غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عمران بن ملحان

          1017 # عِمْرانُ بنُ مِلْحَان _بكسر الميم، وسكون اللَّام، بعدها حاء مهملة، آخرها نون_ أبو رجاء، وقال عليُّ بن المدينيِّ، وعمرو بن عليٍّ، ويزيد بن هارون: اسمه عمران بن تيم. وقال الإمام أحمد: عمران بن عبد الله، العُطَارِدِيُّ _بضمِّ المهملة، وفتح الطَّاء المخفَّفة، وكسر الرَّاء والدَّال المهملة، نسبة إلى عطارد، (وهو) اسم لبعض أجداد المنتسب إليه_ وهو مشهور بكنيته. قال الإمام أحمد: هو من سبي كلاب(1) . يعني من اليمن، بصريٌّ.
          مخضرم، أدرك زمن النَّبيِّ صلعم وأسلم بعد فتح مكَّة، ولم ير النَّبيَّ صلعم، ولم يهاجر إليه.
          سمع: عمران بن حُصين، وابن عبَّاس، وسَمُرة بن جُندب.
          روى عنه: جَرير بن حازم، وعوف، ومهديُّ بن ميمون، وسَلْم(2) بن زَرير.
          روى عنه / البخاريُّ بالواسطة في مواضع، أوَّلها: في باب الصَّعيد الطَّيِّب(3) ، من كتاب التَّيمُّم.
          وعاش نحو مئة وثلاثين، أو أقلَّ أو أكثر. قال أبو رجاء: أدركت النَّبيَّ صلعم، وأنا شابٌّ أمرد، وكنت إمام الحيِّ في رمضان، وقد أتى عليَّ عشرون ومئة سنة.
          قال أبو رجاء: سمعنا برسول(4) الله صلعم، ونحن في مال لنا، فخرجنا هِرَاباً، فمررت بقوائم ظبي، فأخذتها وبللتها، وطلبت في غرارة لنا، فوجدت كفَّ شعير، فدققته بين حجرين، ثمَّ ألقيته في قدر، ثم فَصَدْنا عليه بعيراً لنا(5) ، فطبخته، وأكلت أطيب طعام أكلته في الجاهليَّة. قال جرير بن حازم: فقلت: يا أبا رجاء، ما طعم الدَّم؟ قال: حلو.
          قال: أبو عَمْرو بن العلاء: قلت لأبي رجاء: ما تذكر من أيام الجاهليَّة؟ قال: أذكر قتل بِسْطَام بن قيس. قال الأصمعيُّ: قتل بسطام قبل الإسلام بقليل، وقيل: كان قتله بعد المبعث.
          وأبو رجاء معدود في كبار التَّابعين، وهو ثقة، وقال أبو رجاء: كنت لمَّا بعث رسول الله صلعم أرعى الإبل وأخطمها، فخرجنا هِرَاباً منه، فقيل لنا: إنَّما يسأل هذا الرَّجل _يعني النَّبيَّ صلعم_ شهادة أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّداً رسول الله، فمن قالها أمن على دمه وماله. فدخلنا في الإسلام.
          قال خالد بن دينار: قلت لأبي رجاء: كنتم تحرِّمون الشَّهر الحرام؟ قال: نعم، إذا جاء رجب كنَّا ننزع أسنَّة الرِّماح، فلو مرَّ الرَّجل على قاتل أبيه لم يوقظه، ولو أخذ عُوداً من الحرم، فتقلَّده، فمرَّ على رجل قتل أباه لم يحرِّكه. قلت: ومثل من كنت حين بعث النَّبيُّ صلعم ؟ قال: كنت أرعى الإبل وأحلبها. وكان يخضب رأسه، ويترك لحيته بيضاء، واجتمع في جنازته(6) الحسن البصريُّ، والفرزدق الشَّاعر، فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد، تقول النَّاس: اجتمع في هذه الجنازة خير النَّاس وشرُّهم. فقال: (لست بخيرهم،) ولست بشرِّهم، ولكن ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّداً رسول الله. فقال: هذا العمود، فأين الأطناب؟
          وأبو رجاء من المعمَّرين، وأنشد الفرزدق _من (البحر) الطَّويل_:
ألم تَرَ أنَّ النَّاسَ ماتَ كبيرُهُمْ                     وقدْ كانَ قبلَ البَعْثِ بَعْثِ محمَّد
ولم يُغْنِ عنه عَيْشُ سبعينَ حجَّةً                     وستِّينَ لمَّا بات غير مُوَسَّد
          هذا كلام ابن الأثير(7) ، وهكذا قال ابن عون، وقيل: توفِّي سنة عشر ومئة، أو قبلها، أو بعدها بسبع سنين.


[1] في غير (ن): (الكلاب).
[2] في (ن) تصحيفاً: (مسلم).
[3] برقم (344).
[4] في غير (ن): (رسول).
[5] في (ه): (ثم قصدنا عليه بغير النار) وهو تصحيف، والمثبت موافق للاستيعاب لابن عبد البر:3/1209، وأسد الغابة:4/267.
[6] في (ن) تصحيفاً: (في جنازة).
[7] الأبيات مع الخبر في أسد الغابة:4/280- 281.