّ من عمر، واسلم قبل عمر، من المهاجرين الأوَّلين. حضر المشاهد كلَّها، بدراً وأحداً والخندق والحديبية، وآخى رسول الله صلعم بينه وبين مَعْن بن عَدِيٍّ الأنصاريِّ، العجلانيِّ، حين آخى بين المهاجرين والأنصار، بعد قدومه المدينة، فقتلا جميعاً باليمامة، وكان شجاعاً، بطلاً، مقداماً، لا يصطلى (له) بنار، وكان طويلاً بائن الطُّول، ولمَّا قتل حزن عليه عمر حزناً شديداً جدًّا، وكان يقول: ما هبَّت الصَّبَا إلَّا وأنا أجد فيها ريح زيد، وقال لمتمِّم بن نويرة، أخي مالك بن نويرة الذي قتله خالد بن الوليد حين أنشد متمِّم مراثيه في أخيه: (يا) متمِّم، لو كنت أحسن (ذا) الشِّعر لقلت في أخي مثل هذا. فقال متمِّم: يا أبا حفص، لو أنَّ أخي ذهب على ما ذهب عليه أخوك ما حزنت عليه قطُّ. فقال عمر: ما عزَّاني أحد بأحسن ممَّا عزَّيتني به. [وإنَّما قال ذلك؛ لأنَّ زيداً قتل شهيداً مع خالد بن الوليد، ومالكاً قتله خالد بن الوليد؛ يزعم أنَّه ارتدَّ،] وكان عمر يقول: رحم الله أخي زيداً، سبقني إلى الحُسنيين، أسلم قبلي، واستشهد قبلي. وأبو مريم الحنفيُّ هو الذي قتل زيداً يوم مسيلمة الكذَّاب، فلمَّا أسلم قال لعمر: يا أمير المؤمنين! إنَّ الله أكرم زيداً بيدي، ولم يُهِنِّي بيده. فما عنَّفه عمر ♥، وقيل: قتله سلمة بن صُبيح. قال أبو عمر: والنَّفس إلى هذا أميل. وكانت راية المسلمين مع زيد يوم اليمامة، ولم يزل يتقدَّم بها في نحر العدوِّ، ويضارب بسيفه حتَّى استشهد، ووقعت الرَّاية من يده، فأخذها سالم مولى أبي حذيفة، ولمَّا / انهزم المسلمون، وظهرت حنيفة(1) فغلبت على الرَّجَّال، جعل زيد يقول: أمَّا الرَّجَّال فلا رجال. ويصيح بأعلى صوته: اللهم إنِّي أعتذر إليك من فرار أصحابي، وأبرأ إليك ممَّا جاء به مسيلمة. ويشير بالرَّاية يتقدَّم بها، حتَّى قتل، وزيد هو الذي قتل الرَّجَّال بنَ عُنْفُوَةَ، واسمه نهار، وكان قد أسلم، وهاجر، وقرأ القرآن، ثمَّ سار إلى مسيلمة مرتدًّا، وأخبر بني حنيفة أنَّه سمع النَّبيَّ صلعم يقول: إنَّ مسيلمة شرك معه في الرِّسالة. فكان أعظم فتنة على بني حنيفة، وقال لزيدٍ عمرُ يوم أحد، وكان حاسراً: خذ درعي، فإنِّي أخاف عليك، ولا عليك منِّي. فقال: يا عمر، إنِّي أريد من الشَّهادة ما تريد. فتركاها جميعاً، فرضي الله تعالى عنهما، ثمَّ رضي، ثمَّ رضي، (وعمَّن) يحبُّهما، انتهى.


[1] في غير (ن): (ضعيف) بدل (حنيفة).