غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عوف بن أبي جميلة

          1027 # عَوْف بن أبي جَميلة _بالفاء في آخر اسم الولد، وأمَّا الوالد، فهو بفتح الجيم، وكسر الميم_ واسمه بَنْدَه، بفتح الموحَّدة وسكون النُّون، بعد المهملة هاء غير ظاهرة في الصَّوت، وإنَّما كتبت لتظهر فتحة الدَّال، لفظة(1) فارسيَّة معناها العبد، وقال الكرمانيُّ(2) : اسمه بَنْدُويَه، بفتح الموحَّدة، وسكون النُّون، وضمِّ الدَّال، وفتح المثنَّاة التَّحتيَّة، ويقال: هو اسم أمِّه، وقال أبو بحر البكراويُّ: قلت لعوف: ابن من أنت؟ قال: عوف بن رُزَيْنة. وهو الذي ذكره ابن السَّمعانيِّ(3) . قال ابن سعد: هو مولى لطَيٍّ، يقال له: الأعرابيُّ، ولم يكن أعرابيًّا، وكنيته أبو سَهْل البَزَّاز، العبديُّ، الهجريُّ، البصريُّ.
          تابعي، ثقة، لكنَّه رمي بالقدر، وبالتَّشيُّع، هو من صغار التَّابعين، وثَّقه أحمد، وابن معين، وقال النَّسائيُّ: ثقة ثبت. وقال محمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ: كان من أثبتهم جميعاً، ولكنَّه كان قدريًّا. وقال ابن المبارك: كان قدريًّا شيعيًّا. قال ابن حجر(4) : احتجَّ به الجماعة.
          قال مسلم في مقدِّمة(5) كتابه: وإذا وازنت بين الأقران كابن عون وأيُّوب مع عوف بن أبي جميلة الأعرابيِّ وأشعث الحمرانيِّ، وهما صاحبا(6) الحسن وابن سيرين، كما أنَّ ابن عون وأيُّوب صاحباهما إلَّا أنَّ البون بينهما وبين هذين بعيد في كمال الفضل / وصحَّة النَّقل، وإن كان عوف وأشعث غير مدفوعين عن صدق وأمانة عند أهل العلم، ولكنَّ الحال على ما(7) وصفنا عند أهل العلم، وإنَّما مثَّلنا هؤلاء في التَّسمية ليكون تمثيلهم سمة يصدر عن فهمها من غَبِيَ عليه طريق لأهل(8) العلم في ترتيب أهله فيه، فلا يقصر بالرَّجل العالي القدر عن درجته، ولا يرفع مُتَّضِع القدر والعلم فوق منزلته، ويعطي كل ذي حقٍّ فيه حقَّه، وينزَّل منزلته، وقد ذكر عن عائشة ♦ أنَّها قالت: أمرنا رسول الله صلعم أن ننزل النَّاس منازلهم. مع ما نطق به القرآن من قول الله تعالى: { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } [يوسف:76] انتهى كلام مسلم.
          قال الكلاباذيُّ(9) : إنَّه سمع أبا رجاء العُطَارِدِيَّ، والحسن، وسعيد ابني أبي الحسن، ومحمَّد بن سيرين، وسَيَّار بن سَلاَمة، روى عنه ابن المبارك، ويزيد بن زُريع، ويحيى القطَّان، ورَوْح بن عُبَادة، وعثمان بن الهيثم.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة في مواضع، أوَّلها: في باب اتباع الجنائز، من أواخر كتاب الإيمان [خ¦47] .
          قال عوف: أنا أكبر من قتادة بسنتين. قال أبو عاصم: دخلنا على عوف سنة ستٍّ وأربعين، فقلنا له: كم أتى عليك؟ قال: سبع وثمانون سنة. فخرجنا إلى مكَّة، فأتانا خبر موته، ونحن بالطَّريق.
          مات سنة ستٍّ، أو سبع وأربعين ومئة.


[1] في (ن) تصحيفاً: (لفظية).
[2] شرح البخاري:1/184.
[3] الأنساب:1/187، وجاء اسم أبي بحر في الأصل: (أبو بكر الحراوي) وفيه تحريف، والمثبت من كتب التراجم والسنن، واسمه عبد الرحمن بن عثمان، وفيه ضعف، وانظر التاريخ الأوسط للبخاري:2/277، وفيه يقول: قال أحمد: طرح الناس حديثه. قال محمد بن إسماعيل: لم يتبين طرحه.
[4] مقدمة الفتح: ص433.
[5] مقدمة صحيح مسلم، تح عبد الباقي:1/4.
[6] في (ن): (صاحب).
[7] في غير (ن): (كما).
[8] في غير (ن): (أهل).
[9] الهداية والإرشاد:2/587.