غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عبد الله بن مسلمة

          729 # عبدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ بنِ قَعْنَبِ، القَعْنَبِيُّ، الحارثيُّ، أبو عبد الرَّحمن، البصريُّ، أصله من المدينة، واستوطن البصرة.
          ثقة، عابد، كان ابن معين، وابن المدينيِّ لا يقدِّمان عليه أحداً في الموطَّأ، سكن البصرة.
          سمع: مالك بن أنس، وإبراهيم بن سعد، وأفلحَ بن حُميد، وابن أبي ذِئب، وعبد العزيز بن أبي حازم، وحاتِم بن إسماعيل، ويزيدَ بن زُريع(1) .
          نقل عنه [البخاريُّ] من غير واسطة في مواضع، أوَّلها: في باب من الدِّين الفرار من الفتن، من كتاب الإيمان [خ¦18] .
          روى عنه الشُّيوخ الخمسة: التِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ بالواسطة، وغيرهما من غير واسطة.
          أجمع العلماء على جلالته وعلمه، جاء رجل إلى الإمام مالك، وقال: قدم القعنبيُّ. فقال مالك: قوموا بنا إلى خير أهل الأرض. وسأل القعنبيَّ إنَّك حدَّثت ولم تكن تحدِّث؟ قال: رأيت في النَّوم كأنَّ القيامة قد قامت، فصيح بأهل العلم، فقاموا، فقمت معهم، فصيح بي أن اجلس، فقلت: إلهي، ألم(2) أكن معهم أطلب العلم؟ قال: بلى، ولكنَّهم نشروا، وأخفيته؛ فلذا حدَّثت.
          وقال عمرو بن عليٍّ: كان القعنبيُّ مجاب الدَّعوة. قال ابن السَّمعانيِّ(3) : كان من المتقشِّفة الخُشُن، وكان لا يحدِّث إلَّا باللَّيل، يقول لأصحاب الحديث: اختلفوا إلى من شئتم، فإذا كان باللَّيل ولم يحدِّثكم إنسان فتعالوا حتَّى أحدِّثكم. وربَّما خرج عليهم، وليس عليه إلَّا بارية، قد اتَّشح بها، وكان من المتقنين في الحديث.
          قال ابن خلِّكان(4) : هو من أجلَّة أصحاب مالك وفضلائهم، وثقاتهم، وخيارهم، وكان يسمَّى الرَّاهب؛ لعبادته وفضله. قال عبد الله بن أحمد بن الهيثم: سمعت جدِّي يقول: كنَّا إذا أتينا عبد الله بن مسلمة خرج علينا كأنَّه مشرف على جهنَّم.
          توفِّي بمكَّة مجاوراً في المحرَّم، أو صفر، سنة إحدى وعشرين ومئتين، وقيل: بالبصرة.
          - تتمَّة:
          القَعْنَبِيُّ، بفتح القاف، وسكون المهملة، وفتح النُّون، بعدها موحَّدة، نسبة إلى الجدِّ، ومَسْلَمَةُ، بفتح الميم، وسكون المهملة، وفتح اللَّام، آخرها هاء.


[1] وقال المزي في تهذيب الكمال مرة واحدة: يزيد بن أبي زريع 22/545.
[2] في (ن): (لم).
[3] الأنساب:4/531.
[4] وفيات الأعيان:3/40.