غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عمر بن ذر

          965 # عُمَرُ بنُ ذَرٍّ _بفتح المعجمة، وشدَّة الرَّاء_ بن عبد الله بن زُرَارَةَ _بضمِّ الزَّاي، وخفَّة الرَّاء الأولى_ أبو ذرٍّ، الهَمْدانيُّ، الكوفيُّ، المُرْهِبيُّ، بضمِّ الميم، وسكون الرَّاء، وكسر الهاء، بعدها موحَّدة، نسبة إلى مُرهبة، بطن من همدان، نزلوا الكوفة. /
          وعمر ثقة، لكنَّه رمي بالإرجاء.
          قال ابن خلِّكان(1) : كان عمر صالحاً عابداً، كبير القدر. روى عنه أهل العراق. قال ابن عيينة: كان بين عمر بن ذرٍّ وبين ابن عياش شحناء(2) ، وكان يبلغ عمر أن ابن عيَّاش يتكلَّم فيه، فلقي ابن عيَّاش، فقال له: لا تغرق في شتمنا، ودع للصُّلح موضعاً، فإنَّا لا نكافئ أحداً عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه. وأتاه رجل وهو في مجلسه، فشتمه، فلمَّا سكت أقبل عمر على أصحابه، فقال: ما علم الله فستر أكثر ممَّا قال هذا وأظهر. وكان ولده كثير البرِّ له(3) ، شديد التَّوفُّر على طاعته، فلمَّا حضرته الوفاة دخل عليه، فقال: يا بنيَّ، إنَّه ما بنا من موتك غضاضة، ولا بنا إلى أحد سوى الله من حاجة. فلمَّا مات صلَّى عليه، ثمَّ وقف على قبره، فقال: أما والله يا ذرُّ! بعدك(4) شغلنا البكاء لك عن البكاء عليك؛ لأنَّا لا ندري ما قلت، وما قيل لك؟ اللهم إنِّي وهبت له ما قصَّر فيه ممَّا أفرضت عليه من حقِّي، فهب لي ما قصَّر فيه ممَّا أفرضت عليه من حقِّك، واجعل ثوابي عليه له، وزدني من فضلك، إنِّي إليك من الرَّاغبين. وقيل له كيف كان برُّ ابنك بك؟ قال: ما شئت قطُّ بنهار(5) ، وهو معي إلَّا مشى خلفي، ولا بليل إلَّا مشى أمامي، ولا رقى سطحاً، وأنا تحته.
          قال ابن حجر(6) : هو أحد [هؤلاء] الزُّهَّاد الكبار، وثَّقه يحيى، وابن معين، والنَّسائيُّ، وآخرون. قال يحيى: كان ثقة في الحديث، ليس ينبغي أن يترك حديثه لرأي من أخطأ فيه. قال أبو حاتم: كان صدوقاً مرجئاً، لا يحتجُّ بحديثه.
          قال ابن (سعد): مات، فلم يشهده الثَّوريُّ؛ لأنَّه كان مرجئاً. قال أبو داود: وكان رأساً في الإرجاء. روى له أصحاب السُّنن الثَّلاثة.
          [قال الغزاليُّ في إحيائه(7) : قال ذرُّ بن عمر لأبيه عمر: ما بال المتكلِّمون يتكلَّمون فلا يبكي أحد، وإذا تكلَّمت سمع البكاء من كلِّ جانب؟ قال: يابنيَّ، ليست النَّائحة الثَّكلى كالنَّائحة المستأجرة] .
          سمع: أباه ومجاهداً(8) .
          روى عنه وكيع، وابن المبارك، وأبو نُعيم، وخَّلاد.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في التَّوحيد [خ¦7455] ، وبدء الخلق [خ¦6246] ، وغيرهما.
          مات سنة ستٍّ وخمسين ومئة.


[1] وفيات الأعيان:3/442.
[2] في (ن) تصحيفاً: (وبين ابن عباس شيخنا) وجاء فيها (عباس) بدل (عياش) في كل المواضع هنا.
[3] في (ن) تصحيفاً: (البركة).
[4] في غير (ن): (لقد).
[5] في (ن): (نهار).
[6] مقدمة الفتح: ص430.
[7] 4/187.
[8] في (ن) تقدمت هذه الجملة إلى أول الترجمة.