غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عبادة بن الصامت

          617 # عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ _بضمِّ المهملة، وخفَّة الموحَّدة_ بن قيس بن أَصْرَمَ، الصَّحابيُّ، الأنصاريُّ، الخزرجيُّ، أبو الوليد، وأمُّه قرَّة العين بنت عُبادة بن نَضْلة.
          شهد العقبة الأولى والثَّانية، وكان نقيباً على قواقل(1) بني عوف بن الخزرج، وآخا رسول الله صلعم بينه وبين مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ، وشهد بدراً، وأحداً، والخندق، والمشاهد كلَّها، واستعمله رسول الله صلعم على بعض الصَّدقات، وقال (له): «اتَّق الله، لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثُؤَاج»(2) . /
           قال: فوالذي بعثك بالحقِّ، لا أعمل على اثنين.
          قال محمَّد بن كعب القرظيُّ: جمع القرآن في زمن النَّبيِّ صلعم خمسة من الأنصار: معاذ بن جبل، وعبادة بن الصَّامت، وأبيُّ بن كعب، وأبو أيُّوب، وأبو الدَّرداء، وكان عبادة يعلِّم أهل الصِّفة القرآن، ولمَّا فتح المسلمون الشَّام أرسله عمر بن الخطَّاب، وأرسل معه معاذ بن جبل وأبا الدَّرداء؛ ليعلِّموا النَّاس القرآن بالشَّام، ويتفقَّهوا [بهم] في الدِّين، فأقام عبادة بحمص، وأبو الدَّرداء بدمشق، ومعاذ بفلسطين، ثمَّ صار بعدُ عبادة(3) إلى فلسطين، وكان معاوية خالفه في شيء أنكره عبادة (عليه)، فأغلظ له معاوية في القول، فقال له عبادة: لا أساكنك بأرض واحدة أبداً، ورحل إلى المدينة، فقال عمر: ما أقدمك؟ فأخبره، فقال: ارجع إلى مكانك، قبح(4) الله أرضاً لست فيها، ولا أمثالك. وكتب إلى معاوية: أن لا إمارة لك عليه. وشهد بيعة الرِّضوان أيضاً، وبايعه أن لا يخاف في الله لومة لائم، وهو أخو أوس بن الصَّامت، وأوَّل من ولي قضاء فلسطين، وكان طويلاً جسيماً، فاضلاً خيِّراً.
          روى عن رسول الله صلعم مئة وأحداً(5) وثمانين حديثاً، للبخاريِّ منها ثمانية أحاديث. قاله الكرمانيُّ، وقال ابن حجر: تسعة(6) .
          قال الكلاباذيُّ(7) : روى عنه أنس بن مالك، ومحمود بن الرَّبيع، (وأبو) إدريس، وجنادة، وابنه الوليد بن عبادة.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في كتاب الإيمان، في باب علامة الإيمان حبُّ الأنصار [خ¦18] ، وغير ذلك.
          قال ابن الأثير(8) : وروى عنه أيضاً، يعني خارج الصَّحيح من الصَّحابة جابر بن عبد الله، وفَضَالَةُ بنُ عُبيد، والمِقْدامُ بنُ مَعْدِيْ كَرِب، وأبو أمامةَ الباهليُّ، ورِفاعةُ بنُ رافعٍ، وأوسُ بنُ عبدِ الله الثَّقفيُّ، وشُرَحْبِيْلُ بنُ حَسَنَةَ، وقام في الشَّام خطيباً(9) ، وقال: يا أيُّها النَّاس، إنَّكم قد أحدثتم بيوعاً لا أدري ما هي؟ ألا إنَّ الفضَّة بالفضَّة وزناً بوزن تبرُها وعينُها، والذَّهب بالذَّهب وزناً بوزن تبرُه وعينُه، ألا ولا بأس ببيع الذهب بالفضَّة يداً بيد، والفضَّة أكثرها، ولا يصلح نسيئة، ألا وإنَّ الحنطة بالحنطة مُدْيَاً بمُدْيٍ، والشَّعير بالشَّعير مُدْيَاً بمُدْيٍ(10) ، [والتَّمر بالتَّمر مُدْيًا بمُدْيٍ] ، والملح بالملح مُدْياً بمُدْيٍ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى(11) .
          مات سنة أربع وثلاثين بفلسطين، ودفن بالرَّملة، وقيل: ببيت(12) المقدس.
           قاله / ابن الأثير(13) . قال الكرمانيُّ(14) : هو مدفون ببيت المقدس، وقبره بها معروف. قال ابن الأثير: وعاش اثنتين وسبعين سنة. وقيل: توفِّي سنة خمس وأربعين، أيَّام معاوية، والأوَّل أصحُّ.


[1] القواقل ينسبون إلى قوقل، واسمه غنم بن عوف.
[2] الحديث في مسند الشافعي:1/128، وفي سنن البيهقي:4/158، والثؤاج: صياح الغنم.
[3] في غير (ن): (عبادة بعد).
[4] في (ن) تصحيفاً: (يفتح).
[5] في (ن) تصحيفاً: (وإحدى) وفي غيرها (منها للبخاري).
[6] شرح البخاري:1/104، ومقدمة الفتح: ص475.
[7] الهداية والإرشاد:1/503.
[8] أسد الغابة:3/159.
[9] سقطت كلمة (خطيباً) من الأصول جميعها، واستدركت من كتب السنن.
[10] وقع في (ن) هنا تكرار واضطراب.
[11] أخرجه النسائي في الكبرى برقم (6155)، وكذا في الصغرى برقم (4567)، وإسناده صحيح، والمدي: مكيال لأهل الشام سعته قريباً من اثنين وعشرين صاعاً ونصف الصاع.
[12] في (ن): (بالبيت).
[13] أسد الغابة:3/159.
[14] شرح البخاري:1/104.