غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عارم بن الفضل

          591 # عَارِمُ بنُ الفَضْل _بعين مهملة، وبعد الألف راء مهملة_ لَقَبُ محمَّد بن الفضل، وسيأتي (في) ترجمته إن شاء الله تعالى، / ولكنِّي ذكرته ههنا لشهرته باللَّقب، فهو:
          محمَّد بن الفضل، أبو النُّعمان، السَّدُوسِيُّ، البصريُّ.
          ثقة، ثبت، صدوق، متسلِّم.
          قال البخاريُّ: تغيَّر في آخر عمره. قال أبو حاتم: إذا حدَّثك عارم فاختم عليه. يعني احترص على كلامه، فإنَّه جدير بذلك.
          قال الكرمانيُّ(1) : عارم لقب رديء؛ لأنَّ العارم الشِّرير المفسد، وكان ☺ بعيداً منه، لكنَّه اشتهر به، ولزمه هذا اللَّقب، وروى عنه الذُّهْلِيُّ، وقال: كان بعيداً من العَرَامة. ثم قال الكرمانيُّ(2) في باب من رفع صوته: وأقول: يحتمل أن يكون لقباً صالحاً من قولهم: عَرَمْتُ العظم أي عرقته، فالعارم معناه العريق، أي المبالغ في الدِّين أو العلم ونحوه.
          قال أبو نصر(3) : سمع عارم جرير بن حازم، وأبا عَوَانة، وحمَّاد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد، ومعتمراً. روى عنه البخاريُّ من غير واسطة، في آخر كتاب الإيمان [خ¦58] ، وغير ذلك، وروى أيضاً عنه بواسطة عبد الله بن محمَّد المُسْنَدِيِّ في الأدب [خ¦6003] .
          اختلفوا في موته، فعن ابن السَّمعانيِّ(4) أنَّه سنة أربع وعشرين ومئتين جزماً، وفي الكرمانيِّ أنَّه سنة أربع، أو ستٍّ وعشرين، وقال أبو نصر الكلاباذيُّ: قال البخاريُّ: جاءنا بُعيد سنة أربع وعشرين. على صيغة تصغير(5) بعد، فظهر أنَّه كان حيًّا بعد أربع وعشرين، وفي رواية: جاءنا نعيُه. بدل بُعيد، فظهر أنَّه كان حيًّا حينئذ.
          فائدة:
          قال ابن السَّمعانيِّ(6) : اختلط عارم في آخر عمره، [وتغيَّر] حتَّى لا يدري ما يحدِّث به، فوقع المناكير الكثيرة في روايته، فما روى عنه القدماء قبل اختلاطه إذا عُلم أنَّ سماعهم قبل تغيُّره يحتجُّ به. قال: فإن احتجَّ به محتجٌّ بعد العلم بما ذكرت أرجو أن لم يُجرحْ(7) في فعله ذلك، وأمَّا رواية المتأخِّرين عنه فلا يجب إلَّا التَّنكيب(8) عنها على الأحوال، وإذا لم نعلم [التَّمييز] بين سماع المتقدِّمين والمتأخِّرين عنه يُترك الكلُّ(9) ، ولا يحتجُّ بشيء منه. قال: وهذا حكم كلِّ من تغيَّر في آخر عمره واختلط، إذا كان قبل الاختلاط صدوقاً ممَّن يعرف بالِكتْبَةِ(10) والإتقان. قال: وسمع منه البخاريُّ قبل الاختلاط.


[1] شرح البخاري:1/219.
[2] شرح البخاري:2/6، برقم (59).
[3] الهداية والإرشاد:2/674.
[4] الأنساب:7/105.
[5] في غير (ن): (التصغير).
[6] الأنساب:7/104.
[7] في (ن): (يخرج) وفي خيرها: (حرّج) والمثبت من الأنساب:3/236، والمجروحين:2/295.
[8] في (ن) تصحيفاً: (التنكير).
[9] في (ن): (يترك ما فعل).
[10] في الأصول (بالكنية) وهو تصحيف، والمثبت موافق لما في الأنساب 3/236، وصاحب الأنساب إنما ينقل كلام ابن حبان في عارم من كتابه (المجروحين:2/295)، وقد صرح بذلك، وما بين حاصرتين مستدرك منه.