غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عامر بن أبي موسى أبو بردة الأشعري

          599 # عَامِرُ بنُ أبي مُوْسَى، واسمه عبدُ الله بنُ قَيْسٍ، أبو بُرْدَةَ الأَشْعَرِيُّ، الكوفيُّ، التَّابعيُّ، قاضي الكوفة. قيل: اسمه الحارث.
          ثقة، متَّفق على جلالته، وإمامته، وتوثيقه.
          سمع عليَّ بن أبي طالب، قاله الكرمانيُّ(1) . وأبوه صاحب رسول الله صلعم، وسيأتي (في) ترجمته إن شاء الله تعالى.
          وَلِيَ أبو بُرْدةَ القضاء على الكوفة بعد القاضي شُريح، قاله ابن سعد(2) . وله مكارم ومآثر مشهورة، وله ولد يقال له: بلال. كان قاضياً على البصرة، وهم الذين يقال لهم: ثلاثة قضاة على نسق واحد. فإنَّ أبا موسى قضى لعمر بالبصرة(3) ، ثمَّ لعثمان بالكوفة. وبلال هذا ممدوح ذي الرُّمَّة(4) ، وله فيه غُرر المدائح، وفيه يقول لناقته صَيْدَحَ، بفتح المهملتين، بينهما تحتيَّة مثنَّاة ساكنة، آخرها مهملة أيضاً _من البحر الطَّويل_:
إذا ابنُ أبي موسى بِلالاً بلغْتِهِ                     فقام بفأسٍ بين وَصْلَيْكِ جَازِرُ
          وفيه يقول أيضاً _من البحر الوافر_:
سمعتُ الناسَ ينتجعون غيثاً                     فقلتُ لصَيْدَحَ انتجعِي بِلالا /
          قال ابن خلِّكان(5) : جلس أبو بُردة يوماً يفتخر بأبيه، ويذكر فضائله وصُحبتَه(6) لرسول الله صلعم، وكان في مجلس عامٍّ، وفيه الفرزدق الشَّاعر، فلمَّا أطال القول في ذلك، أراد الفرزدق أن يُبَكِّتَه، فقال: لو لم يكن لأبي موسى منقبة إلَّا أَّنه حجم رسول الله صلعم لكفاه.
          فامتعض أبو بُردة من ذلك؛ لأنَّه جعله حجَّاماً، فقال: صدقت، ولكنَّه(7) ما حجم أحداً قبله ولا بعده.
          فقال الفرزدق: كان أبو موسى أَجَلَّ من أن يجرِّب الحجامة في رسول الله صلعم. فسكت أبو بُردة على غيظه.
          قال أبو نصر(8) : سمع أبو بُردة أباه، وابنَ عمر، وعبدَ الله بن سَلاَم، وعائشة.
          روى عنه الشَّعبيُّ الآتي ترجمته إِثْرَهُ، وعبد الملك بن عُمير، وأبو إسحاق الشَّيبانيُّ، وأبو إسحاق الهَمْدانيُّ، وحُميد بن هلال، وغَيْلان بن جَرير، وابنه سعيد، وابن ابنه(9) أبو بردة بُريد بن عبد الله. نقل عنه البخاريُّ بالواسطة في مواضع، أوَّلها: في باب أيُّ الإسلام أفضل، من كتاب الإيمان [خ¦11] .
          مات سنة ثلاث، أو أربع ومئة، عن نيِّف وثمانين سنة. وقال ابن نمير: مات قبل موسى بن طلحة بأيَّام، ومات موسى سنة ستٍّ ومئة.


[1] شرح البخاري:1/91.
[2] الطبقات الكبرى:6/268.
[3] في (ن): (البصرة).
[4] في (ن) تصحيفاً: (ذي هرالرقة).
[5] وفيات الأعيان:3/10- 11، والشعر فيه مع أخباره، والبيت الأول في ديوان ذي الرُّمَّة:253، والثاني: ص442.
[6] في (ن): (محبته).
[7] في غير (ن): (ولكن).
[8] الهداية والإرشاد:2/556.
[9] في (ن) تصحيفاً: (وابن أبيه).