غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عمرو بن سلمة

          985 # عَمْرو بن سَلِمَةَ_بكسر اللَّام_ بن قيس، وقيل: ابن نُقَيْع. الجَرْميُّ _بفتح الجيم، وسكون الرَّاء_ أبو بُريد(1) ، بضمِّ الموحَّدة، وفتح الرَّاء، ويقال: بالتَّحتانيَّة والزَّاي. صحابيٌّ صغير. نزل البصرة.
          قال ابن حزم: روى عن رسول الله صلعم اثني عشر حديثاً، وكان يؤمُّ قومه على عهد رسول الله صلعم ؛ لأنَّه كان أكثرهم حفظاً للقرآن. قال عمرو: أممت قومي، وأنا غلام ابن ستِّ أو سبع سنين.
          قال الكلاباذيُّ(2) : أدرك عمرو زمن النَّبيِّ صلعم.
          قال الدَّميريُّ(3) : اختلف العلماء في سماعه من النَّبيِّ صلعم ورؤيته إيَّاه، والمشهور أنَّه لم يسمعه، ولم يره، لكن كانت الرُّكبان تمرُّ بهم، فيحفظ عنهم ما سمعوه(4) من النَّبيِّ صلعم، / وكان أحفظ قومه، فلذلك قدَّموه، فصلَّى بهم. انتهى، لكن قال ابن الأثير في أسد الغابة(5) ، نقلاً عن أيُّوب، عن عمرو بن سلمة، قال: كنت في الوفد الذين وفدوا على رسول الله صلعم، قال: «يؤمُّكم أقرؤكم». وكنت أقرأهم، وقال مِسْعَر بن حَبيب: حدَّثني عمرو بن سَلِمَة الجَرْميُّ أنَّ أباه ونفراً من قومه أتوا النَّبيَّ صلعم حين أسلم النَّاس، فأسلموا، وتعلَّموا القرآن، فقالوا: يا رسول الله، من يصلِّي لنا؟ قال: «يصلِّي لكم أكثركم أخذاً للقرآن». قال: فلمَّا قدموا لم يجدوا أحداً أكثر أخذاً للقرآن ممَّا أخذت أو جمعت، فكنت أصلِّي بهم، فما شهدت مجمعاً لَجْرمٍ إلَّا وأنا إمامهم إلى يومي هذا. وفي رواية: فقدَّموني وأنا غلام على شَمْلَةٍ، وكنت أصلي على جنائزهم إلى يومي هذا. وفي صحيح البخاريِّ، في غزوة فتح مكَّة [خ¦4302] ، قال عمرو بن سلمة: كان الرُّكبان تمرُّ بنا، فنسألهم ما هذا الرَّجل؟ فقالوا: يزعم أنَّ الله أرسله، وأوحى إليه كذا. فكنت أحفظ ذاك، فكأنَّما يَقِرُّ في صدري، وكانت العرب تنتظر بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإن ظهر عليهم، فهو نبيٌّ. فلمَّا كان الفتح بادر كلُّ قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامه، فلمَّا قدم، قال: قد جئتكم والله من (عند) النَّبيِّ حقًّا، وقال: «صلُّوا صلاة كذا، وقت كذا، وصلاة كذا، في حين كذا، فإذا حضرت الصَّلاة، فليؤذِّن لكم أحدكم، وليؤمُّكم أكثركم قرآناً». [فتظروا،] فلم يكن أحد أكثر قرآناً منِّي؛ لما كنت أتلقى من الرُّكبان، فقدَّموني بين أيديهم، وأنا ابن ستِّ أو سبع سنين، وكانت عليَّ بُردةٌ إذا سجدتُ تقلَّصَتْ عنِّي، فقالت امرأة من الحيِّ: ألا تُغَطُّون (عن) است قارئكم. فاشتروا لي قميصاً، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص.
          - تتمَّة:
          اعلم أنَّ هذا هو دليل الشَّافعيِّ في جواز إمامة الصَّبيِّ المميِّز، ولا كراهة عندنا في إمامته، وقال الإمام أبو حنيفة: تجوز إمامته في النَّفل لا في الفرض. ومنعها داود مطلقاً.


[1] في (ن) تصحيفاً: (بريدة).
[2] الهداية والإرشاد:2/538.
[3] النجم الوهاج:2/353.
[4] في غير (ن): (ما سمعوا).
[5] أسد الغابة:4/222.