غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عقبة بن عامر بن عبس

          918 # عُقْبَةُ بنُ عامرِ بنِ عَبْسٍ، (أبو أَسَد،) ويقال: أبو حمَّاد، وأبو عمرو، الصَّحابيُّ الجُهَنيُّ، البصريُّ، تولَّى إمارة مصر لمعاوية ثلاث سنين.
          كان فقيهاً فاضلاً، اختلفوا في كنيته على سبعة أقوال، قال عقبة: قدم النَّبيُّ صلعم المدينة وأنا في غنم لي أرعاها، فتركتها، ثمَّ ذهبت إليه، فقلت: أتبايعني يا رسول الله؟ قال: «من أنت؟» فأخبرته، فقال: «أيُّما أحبُّ إليك، تبايعني بيعة أعرابيَّة أو بيعة هجرة»؟ قلت: بيعة هجرة. فبايَعنَي، وكان من أصحاب معاوية، وشهد صفِّين معه، وشهد فتوح الشَّام، وكان البريدَ إلى عمر بفتح دمشق، قال النَّوويُّ(1) : فوصل (إلى) المدينة في سبعة أيَّام، ورجع منها إلى الشَّام في يومين ونصف، ببركة دعائه عند قبر النَّبيِّ صلعم / وتشفيعه في تقريب طريقه.
          روى خمسة وخمسين حديثاً، وكان من أحسن النَّاس صوتاً بالقرآن، وكان يخضب بالسَّواد، ودخل عقبة المسجد الأقصى يصلِّي فيه، فرآه النَّاس فاتَّبعوه، فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: أتيناك لصحبتك لرسول الله صلعم ؛ لتحدِّثنا بما سمعت منه. قال: انزلوا فصلُّوا، إنِّي سمعت رسول الله صلعم يقول: «ما من عبد يلقى الله ╡ لا يشرك به شيئاً، ولم يتندَّ بدم حرام إلَّا دخل الجنَّة من أيِّ باب شاء».
          قال الكلاباذيُّ(2) : روى عنه أبو الخير اليَزْنيُّ _بفتح المثنَّاة التَّحتيَّة، وسكون الزَّاي(3)_ وبَعْجَة(4) بن عبد الله.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في الأضاحي [خ¦5547] ، واللِّباس [خ¦5801] ، وغيرهما.
          توفِّي بالشَّام في آخر خلافة معاوية. [قال ابن الأثير(5) : مات بمصر سنة ثمان وخمسين، قيل دفنوه بالمقطَّم(6) ] .
          قال ابن السَّمعانيِّ(7) : شهد عُقبة فتح مصر، واختطَّ بها(8) ، وولي الجند بمصر لمعاوية بن أبي سفيان سنة أربع وأربعين، ثمَّ أغزاه معاوية البحر(9) سنة سبع وأربعين، وكتب إلى مَسْلَمَةَ بن مَخْلَدٍ بولايته على مصر، فلم يظهر مسلمة ذلك، فبلغ ذلك عقبة، فقال: ما أنصفنا معاوية عزلنا وغرَّبنا.
          وكان عقبة قارئاً، عالماً بالفرائض والفقه، فصيح اللِّسان شاعراً، وله السَّابقة والهجرة، وكان كاتباً، وهو أحد من جمع القرآن، ومصحفُه بمصر إلى الآن بخطِّه على غير التَّأليف العثمانيِّ، وفي آخره: كتبه عقبة بن عامر بيده. قال(10) : ورأيت خطًّا جيِّداً، ولم يزل شيوخنا يقولون: إنَّه مصحف [عقبة،] لا يشكُّون فيه. انتهى كلام السَّمعانيِّ.


[1] تهذيب الأسماء للنووي:1/336.
[2] الهداية والإرشاد:2/563. وما بين حاصرتين منه.
[3] في صحيح البخاري بفتح الزاي، وكذا في كتب الضبط.
[4] في غير (ن) تصحيفاً: (ومعجمة).
[5] أسد الغابة:4/51. وتأخر قوله في غير (ن) إلى آخر ترجمته.
[6] في (ن) تصحيفاً: (المعظم).
[7] الأنساب:2/134.
[8] في (ن): (اختطه) وفي غيرها: (واختلط) وهو تصحيف، والمثبت من الأنساب، والخِطَّة بالكسر الأرض والدار يختطها الرجل في أرض غير مملوكة ليتحجرها ويبني فيها. (اللسان).
[9] في غير (ن): (ثم عزله معاوية سنة).
[10] القائل هو السمعاني، ورآه عند علي بن الحسن بن قديد.