غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عبد الله بن وهب بن مسلم

          737 # عبدُ الله بنُ وَهْبِ بنِ مُسْلِم، أبو محمَّد، مولى بني(1) ريحانة، أو [مولى] بني فهر، قرشيٌّ، مصريٌّ.
          فقيه ثقة، حافظ عابد. طُلب للقضاء، فجننَّ نفسه، وانقطع. روي أنَّ مالكاً لم يكتب إلى أحد، وعنونه بالفقيه إلَّا إليه، وقال: إِّني نذرت أنِّي كلَّما اغتبت أن أصوم يوماً، فكنت أغتاب وأصوم حتَّى أجهدني الصَّوم، فنذرت كلَّما اغتبت أن أتصدَّق بدرهم، فمن حبِّ الدَّرهم تركت الغيبة. قاله الكرمانيُّ. قال ابن خلِّكان(2) : هو مالكيٌّ، مولى ريحانة.
          كان أحد أئمَّة عصره، وصحب الإمام مالك عشرين سنة، وصنَّف الموطَّأ الكبير والصَّغير. قال مالك في حقِّه: عبد الله بن وهب إمام. قال أبو جعفر: ارتحل ابن وهب إلى مالك سنة ثمان وأربعين (ومئة)، ولم يزل في صحبته إلى أن توفِّي مالك، وسمع من مالك قبل عبد الرَّحمن بن القاسم ببضع عشرة سنة، وكان مالك يكتب إليه إذا كتب في المسائل إلى: عبد الله بن وهب المفتي. ولم يكن يفعل هذا(3) مع غيره، وأدرك من أصحاب الزُّهريِّ أكثر من عشرين رجلاً، وذُكِرَ عند مالك ابنُ وهب، وابنُ القاسم، فقال: ابن وهب عالم، وابن القاسم فقيه.
          ولد في ذي القعدة، في سنة خمس، أو أربع وعشرين ومئة بمصر، وكان عالماً، خائفاً لله، وسبب موته أنَّه قرىء عليه كتاب الأهوال من جامعه، فأخذه شيء كالغشيِّ، فحمل إلى داره، فلم يزل كذلك إلى أن قضى نحبه بعد أيَّام، ولم يتكلَّم بكلمة. قال الكرمانيُّ: لمَّا سمع أهوال القيامة خرَّ مغشيًّا عليه حتَّى مات. قال ابن خلِّكان(4) : وقبره مختلف فيه، فمنهم من يقول: إنَّه ممَّا يلي أشهب. ومنهم من يقول: ممَّا يلي عبد الرَّحمن. قال: وفي بني مسكين قبر لطيف، محلَّق، يعرف بقبر عبد الله، وهو قبر قديم يشبه أن يكون قبره.
          سمع عبدُ الله (من): ابن جُريج، ومالك، وعمر بن محمَّد(5) ، والثَّوريِّ، ويونس بن يزيد، وعمرو بن الحارث.
          روى عنه: سعيد بن أبي مريم، وسعيد بن عُفير، وعثمان بن صالح، ويحيى بن سليمان، وأحمد بن صالح، وأحمد بن عيسى، وأحمد غير منسوب. /
          قال السُّبكيُّ في طبقاته(6) في ترجمة حَرْمَلَةَ بنِ يحيى: إنَّ ابن وهب أقام سنة ونصفاً مستخفياً من عَبَّاد لمَّا طلبه(7) ليولِّيه قضاء مصر. قال أحمد بن صالح: صنف ابن وهب مئة ألف وعشرين ألف حديث، عندي النِّصف، وعند حرملة الكلُّ. وقال الحضرميُّ: حديث ابن وهب كلُّه(8) عند حرملة إلَّا حديثين.
          وذكره البخاريُّ في مواضع، أوَّلها: في باب من يرد الله به خيراً يفقِّهه في الدِّين، من كتاب العلم [خ¦71] .
          توفِّي سنة سبع وتسعين ومئة، عن اثنتين(9) وسبعين سنة.
          وكان صدوقاً من العُبَّاد، تكلَّموا في وهمه، فكان يتساهل في السَّماع؛ لأنَّ مذهبه ومذهب أهل بلده أنَّ الإجازة يقولون فيها: حدَّثني وأخبرني. قاله أبو الفتح الأزديُّ.


[1] في (ن): (ابن).
[2] وفيات الأعيان:3/36، وقول الكرماني في شرح البخاري:2/36، حديث رقم (70).
[3] في غير (ن): (ذلك).
[4] نفس المصدر السابق والصفحة.
[5] في (ن): (وعمرو بن الحارث) وهو سبق نظر لأنه مكرر.
[6] طبقات الشافعية الكبرى:2/128، وترجمته فيه، وفي سير أعلام النبلاء:11/389.
[7] في غير (ن): (طلب).
[8] في غير (ن): (كان).
[9] في (ن): (اثنين).