غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

عبد الله بن زمعة

          666 # عبدُ الله بنُ زَمَعَةَ _بفتحات، وروي إسكان الميم_ بن الأَسْوَد بنِ المُطَّلبِ، القرشيُّ المدنيُّ، الصَّحابيُّ، الأَسَدِيُّ.
          قال ابن حجر(1) : له في صحيح البخاريِّ حديث واحد. قلت: لكنَّه مكرَّر، فإنَّ البخاريَّ نقل عنه في النِّكاح [خ¦5204] ، والأنبياء [خ¦3377] ، وتفسير والشَّمس [خ¦4942] .
          روى عنه عروة بن الزُّبير(2) .
          توفِّي رسول الله صلعم وهو ابن خمس عشرة سنة، قاله الكلاباذيُّ.
          قال ابن الأثير(3) : وأمُّه قُريبة بنت أبي أميَّة بن المغيرة، أخت أمِّ سلمة أمِّ المؤمنين. كان من أشراف قريش، وكان يَأْذَنُ على النَّبيِّ صلعم، وقتل زمعة يوم بدر كافراً، وكان الأسود من المستهزئين { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ } [الحجر:91](4) وأهلكه الله تعالى فيمن هلك، بأسرع وأعجب حال.
          تتمَّة:
          قال محيي السُّنَّة في تفسيره(5) : إنَّ المستهزئين / خمسة نفر، من رؤساء قريش: الوليد بن المغيرة المخزوميُّ _وكان رأسَهم_ والعاص بن وائل السَّهْميُّ، والأَسْوَد بن المطَّلب، جدُّ عبد الله هذا، وكان صلعم قد دعا عليه، وقال: «اللهم اعم(6) بصرَه، واثكله بولده». والأسودُ بنُ [عبد] يَغُوْثَ، والحارث بن قيس بن الطُّلاَطِلَةِ، فأتى جبريلُ النَّبيَّ صلعم، والمستهزؤون يطوفون بالبيت، فقام جبريل، وقام النَّبيُّ صلعم إلى جنبه، فمرَّ به الوليد بن المغيرة، فقال جبريل: يا محمَّد، كيف تجد هذا؟ قال: بئسَ عبدُ الله. قال: قد كُفيت(7) . وأومأ إلى ساق الوليد، فمرَّ بنَبَّالٍ من خُزاعة يَريش نبلَه، وعليه بُرْدٌ يمان، وهو يجرُّ إزاره، فتعلَّقت شَظِيَّةٌ من نبل بإزاره، فمنعه الكِبْر أن ينحني فينزعها، فجعلت تضرب ساقه، فخدشته، فمرض منها، وهلك، ومرَّ به العاص بن وائل، فقال جبريل: كيف تجد هذا يا محمَّد؟ فقال: بئس عبد الله. فأشار جبريل إلى أخمص رجليه، وقال: قد كفيت. فخرج على راحلته، ومعه ابنان له يتنزَّه، فنزل شِعْباً، فوطئ على شُبْرُقة، فدخلت منها في أخمص رجله، فقال: لدغت، [لدغت] . فطلبوا، فلم يجدوا شيئاً، وانتفخت حتَّى صارت مثل عنق البعير، فمات مكانه، ومرَّ به الأسودُ بنُ المُطَّلبِ، فقال جبريل: كيف تجد هذا؟ فقال: عبد سوء. فأشار بيده إلى عينيه، وقال: قد كفيت. فعمي، قال ابن عبَّاس: رماه جبريل بورقة خضراء، فذهب بصره، ووجعت عينه، فجعل يضرب(8) برأسه الجدار حتَّى هلك. وفي رواية الكلبيِّ: أتاه جبريل، وهو قاعد في أصل شجرة، ومعه غلام [له] ، فجعل ينطح رأسه بالشَّجرة، ويضرب رأسه ووجهه بالشَّوك، فاستغاث بغلامه، فقال غلامه: لا أرى أحداً يصنع بك غير نفسك. حتَّى مات، وهو يقول: قتلني ربُّ محمَّد. ومرَّ به الأسودُ بنُ [عبد] يَغُوثَ، فقال جبريل: كيف تجد هذا؟ قال: بئس عبد الله، على أنَّه خالي. فقال: قد كفيت. وأشار إلى بطنه، فاستسقى بطنه، فمات حيناً. وفي رواية الكلبيِّ أنَّه خرج من أهله، فأصابه السَّموم، فاسودَّ حتَّى عاد حبشياً، فلم يعرفوه(9) ، وأغلقوا دونه الباب حتَّى مات، وهو يقول: قتلني ربُّ محمَّد. ومرَّ به الحارث بن قيس، فقال جبريل: كيف تجد هذا؟ قال: عبد سوء. فأومأ إلى رأسه، وقال: كفيت. فامتخط قيحاً، فقتله، وقال ابن عبَّاس: إنه أكل حُوتاً مالحاً، فأصابه العطش، فلم يزل يشرب عليه الماء حتَّى انشقَّ بطنه، فمات؛ فذلك قوله تعالى: { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ* الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهًا آخَرَ } [الحجر:95-96]
          قال ابن الأثير(10) : قتل عبد الله مع عثمان يوم الدَّار، وكان لعبد الله ابن اسمه يزيد، قتل يومَ الحَرَّة صَبْراً، قتله مُسْلِم بنُ عُقْبَةَ المُرِّيُّ.


[1] مقدمة الفتح: ص475.
[2] في الأصول: (عروة بن هشام)، والمثبت من الهداية والإرشاد: للكلاباذي:1/389.
[3] أسد الغابة:3/246.
[4] في (ن): (كالذين جعلوا..).
[5] تفسير البغوي:4/395.
[6] في غير (ن): (كفَّ).
[7] في غير (ن): (كفيته).
[8] في (ن): (يضطرب).
[9] في (س): (فأتى أهله).
[10] أسد الغابة:3/413، 249.