غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عمرو بن ميمون أبو عبد الله الأودي

          1006 # عَمْرُو بنُ مَيْمُون، أبو عبد الله، الأَوْدِيُّ _بفتح الهمزة، وسكون الواو، آخرها مهملة_ كان من أهل الشَّام، لكنَّه سكن الكوفة، ويقال: كنيته أبو يحيى أيضاً، مخضرم مشهور، أدرك الجاهليَّة.
          ثقة، عابد.
          سمع: عمر بن الخطَّاب، وابن مسعود، وسعد بن أبي وقَّاص، ومعاذ بن جبل باليمن والشَّام.
          روى عنه: أبو إسحاق، وعبد الملك بن عُمير، وحُصين.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في باب إذا أُلقي على ظهر المصلِّي قذر، من كتاب الوضوء [خ¦240] أوَّلاً، ثمَّ في الحجِّ [خ¦1684] ، والجهاد [خ¦2822] ، والجنائز [خ¦1392] .
          قال ابن الأثير(1) : كان قد أسلم زمن النَّبيِّ صلعم، وحجَّ مئة حجَّة، وقيل: سبعين(2) . قال الكرمانيُّ(3) : ومئة عُمرة، وأدَّى صدقته إلى النَّبيِّ صلعم.
          قال عمرو بن ميمون: قدم علينا معاذ بن جبل إلى اليمن رسولاً من عند رسول الله صلعم مع السَّحَر رافعاً صوته بالتَّكبير، وكان رجلاً حسن الصَّوت، فألقيت عليه محبَّتي، فما فارقته حتَّى جعلت عليه التُّراب. ثمَّ صحب ابن مسعود، وهو معدود في كبَّار التَّابعين من الكوفيِّين، وهو الذي روى أنَّه رأى في الجاهليَّة قردة زنت، فاجتمعت القِرَدة فرجمتها.
          قال ابن الأثير(4) ، وهذا ممَّا أُدخل في صحيح البخاريِّ، والقصَّة بطولها تدور على عبد الملك بن مسلم، عن عيسى بن حِطَّان، وليسا ممَّن يحتجُّ بهما، وهذا عند جماعة من أهل العلم منكر؛ لإضافة الزِّنا إلى غير مكلف، وإقامة الحدود في البهائم، ولو صحَّ لكانوا من الجنِّ؛ لأنَّ العبادات في الإنس والجنِّ دون غيرهما، وقد كان الرَّجم في التوراة، انتهى.
          قال الكرمانيُّ: وأقول: يحتمل أنَّهم كانوا من الإنس، مسخوا قردة، وتغيَّروا عن الصُّورة الإنسانيَّة فقط، أو كان(5) صورته صورة الزِّنا والرَّجم، ولم يكن ثَمَّ تكليف ولا حَدٌّ، وإنَّما ظنَّه الذي ظنَّ في الجاهليَّة. وأقول: في قول الكرمانيِّ نظر، فتأمَّل.
          قال: وأمَّا تمام القصَّة، فقد حكى [لنا] بعض شيوخ المدينة الطَّيِّبة بإسناده إلى عمرو أنَّه قال: كنت في جبل باليمن، إذ رأيت قردين اجتمعا، وبعد الفراغ ناما، وكان يد الأنثى تحت رأس الذَّكر، فجاء قرد آخر على التُّؤدة، وغمز الأنثى، فسلَّتْ يدها من تحت رأس الذَّكر سلًّا رفيقاً، ومشت إليه، واجتمعا، فلمَّا رجعت تنبَّه الذَّكر، فاشتمَّ ريحها(6) ، فصاح، فاجتمع القرود، فاشتمُّوا، فعرفوا، فطلبوا القرد الزَّاني، وأخذوه مع الأنثى، فرجموهما.
          اعلم أنَّ أبا بكر بن العربيِّ قال: هذه الحكاية ثبتت في بعض نسخ / البخاريِّ، وسقطت من بعضها. قال الحميديُّ: هي في غير رواية الفربريِّ، في كتاب أيَّام الجاهليَّة [خ¦3849] ، ولعلَّها من المقحمات في كتاب البخاريِّ، لكنَّه روى القصَّة في تاريخه الكبير، ولم يقل فيها: إنَّ القردة زنت. فإن صحَّت هذه الرِّواية، فإنَّما أخرجها البخاريُّ دليلاً على أنَّ عمرو بن ميمون أدرك زمان الجاهليَّة، ولم يُبَالِ بظنِّه الذي ظنَّه. انتهى.
          ونقل كمال الدِّين الدَّميريُّ هكذا(7) : قال عمرو بن ميمون: رأيت في الجاهليَّة قردة زنت، فرجمتها(8) القردة، ورجمتها معهم، انتهى.
          توفِّي عمرو سنة أربع، أو خمس وسبعين. قال الهيثم: مات في ولاية الحجَّاج قبل الجماجم.


[1] أسد الغابة:4/263.
[2] في (ن): (ستين والمثبت موافق لابن الأثير.
[3] شرح البخاري:3/94.
[4] أسد الغابة:4/263.
[5] في غير (ن): (أو أن).
[6] في غير (ن): (رائحتها).
[7] النجم الوهاج:9/114.
[8] في (ن): (فرجمها).