غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عمرو بن دينار

          989 # عمرو بن دينار، هو الفقيه المتشدِّد، والمتعبِّد المتهجِّد، أبو محمَّد، مولى ابن باذام، أو ابن باذان، المكيُّ.
          التَّابعيُّ الكبير. كان من الأبناء، من فرس اليمن.
          قال سفيان بن عيينة: لمَّا مات عطاء قال هشام بن عبد الملك لعَمْرو بن دينار: اجلس، وأفت النَّاس، وأُجري عليك رزقاً. قال: لست أريد أن أفتي النَّاس، ولا تُجري عليَّ رزقاً. قال: وقالوا لعطاء _حين حضره الوفاة_: بمن توصينا؟ قال: بعمرو بن دينار. (وقال: قيل لإياس بن معاوية: أيّ أهل مكَّة رأيت أفقه؟ قال: أسوأهم خُلقاً، عمرو بن دينار،) الذي كنت إذا سألته عن حديث، كأنَّما تَقْلَعُ عينيه(1) . وقال: كان إذا بدأ بالحديث من عند نفسه جاء به صحيحاً مستقيماً، وإذا سئل عن حديث استلقى، وقال: بطني، بطني.
          قال حمَّاد بن زيد: سأل رجل عمرو بن دينار عن مسألة، فلم يجبه، فقال له في ذلك، فقال: لأن أدعه على الرَّجل أحبُّ إليَّ من أن أجيبه.
          قال عبد الله بن طاووس: قال لي أبي: إذا دخلت مكَّة، فجالس عمرو بن دينار، فإن أذنيه كانتا (قمعاً) للعلم(2) .
          قال شعبة: ما رأيت أحداً أثبت من عمرو بن دينار، لا الحَكَم، ولا قَتَادة.
          قال صَدَقَةُ: كان عمرو جَزَّأ اللَّيل أثلاثاً، ثلثاً ينام، وثلثاً يتحدَّث، وثلثاً يصلِّي. قال سفيان: جلست إلى عمرو بن دينار سنتين، فما قال لي كلمة تسوؤني قطُّ. وقال عمرو: بلغني أنَّ موسى بن عمران صام أربعين ليلة، فلمَّا ألقى الألواح تكسَّرت، فصام مثلها، فردَّت إليه.
          قال الكلاباذيُّ(3) : لقبه الأَثْرم، بفتح الهمزة، بعدها المثلَّثة السَّاكنة، الجُمحيُّ، بضمِّ الجيم، وفتح الميم، بعدها مهملة.
          سمع: ابنَ عُمَر، وابنَ عبَّاس، وجابرَ بن عبد الله، وجابرَ بن زيد، وطاووساً، وسعيدَ بن جبير، والزُّهريُّ، وابنَ أبي مُليكة.
          روى عنه: أيُّوب، وشعبة، والثَّوريُّ، وابن جُريج، وابن عُيينة، وأبو عَوَانَةَ، وحمَّاد بن زيد.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في الصَّلاة [خ¦364] ، والحجِّ [خ¦1523] ، وغيرهما، وأوَّل ما ذكر في صحيح البخاريِّ، في باب كتابة العلم، من كتاب العلم [خ¦113] .
          [وهو من موالي الجمحيِّين، ثبت، ثقة.
          توفِّي سنة ستٍّ وعشرين ومئة، وقد جاوز السَّبعين،]
وكان أسنَّ من الزُّهريِّ، وقيل: سنة تسع وعشرين ومئة، وبلغ ثمانين سنة. وقال الهيثم: مات في خلافة مروان بن محمَّد.


[1] في حلية الأولياء 3/348: كأنما تقلع عيناه ومعنى قوله: لأن أدعه على الرجل... إلخ يفسره قوله: إن يكن في نفسك منها مثل أبي قُبيس أحبَّ إليَّ أن يكون في نفسي فيها مثلُ الشعرة. الآداب الشرعية لابن مفلح:2/136.
[2] في (ن): (للعلماء).
[3] الهداية والإرشاد:2/541.